الغذاء والتغذية > تغذية الأطفال
علاقة التغذية باضطراب فرط النشاط وقلة التركيز ADHD
يعاني ملايين الأطفال من اضطراب فرط النشاط ونقص التركيز ADHD وتتنبأ الدراسات بتزايد مخيف في المستقبل. وهو عبارة عن اضطراب سلوكي يصيب الأطفال ويلازمهم في 60% من الحالات حتى مرحلة البلوغ، يتمثل بمجموعة من الأعراض كقلة التركيز وفرط النشاط والاندفاع.
بينما لاتزال الأسباب الدقيقة لهذا الاضطراب غير معروفة إلا أن الباحثين يزدادون اقتناعاً يوماً بعد يوم أن العامل المسبب قد يعود إلى اشتراك صفات وراثية إضافة الى تغيرات تطرأ على بنية الدماغ والتعرض لعوامل بيئية معينة.
على الرغم من أن هذه الدراسات لم تثبت حتى الآن أن الغذاء هو المسبب المباشر لهذا الاضطراب إلا أنها أكدت على دور التغذية الجيدة في التخفيف من حدة الأعراض وعلى نقيض ذلك دور العادات الصحية الخاطئة في زيادة وتفاقم حدة الأعراض.
العادات الغذائية الخاطئة التي تزيد من حدة الأعراض...
ازداد إنتاج الملونات الصناعية بحوالي الخمسة أضعاف خلال العقود الأخيرة وارتبط ذلك بتزايد الإصابة باضطراب النشاط وقلة التركيز ADHD مما يفسر اهتمام الباحثين لأكثر من ثلاثين عاماً بدراسة علاقة الملونات الغذائية بفرط النشاط لدى الاطفال.
هذا ما أكدته دراسة أجرتها وكالة المعايير الغذائية البريطانية United Kingdom’s Food Standards Agency عام 2007. في هذه الدراسة أُعطيت ثلاثة أنماط من المستحضرات لثلاثة فئات عمرية (ثلاث سنوات-ثماني سنوات-تسع سنوات)، حيث احتوى النمط الأول على مجموعة من الملونات الغذائية (أصفر غروب الشمس E110، الكارموزين E122، الترترازين E102، البونسو E124) ومادة حافظة هي بنزوات الصوديوم. واحتوى النمط الثاني على مجموعة أخرى من الملونات الغذائية (أصفر الكينولون 104E، أحمر الألورا E129، ملون أصفر غروب الشمس والكارموزين) إضافة إلى بنزوات الصوديوم أما النمط الثالث فهو عبارة عن مستحضرٍ خالٍ من المواد المضافة؛ بعد ذلك تم تقييم السلوك من قبل الأهل والأساتذة.
أظهرت الدراسة أن سلوك فرط النشاط للمجموعات العمرية (ثماني وتسع سنوات) ازداد عند استهلاك المستحضرين الأول والثاني بينما ازداد عند مجموعة الثلاث سنوات لدى استهلاك المستحضر الأول ولم يزداد بالضرورة بعد تناول المستحضر الثاني، مما يؤكد على دور الملونات الصناعية في التأثير السلبي على السلوك.
من جهة أخرى أظهرت الدراسات أن السكاكر والكربوهيدرات المصنعة قد تؤثر في زيادة فرط النشاط لأنها تتسبب بزيادةٍ سريعةٍ في تركيز غلوكوز الدم، ينتج عنها اندفاع سريع للأدرينالين الذي يؤدي بالتالي إلى زيادة نشاط الطفل.
بالمقابل هل يمكن للتغذية أن تلعب دورا في علاج ADHD؟
على الرغم من أن التدخل الدوائي هو العلاج التقليدي ل ADHD و بعيداًعن الدراسات المؤيدة والمعارضة لذلك، أظهرت الأبحاث نتائح إيجابية وواعدة لأثر النظام الغذائي في التخفيف من حدة الأعراض بشكل ملحوظ.
