الفيزياء والفلك > علم الفلك
العلماء يكشفون غموض الشكل الغريب للمذنب 67p.
تدرسُ وكالةُ الفضاءِ الأوروبيّة عبرَ المركبةِ الفضائيّةِ روزيتّا منذُ أكثر من عام الشكلَ الغريب للمذنّب “67P” * ، وقد توصَّل َالعلماءُ في النّهاية إلى أنَّ هذا الشكلَ الغريبَ يعود الى تصادمِ مذنَّبين منفصلين بطيئَي الحركة منذ زمن بعيد .
يقولُ العالمُ هولغر سيركس من معهد ماكس بلانك لأبحاثِ النظامِ الشمسي في ألمانيا " السؤال الرئيسي الذي تبادر إلى أذهاننا منذ رأيناه كيف اكتسب هذا المذنب شكله الغريب ؟ "
عندما وصلت المركبةُ الفضائيّةُ روزيتّا إلى المذنب في آب عام 2014 لاحظ العلماء بأنه عبارةٌ عن جسمٍ جليديٍ مميّز له شكل ثنائي الفصوص مشابه لشكل لعبة البطّة المطّاطية فقاموا بوضع فرضيتين ، الأولى تقول بأنه عبارة عن مذنب واحد تعرض للتآكل مماأدى إلى تشكُّل العنق الواصل بين الفصين. أما الثانية فتقول بأن هذا المذنب تشكل نتيجة اندماج مذنبين مع بعضهما حيثُ تمّ اقتراح النظرية الأخيرة فيما بعد لتفسير تشكل مذنبات أخرى ثنائية الفصوص.
قاد ماتيو ماسيروني من جامعة بادوفا في إيطاليا فريقاً قام بدراسة وتحديد أكثر من 100 منحدر على سطح المذنب إلى جانب طبقات متوازية من المادة في الجدران المكشوفة والحفر . طور العلماء بعد ذلك نموذجاً ثلاثيَّ الأبعادِ للمذنَّب لتحديد اتجاهات ميل المنحدرات و تصوُّر كيفية امتدادها تحت السطح.
يقول ماسيروني: "من الواضح من الصور بأنّ كلا الفصَّين لهما غلاف خارجي من مادة تنتظم في طبقات مميزة، ونعتقد أنها تمتد لعدة مئات من الأمتار تحت السطح. حيث يمكنك تخيل الطبقات كما في البَصَل ، عدا أنه في حالتنا هذه نعتبر وجود بصَلَتين منفصلتين بحجمين مختلفين كانتا تنموان بشكل مستقل قبل اندماجهما معا ".
سرعان ماأصبح من الواضحِ بأنَّ هذهِ المعالمَ تتوجّهُ بشكلٍ مترابطٍ حول فصي المذنب وتمتد حتى عمق 2100 قدماً (650متراً)". يقول ماسيروني " يعدُّ هذا الدليلَ الأوّل على أن الفصين مستقلين، يعزز ذلك كون الطبقات تميل باتجاهات مختلفة بالقرب من عنق المذنب."
قام العلماء بعد ذلك بدراسة العلاقة بين الجاذبيّةِ المحليّة وتوجُّهاتِ المعالمِ المختلفة (في الحالة العامّة يجب أن تتشكل طبقات المادة بزوايا قائمة بالنسبة لجاذبية الجسم ) . قام الفريق بحساب شدة واتجاه الجاذبية في موقع كل طبقة حيث قاموا في إحدى الحالات بنمذجة المذنب على أنه جسم واحد له مركز، بينما في حالة أخرى قاموا بنمذجته على أساس مذنبين مندمجين. وقد وجدوا أنّ توجّهَ الطبقاتِ واتجاه الجاذبية المحلية كانت الأقرب لتشكيل زوايا قائمة في نموذج المذنبين المندمجين ولا يكون الحال كذلك في النموذج الآخر .
مما يدل بحسب ماسيروني على أن الغلاف ذو الطبقات في رأس المذنب وجسمه يتشكل بشكل مستقل قبل أن يندمج الجسمان لاحقاً. حيث يجب أن يحدث تصادم بطيء السرعة من أجل الحفاظ على هذه الطبقات المنتظمة في الأعماق كما وضّحت البيانات المتوفرة لدينا.
وتقتضي التشابهاتُ البنيويةُ في جميعِ أنحاءِ المذنّبِ تشكُّل المذنّبين المندمجين من خلال عمليات تراكمية متماثلة. حيث أن الطبقات الملاحظة على مذنبات أخرى خلال مهمّات سابقة تقتضي أن تكون قد مرت أيضاً بتاريخ تشكل مشابه.
على الرغم من أن التآكل لم يؤدي إلى الحصول على عنقٍ ضيّقٍ للمذنب “67P” إلا أنّه يلعبُ دوراً في كيفيّةِ تطوّرِ المذنب. حيث أن الاختلافات الموضعية في السّطح تشكلت غالباً كنتيجة لتحوّل الجليد مباشرة إلى غاز وتدعى هذه العملية بالتسامي. ولا تتوزع الغازات المتجمدة الموجودة في طبقات المذنب بالضرورة بالتساوي خلال جسمه.
يقول مات تايلور العالم في مشروع روزيتا: "تضاف هذه النتيجة إلى معرفتنا المتنامية حول هذا المذنب - كيفية تشكله وتطوره، وستستمر روزيتا في مراقبة المذنب لسنة أخرى لأخذ أكبر كمية ممكنة من البيانات لهذا الجسم السماوي ومكانه في تاريخ مجموعتنا الشمسية"
عرض ماسيروني هذه النتائج في مؤتمر علم الكواكب الأوروبي 2015 ، والذي تم عقده بين 27 أيلول و 2 تشرين الثاني في نانت – فرنسا وتم نشر هذه الدراسة بعد ذلك في مجلة الطبيعة ”journal nature” .
*المذنب “67P” : هو عبارة عن جسم صغير تمت زيارته من قبل مركبتين فضائيتين عام 2014 : المسبار روزيتا و المركبة فيله ، وقد شوهد هذا المذنب أول مرة عام 1969 من قبل عالمي فلك اوكرانيين.
المصدر: هنا