الهندسة والآليات > كيف تعمل الأشياء
الطابعة ثلاثية الأبعاد: الجزء الأول
من المعروف أن الصناعة مرت بمراحل تاريخية من التغيير الجذري في طرق التصنيع وأساليب الإنتاج، سميت بـ
"الثورات الصناعية ".
فبدأت الثورة الصناعية الأولى(1850-1750) مع اختراع الآلات البخارية ودخول المكننة في صناعة النسيج.
أما الثورة الصناعية الثانية، فبدأت في أوائل القرن العشرين مع إبداعات هنري فورد في خطّ الإنتاج المتحرك، ودخول الأتمتة في عملية التصنيع.
وجاءت الطباعة ثلاثية الأبعاد كتقنية جديدةً ومهمةً، حلَّت الكثير من مشاكل الصناعة التي واجهتها من قبل، فأمكن من خلالها طباعة(تصنيع) أشياء كثيرة وبتصاميم لا محدودة، بدءاً من الكؤوس مروراً بالسيارات والمحركات وانتهاءً بالأعضاء الحية.
ومع بدايةالعام2009م بدء اهتمام الإعلام يتزايد بشكل كبير بالطابعات ثلاثية الأبعاد، وشهدت الأعوام القليلة الماضية قفزات نوعية في مجال الطباعة ثلاثية الأبعاد، جعلها صالحة للاستخدام المنزلي بكلفة تبدأ من 500$ فقط، فهل يمكن أن تكون الطباعة ثلاثية الأبعاد ثورة صناعية ثالثة؟! .
سنحاول الإجابة على هذا السؤال بعد أن نتعرف على تاريخ الطباعة ثلاثية الأبعاد، تقنياتها، استخداماتها وأهميتها.
1- بين عامي 1986-1983م:
اخترع تشاك هيل " Chuck Hull " نظام التجسيم" stereolithography "، وأسس بعدها شركة " 3D System " التي تعد إحدى أضخم الشركات المختصة بتكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد في العالم حالياً وتم إصدار أول آلة للتجسيم
Stereolithography apparatus (SLA) عام 1987م.
ويُعدُّ تشاك هيل أبو الطباعة ثلاثية الأبعاد.
2- في عام1987م:
ابتكار تقنية تلبد المعدن الانتقائي " RP process-Selective Laser Sintering (SLS)”،
بواسطة كارل ديكارت -Carl Deckard الذي كان يعمل في جامعة تكساس، وحصل على براءة اختراع لها عام 1989م ورُخِصت في وقت لاحق لشركة. DTM
3- في عام 1989م:
حصل سكوت كرامب "Scott Crump" على براءة اختراع لتقنية
" Fused Deposition Modeling(FDM)". قام سكوت مع زوجته بعدها بإنشاء شركة
" ® Stratasys" والمصطلح (FDM) هي علامة تجارية للشركة.
تستخدم طابعات RepRap تقنية مماثلة تقريباً لكن أسمتها
"(Fused Filament Fabrication (FFF".
4- في عام 1996:
تم اختراع الطباعة ثلاثية الأبعاد " Three Dimensional Printing(3DP)" في عام 1993م، حيث قدم معهد ماساشوستس للتكنولوجيا MIT الطباعة ثلاثية الأبعاد بمفهومٍ أخر، حصل المعهد على براءة اختراع، وبدأ في مشروع شركة Z التي أصبحت خلال أقل من عقدين من الزمن المورد الرئيسي والأكبر للطابعات ثلاثية الأبعاد في العالم، وقد استمدت اسمها وبجدارة من المحور Z الذي يضيف بعداً ثالثاً (العمق).
في عام 2011م، تم شرائها من قبل شركة D systems3، وهذا ساعد في دفع عجلة التطوير للطباعة ثلاثية الأبعاد.
5- بين عامي (1996-2007):
ظهرت حرب الأسعار مع محاولة تحسين الدقة والسرعة والمواد المستخدمة في الطباعة، وكانت الحرب مشتعلة في سوق الطابعات ثلاثية الأبعاد لإنتاج طابعة بكلفة أقل من $5000.
