الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة
الجبال الباردة تسخن أسرع مما نتوقع!
كانت الجبال والمناطق الجبلية العالية وما زالت في بعض بقاع الأرض ملجأً للجماعات البشرية والأقليات الدينية والعرقية هرباً من بطش غيرها، كونها تتميز بعزلتها ووعورتها، ولا زال بعضنا أيضاً يقضي فيها عطل الصيف نظراً لما تتمتع به من اعتدال في الحرارة وانخفاض في الرطوبة مقارنة بالمناطق المجاورة. لكن...
قد يتحتم علينا من الآن فصاعداً إعادة النظر في تصورنا حول المناطق الجبلية، فقد وجد فريق البحث الدولي التابع لمركز بحوث المناخ في جامعة ماسوشوستس الأمريكية Massachusetts أن البيئات التي تقع على مستويات عالية قد تتسخن أسرع بكثير مما اعتقد سابقاً.
توجد شواهد عدّة حول ازدياد سرعة تسخّن المناطق العالية بالمقارنة مع المستويات الأقل منها ارتفاعاً، وسيكون لهذا التسخين بلا أدنى شك تبعاته البيئية والاقتصادية والاجتماعية، حيث سيسرّع من ذوبان جليد الجبال، وبالتالي إطلاق الحرارة الكامنة في هذه الارتفاعات مما يعجّل من ارتفاع حرارتها ومن جهة أخرى سيحدث شح في المياه العذبة الذائبة القادمة من الثلج خلال ذوبان الربيع والصيف، انطلاقاً من أن مناطق الجبال العالية هي مصدر المياه الرئيس لسكان الوديان، مما ينبؤ بكوارث اقتصادية ومعيشية.
أما من الجهة الحيوية والبيئية فإنَّ الجبال توفّر موطناً للكثير من الأنواع الحية النادرة والمهددة بالانقراض، وهذه الأنواع حساسة جداً للتغيرات المناخية في مثل هذه المناطق; لكونها تعيش أصلاً في حدودها القصوى للتحمل، وبالتالي فإن ارتفاع الحرارة سيدفع النطاقات الحيوية -النباتية والحيوانية- للتحرك باستمرار نحو المستويات الأعلى للنجاة، ومع زيادة التسخن; لن تجد هذه الكائنات مكاناً تنتقل إليه، ليكون الانقراض مصيرها، ويوجد شاهد على ذلك في جبال الألب السويسرية.
وجد العلماء أن الدليل الأكثر تميّزاً حول ارتفاع حرارة مناطق الجبال العالية يظهر في هضبة التيبيت حيث ارتفعت درجات الحرارة بثبات خلال الـ 50 سنة الماضية. يؤكد الباحثون على صعوبة هذه الدراسات بسبب بُعد المناطق الجبلية وصعوبة الوصول إليها، بالإضافة إلى أنَّ الجبال بشكل عام؛ مناظر طبيعية معقدة جداً تحوي مناخات أصغرية تجعل رؤية وتخيّل الصورة العامة أمراً صعباً، على سبيل المثال، ارتفعت خلال الـ 20 سنة الماضية حرارة المرتفعات التي تزيد عن الـ 4000 متر حوالي 75% أسرع من ارتفاع الحرارة في المناطق ذات الارتفاع 2000متر، لذلك يدعو العلماء إلى مراقبة شديدة لتغيرات المناخ في هذه المناطق والانتباه أكثر للنتائج المحتملة.
المصدر: