الهندسة والآليات > هندسة البترول والغاز
الحفرُ المُوَجّه: الاحتيال على العوائق الطبيعية والاستراتيجية
تَخيل وجودَ كميةٍ كبيرةٍ من النفطِ تحتَ برج إيفل، أو أنّ إحدى الشركات اكتشفت وجودَ مخزونٍ نفطيٍّ استراتيجي تحت مدينة لوس أنجلوس الأمريكية أو تحت شواطئ اللاذقية أو بيروت.
عندها، ماذا ستكون الطريقة المناسبة لاستخراجها دون إحداث أي ضرر في البيئة المحيطة، وبأقل التكاليف؟
في الواقعٍ توصلَ العلمُ الحديثُ في مجال الصناعة النفطية إلى طريقةٍ متطورةٍ لاستخراجِ كمياتٍ كبيرة من النفط، وبتقنيات جديدة هدفُها الوصولُ إلى مختلف المناطق بأقل الأضرار على الإنسان والبيئة، من هنا كانت تقنيةُ "الحفرِ الموجه" حلاً فعالاً للمشاكل المتعلقة باستخراج النفط من مكامنَ يصعبُ الوصولُ إليها بأساليبِ الحفرِ العادي.
ونقصدُ بالحفرِ الموجه أنّه الحفرُ عن طريقِ الالتفاف حول العوائق الطبيعية (كالجبال والأنهار والبحيرات ...الخ) والاستراتيجية (كالتجمعات السكانية والصناعية ...إلخ)، ويعدُّ الحفرُ الموجه أكثرَ الطرقِ فاعلية في استخراج النفوط التي تقع تحت مساحات مائيةٍ كبيرةٍ، حيث يتمّ تركيبُ المنصات على الشاطئ وتوجيه البئر تحت الماء باتجاه المنطقة المستهدفة، كما تعمل هذه الطريقة على الحفاظ على معدات الحفر وتوفير التكاليف.
ويعدّ الحفرُ الموجه فعالاً في مجالات كثيرة نستعرض منها:
- الوصول إلى عدة أهداف بحفر بئر واحد موجه: وبهذه الطريقة يتم اختصار الوقت والجهد وتقليل التكاليف الناتجة عن حفر عدة آبار شاقولية لكل مكمن نفطي.
- استخراجَ النفطِ المتجمعِ تحت القباب الملحية والتي يكون من الصعب الوصول إليه عن طريق الحفر الشاقولي حيث واعتمادا على الحفر الموجه يمكن تلافي الدخول في منطقة الملح وبالتالي تلافي المشاكل التي يمكن أن تواجهنا عند حفر الطبقات الملحية ( كالتآكل في مواسير ومعدات الحفر نتيجة تشكل الحموض المختلفة، وتهريب سائل الحفر الناتج عن انحلال الملح وضياع سائل الحفر بالطبقة الملحية).
- الحفر البحري: حيث يتم حفر عدة آبار من نفس المنصة وذلك لتقليل التكاليف والضرر بالبيئة.
- التخلصَ من المشاكلِ التي تسببها الفوالقُ الطبيعيةُ.
هذا وقد استُخدمَت آبارُ النفطِ الموجهِ في بداية الأمر لحفرِ ما يدعى بـ"آبار النّجدة" في حال حدوث خلل في عملية الحفر الشاقولي واندفاعات نفطية قد تؤدي إلى حدوث كوارث يتم عندها حفر بئر موجه على مقربة من البئر المندفع وتوجيهه حتى يلتقي بالبئر المندفع ثم يتم قتل البئر بضخ سائل حفر بوزن نوعي عالي.
وقد تم حفرُ أولَ بئر في العالم في عشرينيات القرن الماضي وتطوّرت تكنولوجيا الحفر الموجه في الثمانينات من القرن العشرين.
ومن أجل حفر البئر الموجه بشكلٍ ناجح وتلافي المشاكل المستقبلية وعدم قتل البئر يجبُ توافر العديد من الشروط وأهمها أن يكونَ المكمنُ متجانساً في الخواص نوعاً ما وأن تكونَ المنطقةُ مستقرّةً تكتونياً والأهم هو وجودُ دراسة إقتصادية مجدية.
إنّ تقييمَ نجاحِ أي عملية في أي مجال وخصوصاً في مجال الصناعة النفطية يعتمدُ على عدةِ معايير من بينها أن تكونَ زيادةُ المردودِ والإنتاج مبرراً رئيسياً لزيادة التكاليف، مع العلم أنّ كلفةَ تنفيذِ البئر الموجه في بعض الأحيان قد تصلُ إلى ثلاثة أضعاف تكلفة تنفيذ البئر الشاقولي ولكنها قد تكون الحل الأنسب في الكثير من الحالات التي من الممكن اعتبارها معقدة.
المصادر: