العمارة والتشييد > التصميم المعماري
عمارة الكوارث، انظر لما تحت قدميك، وابنِ
بعد أن حصد الزلزال المدمر الذي ضرب النيبال في نيسان الماضي مئات آلاف الأرواح، ماسحاً عدداً كبيراً من البلدات عن وجه الأرض، وتاركاً ورائه الكثير من الناجين دون مأوى. قام فريق من المصممين بإنشاء منظمة تدعى عمارة للجماهير Architecture for the Mass، من أهدافها مد يد العون للناجين من الزلزال، وذلك من خلال توفير تصميم معماري سهل الاستخدام، يعتمد الخيرزان والصفائح المعدنية كمواد أساسية لبناء أماكن لإيواء الناجين. قد تفتقر هذه المنازل المؤقتة للقيم الجماليّة المتعارف عليها، إلا أن كل منزل منها يعد مأوى جيد يمكن تجميعه خلال أيام قليلة ريثما يتم التوصل لحلول دائمة.
وفقاً لهذا، قام المعماريان تشارلز لاي و تاكيهيكو سوزوكي Takehiko Suzuki - Charles Lai بالتعاون مع كل من مكتب AONA للعمارة وجمعية One Village Focus Funds الخيرية، من أجل تسليم هذا التصميم إلى منطقة نائية من النيبال، بحيث يتمكّن فريق مكوّن من 4 عمال مأجورين و 10 متطوعين من إنشاء نموذجٍ تجريبي للمأوى. قال المصممون بعد بناء النموذج التجريبي: "معاً يستطيع الأشخاص - رغم افتقارهم الخبرة - تجميع المأوى خلال فترة تقدر بيومين لثلاثة أيام وذلك من خلال تركيب تفاصيل إنشائية بسيطة تصل العناصر ببعضها البعض". تُقدّر تكاليف المأوى الواحد ب 500 دولار أميركي، تبعاً لوفرة خشب الخيزران في المنطقة بالمرتبة الأولى، بالإضافة إلى إمكانية إعادة استخدام المواد الباقية من أنقاض المباني المجاورة.
من المعروف عن هذه المنطقة، أن الرياح الموسميّة تهدم البيوت التقليدية المنشأة من الطوب الطيني، لذلك تعتبر المواد المستخدمة في المشروع هي الأنسب للمنطقة حسب ما صرح المعماريون.
ويتابع المعماري لاي Lai الشرح قائلاً: "على الرغم من إمكانية نقل بعض المساعدات الإغاثية الطارئة لنيبال جواً، كالخيام مثلاً، إلا أنه من الصعب أن تصل هذه المواد إلى البلدات النائية. لذلك شيدت العديد من العائلات التي فقدت منازلها، ملاجئ مؤقتة لها بنفسها". بالنتيجة، يقدم المنزل المقترح من المعماريين حلاً سهلَ الإنشاء للعمال عديمي الخبرة، وخاصة لكون خشب الخيزران مرن، وخفيف الوزن.
تبلغ أبعاد النموذج التجريبي للمأوى 6*3 أمتار، ويمكن استخدامه لوظائف متنوعة كعيادات، ومراكز رعاية طبية، أو مدراس. يصرّح لاي Lai: "نأمل أن يشجع تصميمنا هذا المجتمع المحلي على تأسيس شبكة لمساعدة ذاته محلياً، وعلى تسريع تعافيه وإنعاشه من الكارثة".
العديد من التجارب عبر التاريخ تعيد وتؤكد أن إعادة إعمار أي مجتمع بعد أحداث هائلة قد تواجهه كالحروب والكوارث، لا يمكن أن يتم إلا عن طريق توظيف المواد الأولية المحيطة بنا في توفير احتياجاتنا الأساسية من مأوى وطعام وعلاج وثم في إعادة الإعمار، وفي توحيد جهودنا كإنسانيين لمساندة بعضنا البعض والوصول إلى حلول عملية رخيصة في أسرع وقت ممكن.
المصدر: هنا