الفيزياء والفلك > علم الفلك
علماء يكتشفون نوعا جديدا من الكوازارات حول الثقوب السوداء
مثلما نعرف فإن مجرتنا درب التبانة وكل المجرات الكبيرة المعروفة ضمن هذا الكون الذي نعيش فيه تحتوي على ثقوب سوداء ضخمة، والبعض من هذه الثقوب تكون محاطة بقرص مشع جداً يحتوي على غازٍ ساخن، وتلك الأقراص ندعوها كوازارات.
اكتشف فريق من الباحثين يقوده باتريك هول من جامعة يورك في تورتنو، كندا أن الغاز في الكوازارات المكتشفة يتحرك قسم منه باتجاه الارض ولكن معظمه يتحرك بعيدا عن الأرض. بعبارة أوضح فقسم من الغاز يدور حول الثقب الأسود بسرعة عالية لينتهي تدريجيا في الثقب الأسود بينما قسم منه يتجه مباشرة نحو الثقب الأسود دون أن يدور كبقية جزيئات الغاز. وتمثل نسبة هذه الكوازارات النادرة واحد في كل 10 الاف كوازار ويوجد منها حتى الان فقط 17 كوازار معروف.وقد تم نشر النتائج ومناقشتها في ورقة بحث في عدد الشهر الماضي من مجلة Monthly Notices of the Royal Astronomical Society .
تخيل أن تملئ حوضا بالماء ثم تفتح فتحة التصريف وتراقب الماء وهو يدور بسرعة ليغرق في الفجوة المركزية . لو قطرت نقطة من الحبر في الماء فمن البديهي ان يدور الحبر ايضا مع الماء وينحل وينتهي بعد عدة دورات في المنتصف. ولكن كيف ستشعر لو وجدت ان بعض قطرات الحبر أخذت بالتحرك مباشرة نحو المركز دون اكتراث لدوران الماء الشديد. هذا ما شعر به الفيزيائييون لدى اكتشافهم مما جعلهم يقولون أن هذه الظاهرة ليس من المفترض انو توجد ضمن النظريات الحالية مما يستلزم تعديلا للعديد من مفاهيمنا الفيزيائية حول الجاذبية لتفسير ما شاهدوه.
ويقول هول أن الغاز لابد له في النهاية من السقوط نحو الثقب الأسود ولكن ما نراه عادة هو أن الغاز ينطلق بدفقات كبيرة خارجا من الكوازار وبسرعات تصل حتى 20 بالمئة من سرعة الضوء. فإذا كان الغاز يتجه دوما نحو الثقب الأسود فلماذا من النادر ان نراه بهذه الصورة التي وجدناها مؤخراً.
كما يذكر هول احتمال وجود تفسير آخر أن الغاز المتحرك نحو المركز قد لا يتجه نحو الثقب الأسود مباشرة ولكنه يمر فوق قرص الكوازار. فإذا شبهنا الموضوع بنملة موضوعة على قرص يدور بسرعة وتمشي نحو المركز فسنراها في بعض اللحظات تتحرك باتجاهنا ولحظات اخرى مبتعدة عنا ولكنها في كلا الحالتين تتحرك نحو المركز أي بصورة لا ينبغى للغاز أن يتحرك فيها وفق فرضياتنا الحالية.
وبأي الأحوال فإن ذلك يعني أننا يجب أن نعيد النظر في النماذج التي تستخدم حاليا لوصف الكوازارات. ولذلك يقوم الفريق برصد هذه الكوازارات النادرة بواسطة مرصد نورث- جيميني الموجود في هاواي.
طبعا يوجد العديد من الظواهر الأخرى التي تدعونا بشكلٍ فعلي لمراجعة نظرتنا ومفاهيمنا الجذرية للجاذبية وبنية الكون، ولعل هذه الاكتشافات تشبه كثيراً نتائج التجارب في نهاية القرن التاسع عشر التي لم تكن مفهومة في البدء لكنها أدت لثورات علمية بالفيزياء مثل مبدأ النسبية والفيزياء الكمومية. وما نشعر به الآن هو أننا على أعتاب عصرٍ ثوري جديد من فهمنا للكون.
حقوق الصورة: NASA / CXC / M. Weiss / Nahks Tr’Ehnl / Nurten Filiz Ak.
المصدر: هنا
البحث المنشور في مجلة Monthly Notices of the Royal Astronomical Society: