التاريخ وعلم الآثار > التاريخ
عيد الهالوين ... مناسبة اجتماعية بنكهة مرعبة
أراهن أن تكونوا علی علمٍ بهذه المعلومات عن عيد الهالوين:
إنه واحدٌ من أكثرِ الأعيادِ المفضلةِ لدی الأميركيين، ولكن ما هي القصة الحقيقية وراء عبارة حلوی أم خدعة التي يقولها الأطفال في هذا العيد؟
على جانبي الخط الفاصل بين الخريف والشتاء، بين الوفرة والندرة، بين الموت والحياة، يوجد عيد الهالويين، وقت الاحتفالات والخرافات.
يُعتقد أن أصول هذا العيد تعود إلى مهرجان سويين السلتي القديم، حيث كان الناس آنذاك يحملون المشاعل النارية، ويرتدون الأزياء التنكرية اعتقاداً بأنها تطرد الأشباح المتجولة في شوارع المدينة. وقد قام البابا غريغوري الثالث في القرن الثامن الميلادي، بتعيين يوم الأول من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) يوماً لتكريم القديسين والشهداء؛ وقد تمَّ دمج بعض من عادات مهرجان سويين في ما سمي حينها عيد جميع القديسين، وأُطلق علی الليلة التي تسبق يوم الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) ليلة القُدّاس، وسُميت لاحقا بالهالوين. ومع مرور الوقت، تطور عيد الهالويين ليصبح عيداً عالمياً وحدثاً اجتماعياً، يتميز بممارسة بعض الأنشطة الخاصة بالأطفال كلعبة الحلوى أو الخدعة. وفي عدد من الدول حول العالم، وعندما يقصر النهار وتطول الليالي الباردة، يبدأ الناس بالإعلان عن وصول فصل الشتاء من خلال التَّجمُعات العائلية، أزياء الشتاء، والحَلويات.
الأصول القديمة لعيد الهالوين:
تعود أصول عيد الهالوين إلى تاريخ مهرجان سويين السلتي القديم. وقد احتفلت شعوب السلت، الذين سكنوا منذ ألفي عام في المنطقة والتي تُعرف اليوم بإيرلندا، المملكة المتحدة وشمال فرنسا، بيوم الأول من نوفمبر كبداية للعام الجديد، حيث يُعلَن في هذا اليوم نهاية فصل الصيف وموسم الحصاد، وبداية موسم الظلام وبرد الشتاء، وارتباط هذه الفترة من العام بالموت. فقد اعتقدت شعوب السلت أنه وفي الليلة التي تسبق العام الجديد، تنجلي الحدود الفاصلة بين عالم الأموات وعالم الأحياء! وفي ليلة 31 تشرين الاول (أكتوبر)، تبدأ الاحتفالات بمهرجان سويين، حيث ساد الاعتقاد بأن أشباح الموتی تعود إلى الأرض. كما كانت شعوب السلت أيضاً تؤمن بأن حضور الأرواح القادمة من العالم الآخر، تُسهِل علی كهنة السلت أو الدرويدوس (وهم المثقفون والمتعلمون البارزون في شعوب السلت) التنبؤ بالمستقبل، إضافة إلی ما تسببه تلك الأرواح من خرابٍ وتدميرٍ للمحاصيل. وبالنسبة لشعبٍ يعتمد بشكلٍ كلي على الطبيعة وتقلباتها، فقد كانت تلك التنبؤات مصدراً هاماً لإصدار التوجيهات ولبعث الطمأنينة أثناء أيام الشتاء الباردة والطويلة.
ولإحياء تلك الذكری، قام الدرويدس بنصبِ مشاعل ناريّة، ليجتمع الناس حولها ويقومون بإحراق المحاصيل والحيوانات كقرابين لآلهة السلت، وخلال الاحتفال يرتدي السلتيون أزياء خاصة بهذه الاحتفالية، مصنوعة من رؤوس الحيوانات وجلودها، ثم يبدؤون بمحاولة التنبؤ بمستقبل بعضهم البعض. وعند انتهاء الاحتفال، يشرُع الناس بإشعال المواقد في بيوتهم من شعلة النار المقدّسة، والتي قد قاموا بإطفائها في وقتٍ سابق، ظناً منهم أنها تحميهم خلال موسم الشتاء المقبل.
بحلول عام 43 ميلادي، كانت الإمبراطورية الرومانية قد احتلت معظم أراضي السلت. و في خلال ال 400 سنة التي حكموا خلالها أراضي السلت، تم الجمع بين مهرجانين رومانيين وهما، فيراليا، وهو يوم من أواخر أيام شهر تشرين الاول (أكتوبر)، وفيه كان الرومان يحيون ذكری موتاهم. أما الاحتفال الثاني فكان لتكريم بومونا آلهة الأشجار والفاكهة الرومانية، وكان رمز البومونا هو التفاحة، مع الاحتفال التقليدي لمهرجان سووين. وهذا الدمج يُفسر التقليد الدارج في هذه المناسبة، والمتمثل بلعبة "التقاط التفاحة "، حيث جرت العادة بممارسة ذلك التقليد في عيد الهلوين حتی يومنا هذا.
