الطب > متلازمات طبية
48 _ متلازمة الطفل الرمادي
عندما ننظر إلى الأطفال فإننا في العادة نشعر بسعادة عارمة في المقام الأول، فهؤلاء يجسّدون البراءة واللطافة في أبهى صورها ونشعر أيضاً برغبة "في التهامهم"* فهم ظرفاء، تدغدغ ضحكتهم عواطفنا ومشاعرنا، لكن للأسف فإنهم قد يصابون بمرضٍ نادرٍ وخطير، يهدد حياتهم، يُسمى بمتلازمة** الطفل الرمادي. سنتعرف في هذا المقال إلى تعريف هذا المرض وأسبابه وأعراضه وطرق الوقاية والعلاج..
في الحالات الاعتيادية لإعطاء الدواء، فإن الأدوية التي تُؤخذ عن طريق الفم، تمر في المعدة والأمعاء حيث يتم امتصاصها، ومن ثم تمر إلى الكبد حيث تقوم الإنزيمات*** الكبدية باستقلاب هذا الدواء، لكن لدى الأطفال الصغار والمولودين حديثاً فإن هذه الإنزيمات قد لا تكون كاملة النشاط والتشكل، وبالتالي فإن معظم الأدوية لن يتم استقلابها وإزالة سميتها، وبالتالي سيتعرض الأطفال لسميّةٍ شديدة إذا ما أُعطوا هذه الأدوية.
وانطلاقاً من هذا المفهوم يمكننا تعريف متلازمة الطفل الرمادي على أنها: متلازمة ناتجة عن التسمم الدوائي بالكلورامفينيكول chloramphenicol (وهو أحد المضادات الحيوية) عند الأطفال حديثي الولادة، وبالتحديد أولئك الذين ولِدوا بشكل مبكر، فيتجمع الكلورامفينيكول في الجسم مسبباً انخفاضاً في الضغط وزرقةً في الجلد والشفاه وسرير الظفر****، والتغير اللوني هذا يحدث نتيجة نقص الأوكسجين ،وهذا اللون الأزرق الضارب للرمادي هو الذي أعطى المتلازمة اسمها.
تصيب هذه المتلازمة الأطفال حديثي الولادة وبالتحديد الذين ولِدوا قبل أوانهم، ولكنها لا تقتصر على هذه الفترة العمرية بل تشمل الأطفال الذين تصل أعمارهم إلى سنتين في حال كانت أمهاتهم قد تعاطين الكلورامفينيكول قبل فترةٍ قصيرةٍ من ولادتهن لهؤلاء الأطفال.
وبالتالي نستنتج أن المتلازمة قد تصيب الأطفال نتيجة معالجتهم بهذا الدواء أو نتيجة تعاطي أمهاتهم لهذا الدواء.
الوقاية والعلاج:
بالنسبة للوقاية فهي ببساطة عدم إعطاء الكلورامفينيكول للأطفال أو إعطاؤهم إياه بجرعاتٍ منخفضةٍ عند الضرورة ولحسن الحظ لم نعد بحاجةً ماسةٍ إليه نتيجة وجود مضاداتٍ حيويةٍ أخرى أكثر أماناً، وبما أن الأمهات قد يستببن بإصابة أطفالهم بهذه المتلازمة إذا تعاطوا الدواء فلا يجب عليهن تعاطيه وكذلك بالنسبة للمرضعات حيث يمكن انتقال الدواء إلى الطفل عن طريق الرضاعة.
بالنسبة للعلاج: فحال ظهور الأعراض (التي تظهر غالباً بعد 2-9 أيام من تعاطي الدواء) يتوجب إيقاف الدواء وربما يحتاج الطفل إلى عملية نقلٍ للدم(لأن الدواء يكون موجوداً بتراكيز مرتفعةٍ في دمه فلا بد من حصوله عندها على دمٍ سليمٍ من متبرع).
وللأسف فإن الأطفال الذين لا يُعالجون أو لا ينفع معهم العلاج فإن مصيرهم على الأغلب هو الموت.
الحاشية:
*لقد تحدثنا في مقال سابق عن سبب شعورنا برغبة في "عض" الكائنات اللطيفة ومنها الأطفال الصغار وهناك تفسير علمي لفكرة الرغبة "بالعض" بإمكانكم قراءتها في هذا المقال:
**المتلازمة: مجموعة من الأعراض والعلامات التي تدل-بوجودها معاً على حالة مرضية معينة أما وجود بعضها فقط فلا يدل على ذلك.
*** الإنزيمات هي بروتينات خاصة في الجسم مهمتها تسريع التفاعلات الكيميائية في الجسم، والاستقلاب هو مجموعة تفاعلات البناء والهدم في الجسم
****الظفر ليس فقط ما نقوم بقصه عادةً بل هو كل القسم المتقرن (الخلايا الميتة) الصلب الموجود في مقدمة أصابع القدم واليد.
المصادر:
Lippincott Illustrated Review، 6th edition، Karen Whalen
حقوق الصورة:
www.jetasolutions.co.uk