6- بين عامي (2007-2009):
استطاع الدكتور أدريان بوير " Dr. Adrian Bowyer " وفريقه تطوير مفهوم RepRap مفتوح المصدر open source عام 2007م، وأخذ هذا المفهوم بالانتشار الكبير.
وفي كانون الثاني من عام 2009م، تمت صناعة " 3D RapMan BFB" بناءً على مفهوم RepRap، تلتها صناعات شركة "Makerbot " في نيسان من العام نفسه.
7- من عام 2009 وحتى الآن:
لا تزال تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد في تطور مستمر حتى الوقت الحالي.
ولكن ماهي الطباعة ثلاثية الأبعاد؟
الطباعة ثلاثية الأبعاد " Three dimensional printing" أو التصنيع الطبقي التزايدي " additive manufacturing”:
وهي العملية التي يتم خلالها صناعة كائن مادي ثلاثي الأبعاد، حيث تقوم الطابعة ثلاثية الأبعاد بطباعة التصميم الرقمي الموجود على الحاسوب بصيغة STL، عن طريق إضافة طبقات متعاقبة ودقيقة جداً (لا يتجاوز سمكها أجزاء من الميليمتر) من المواد حتى يتم إنشاء الكائن بأكمله.
ولا تختلف الطابعة ثلاثية الأبعاد كثيراً عن الطابعة العادية إذ أن مبدأ عمل الطابعة ثلاثية الأبعاد مشابه تماماً لمبدأ عمل الطابعة العادية، فبينما تقوم الطابعة العادية بطباعة الحبر على الورق تقوم الطابعة ثلاثية الأبعاد بصف الذرات فوق بعضها البعض لإنشاء أو طباعة جسم ثالثي الأبعاد. تستطيع الطابعة ثلاثية الأبعاد طباعة(صناعة) المجسمات والأدوات بخيارات لا محدودة، بمختلف المواد والمعادن، كطباعة قطع السيارات، والكؤوس والفناجين، أو الشوكولا، وحتى الأسنان، والأعضاء الحية.
ولكن الطابعة ثلاثية الأبعاد التي نراها حالياً بدقتها وسرعتها لم تولد بين ليلة وضحاها، إذ أنها تعد تطويراً عن آلة صنع النماذج السريعة "rapid prototyping machine" وهي آلة كانت مستخدمة منذ عدة سنوات من قبل المهندسين والمصممين إلا أنها كانت تعاني من مشاكل في جودة المواد المستخدمة والتي لم تكن آمنة، وسرعة الإنتاج البطيئة، والتكلفة العالية، إضافة إلى أن الهدف الوحيد منها كانت صناعة نماذج توضيحية فقط، وبدأت القفزة النوعية نحو تطور الطابعة ثلاثية الأبعاد حين قامت شركات مثل 3D System تحسين جذري للمواد المستخدمة في الطباعة كالمواد النانوية، و الخلائط المختلفة من المواد البلاستيكية أو المعدنية،استطاعت هذه المواد أن تحاكي بمتانتها المواد القوية كالفولاذ ما سهل استخدامها في الصناعة.
كيف يتم تصميم شكل ثلاثي الأبعاد؟
هناك طريقتان لتصميم مجسم لشيء ثلاثي الأبعاد:
حيث يمكنك تصميمه باستخدام أحد برامج الرسم على الكمبيوتر «CAD»، ومن ثم تحويله لصيغة STL . أو يمكنك القيام بمسحه ضوئياً«scan» باستخدام ماسح ضوئي ثلاثي الأبعاد.
وفي كلتا الحالتين، تقوم الطابعة ثلاثية الأبعاد بتلقي الأوامر التي تسمح لها بتحويل الملف الرقمي ببياناته ثلاثية الأبعاد إلى طبقات والتي سوف يتم طباعتها «أو على الأصح تشكيلها» باستخدام الخامات المختلفة.
سنكمل في المقال التالي عن الطابعات ثلاثية الأبعاد وسنتحدث عن تقنياتها، تابعونا
المصدر:
ترجمة: محمد أحمد جديد.
الاستاذ المشرف: لؤي حمرة.