وفي 13 مايو عام 609 م، خصّص البابا بونيفاس الرابع كنيسة البانثيون في روما هذا اليوم تكريماً للشهداء المسيحيين، ومن ثم تم إقرار الاحتفال الكاثوليكي كعيدٍ لجميع الشهداء في الكنيسة الغربية. وفي وقت لاحق قام البابا غريغوري الثالث (731 – 741) بتوسيع العيد ليشمل جميع القديسين والشهداء علی حدٍ سواء، ثم قام بنقل تاريخ الاحتفال من 13 مايو إلى 1 نوفمبر. وبحلول القرن التاسع الميلادي كان تأثير المسيحية قد انتشر في أراضي السلتيك، حيث امتزجت المسيحية تدريجياً مع شعوب السلت، وحلّت محل الشعائر السلتية القديمة. وفي عام 1000 ميلادي جعلت الكنيسة يوم الثاني من شهر نوفمبر عيداً لجميع الأرواح، وذلك تكريماً لأرواح جميع الموتى. ويُعتقد اليوم وفي مناطق واسعة من العالم، أن الكنيسة كانت تحاول استبدال المهرجان السلتي القديم للموتى بعيد مشابه يحظی بقبول الكنيسة. فيعتبر الاحتفال بيوم جميع الأرواح شبيهاً بالاحتفال بمهرجان سويين، حيث كانت هناك الشعلات النارية الكبيرة، والاستعراضات الاحتفالية، إضافة إلی تقليد أزياء القديسين والملائكة والشياطين. وكان عيد كل القديسين يُسمى أيضاً الهالوماس، وكانت الليلة التي تسبق ذلك، هي الليلة التقليدية لمهرجان سويين في تقاليد شعب السيلت، ثم أصبح يُدعى بـليلة جميع القديسين، وأخيراً الهالوين.
كيف وصل الهلوين إلى امريكا؟
احتفالات عيد الهالوين كانت محدودة للغاية في انكلترا، وكان الهالوين أكثر شيوعاً في ولاية ماريلاند والمستعمرات الجنوبية. كما كان ادماج الجماعات العرقية الأوروبية والهنود الحمر وما نتج عن ذلك من ظهور معتقدات وعادات مختلفة قد ساعد على ظهور الهالوين. وتضمنت الاحتفالات الأولى "حفلات للعب "، حيث كان الجيران يتبادلون القصص والروايات عن موتاهم ويتباهون بثرواتهم. هذا بالإضافة إلى أنشطةٍ أخرى كالرقص والغناء. وكان الاحتفال بالهالوين في المستعمرات وجه اخر، حيث تُسرد قصص الأشباح وقصص الرعب بكل أنواعها. في منتصف القرن التاسع عشر لم يكن عيد الهالوين شائعا في كل أنحاء أمريكا والكثير لم يحتفل به. وبحلول النصف الثاني من القرن التاسع عشر، غرقت امريكا بالهجرات الجديدة، وتحديداً المهاجرين الأيرلنديين وذلك في عام 1846، حيث ساعد هؤلاء المهاجرين الجدد على زيادة شعبية عيد الهالوين. وبدأ الأمريكيون بلبس الأزياء التنكرية ومن ثم الذهاب إلى البيوت وقرع الأبواب والسؤال عن الطعام أو المال. تظن بعض الشابات أن عيد الهلوين يمكنه أن يساعدهنَّ في التكهن باسم فارس أحلامهم المستقبلي، وذلك عبر سرد القصص الغزلية و قصاصات التفاح و المرايا.
في أواخر 1800، كان هناك تحرك في أمريكا من أجل قلب مفهوم عيد الهالوين من قصص الأشباح والموت والشعوذة، إلى عطلة تعطي الفرصة للناس للتقرب من بعضهم البعض. وفي مطلع هذا القرن، تم التركيز على الألعاب الجماعية والأكلات الشعبية الموسمية والأزياء التنكرية. وتم تشجيع الآباء والأمهات عبر الصحف ووسائل الاعلام بترك كافة المفاهيم "المرعبة " و "المخيفة" المتعلقة بعيد الهالوين. وبفضل هذه الجهود فقد الهلوين كل القيم الخرافية والمدلولات الدينية، وأصبح يوماً للفرح والمتعة في بداية القرن العشرين.
بحلول عشرينات و ثلاثينيات القرن العشرين، أصبح عيد الهالوين معروفاً على مستوىً عالمي. وأصبح عطلة رسمية. إنّ أكثر من 6 مليارت دولار تنفق سنوياً على الحلوى في عيد الهلوين، مما يجعله ثاني اكبر عطلة تجارية في اميركا.