فقد وجدت الأبحاث أن الأشخاص المصابين ب ADHD يعانون نقصاً واضحاً في العديد من العناصر الغذائية الدقيقةMicronutrients كالأحماض الدهنية متعددة عدم الإشباع "PUFA" والزنك والمغنزيوم والحديد.
الزنك...
من المعروف أن الزنك يلعب دوراً هاماً في تطور الدماغ والحفاظ على وظائفه، وبينت الدراسات أن إعطاء مكملات غذائية من كبريتات الزنك بجرعة 150 ملغ/يوم لمدة 12 أسبوعاً حسنت من أعراض فرط النشاط وقلة التركيز عند مجموعة مؤلفة من 400 طفل يبلغ متوسط عمرهم حوالي العشر سنوات.
المغنزيوم...
يتدخل المغنزيوم في عمليات استقلاب الطاقة والإشارات العصبية الخلوية وتدفق الدم في الدماغ مما يعني أنه يلعب دوراً هاماً في ضبط وظائف الدماغ. بينت إحدى الدراسات أن 95% من الأطفال الذين يعانون من ADHD يملكون تراكيز منخفضة من المغنزيوم بالمقارنة مع الأطفال الأصحاء، لذا توجه الباحثون لدراسة تأثير المكملات من المغنزيوم على شدة الأعراض. أجريت إحدى الدراسات على 75 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 7-12 سنة تم إعطاؤهم 200 ملغ/يوم من المغنزيوم، وبينت النتائج تحسناً واضحاً في شدة الأعراض بالمقارنة مع الأطفال الذين لم يستعملوا مكملات المغنزيوم وذلك بعد 6 أشهر من البحث.
الحديد...
تؤكد الدراسات أن انخفاض تركيز الحديد المرافق لحالات ADHD يؤثر في الإدراك والسلوك، وذلك لأن الحديد يعمل كعامل مساعد لعمل إنزيم tyrosine hydroxylase الذي يتدخل في تصنيع الدوبامين (أحد النواقل العصبية في الدماغ).
للتأكد من دور مكملات الحديد، أجريت إحدى الدراسات على 23 طفل تتراوح أعمارهم بين 5-8 سنوات. تم إعطاء الأطفال 80 ملغ من الحديد في اليوم لمدة 12 أسبوع، حيث بينت النتائج تحسناً ملحوظاً في أعراض ADHD.
الحموض الدسمة متعددة عدم الإشباع ...
تعتبر الحموض الدسم متعددة عدم الإشباع من المواد الغذائية الضرورية لتطور الدماغ والجملة العصبية والحفاظ على وظائفها الطبيعية. بشكل عام فإن الحميات الغذائية الغربية تفتقر إلى هذه الأنواع من الحموض الدسمة، كما أنها تحوي على بعض المواد التي تزيد من استقلابها وتخربها. بينت العديد من الأبحاث أن انخفاض مستوى هذه الحموض قد يكون سبباً في الإصابة باضطراب ADHD، ونظراً لأهمية هذه الحموض الدسمة فقد تم التطرق لدور مكملات زيت السمك في تحسين انتباه الأطفال في مقال منفرد...(هنا).
أخيراً لابد من التأكيد على أن العديد من الدراسات أكدت أن تغيير النظام الغذائي واتباع حمية خالية من الملونات وغنية بالأحماض الدهنية غير المشبعة “PUFA” والمكملات الغذائية (الزنك – المغنيزيوم – الحديد - Omega3) كفيل بالتخفيف من حدة الأعراض بشكل ملحوظ، إلا أن العديد من الدراسات الأخرى لاتزال قائمة لتحديد الكمية المثلى من هذه المكملات اللازمة لتخفيف حدة أعراض هذا الاضطراب. كذلك لابد من التأكيد أن اتباع الحمية الغذائية السابقة يجب أن يتم بالمشاركة مع استعمال العلاجات الدوائية المختلفة وفق الاستشارة الطبية.
المصادر:
1. هنا
2. هنا
3. هنا
4. هنا
5. هنا