تقاليد الهلوين في الحاضر:
يعود تاريخ التقليد الأمريكي للهالوين "حلوى أم خدعة " إلى احتفال يوم الأرواح في انكلترا قديماً. ويعتبر الهلوين فرصةً للفقراء من أجل الحصول على الطعام والمال، حيث يقرعون أبواب البيوت فتعطيهم العائلات سلّة من الحلويات فيها "كعكة الأرواح "، وهذا مقابل وعدهم بالصلاة لروح أمواتهم. شُجعت عملية توزيع "كعك الأرواح" من قبل الكنيسة، لتحلّ محل الممارسات القديمة التي تتمثل بترك الطعام والنبيذ في الشارع من أجل الأشباح المتجولة.
والتقليد الاخرهو لباس القديسين والألبسة التنكرية الأخرى والتي تعتبر ذو جذور سلتية وأوروبية. وفي عيد الهلوين، كان يُعتقد أن الأشباح تنزل إلى العالم الدنيوي، فكان الناس يتحاشون الخروج من المنزل لتفادي الأشباح المتجولة خارجاً. وعند الحاجة للخروج من المنزل ليلاً كان الناس يرتدون الأقنعة اعتقاداً بأنها ستوهم الأشباح المتجولة وتجعلها تخطئ الناس المتجولين. وأيضاً كان الناس يضعون أطباق الطعام خارج منازلهم ظناً منهم أنها سترضي الأشباح وتبقيهم خارج المنزل.
خرافات الهلوين :
دائماً كان الهالوين عطلة مليئة بالغموض والسحر والخرافات. حيث بدأت اول خرافة بمهرجان انتهاء الصيف عند السلتيين، فقد اعتقدوا أنهم يتقربون من المتوفيين من الأصحاب و الأقارب، فيتم وضع أطباق لها على المائدة، وتُوضع الحلوى على عتبة الباب، وتُضاء الشموع على الرصيف لكي يجد الأقارب والأحبة طريقهم إلى عالم الأرواح. وغالباً ما يُصّور أشباح الهالوين على أنها مخيفة وحاقدة، فبالتالي تكون الأزياء والعادات مخيفة. حيث يتجنب الناس المشي بقرب قططٍ سوداء اللون، اعتقاداً بأنها ستجلب الحظ العاثر لهم. وتعود جذور هذا التقليد إلى العصور الوسطى، حيث كانوا يعتقدون بأن المشعوذات يُحوِلن أنفسهن إلى قطط لكي لايكشفهم أحد. وكذلك يتجنبون المشي تحت السلالم لنفس السبب. ويعتقد البعض أن هذه الخرافات من الممكن أن تكون قد أتت من مصر القديمة، والذين كانوا يعتقدون أن المثلثات مقدسة. ويوجد هناك الكثير من الخرافات في عيد الهالوين مثل تجنب كسر المرايا، وعدم التوقف على الشقوق في الشارع وعدم سكب الملح.
وقد ركزت معظم هذه الطقوس البالية على المستقبل عوضاً عن الماضي، وعلى الاحياء بدلاً من الأموات. وعلى وجه الخصوص، حول الشابات اللاتي كنَّ يعيشون على امل اللقاء يوماً ما بفارس احلامهم المستقبلي. وفي القرن الثامن عشر كان الطبّاخ يضع خاتماً في بطاطا مهروسة، ظناً بأنها ستجلب الحب لمن يجدها. وفي سكوتلاندا، كانت العرافات توصي الشابات اللاتي يرغبن بالزواج بكتابه اسم الخاطب على حبّة البندق و إلقائها بالنار، فحبة البندق التي تحترق وتصير إلى رماد دون أن تفرقع أو تنفجر، تُدل على أنه سيصبح زوجها المستقبلي. وهناك أسطورةً أخرى تقول أنه: إذا أكلت الفتاة مزيجاً حُلواً من الجوز والبندق وجوز الهند قبل ليلة الهالوين، فإنها ستحلم بزوجها المستقبلي. وحكاية أخرى تقول بأنه، بعض الشابات يقذفن قشور التفاح على أكتافهم، وعندما تسقط على الأرض تأمل بأن تشكل لها الأحرف الأولى من اسم زوجها المستقبلي. و أيضاً هناك أساطير كثيرة تحاول معرفة المستقبل، من خلال النظر إلى تناظر صفار البيض في وعاء الماء المغلي، أو إضاءة الشموع في غرفة مظلمة مليئة بالمرايا والبحث عن الوجوه. وهناك روايات أخرى تقول أن في حفلات الهالوين، أول ضيفٍ يعثُر على غلاف الكستناء الخشن، يكون أول من يتزوج. وفي أحيان أخرى أول من يربح بلعبة التقاط التفاح، يكون أيضاً اول من يتزوج.
توزيع الحلوى على الأطفال
لعبة ألتقاط التفاحة
• هل تعلم :
أن ربع مشتريات أمريكا سنوياً من الحلويات تباع في عيد الهالويين
المصدر : هنا