المعلوماتية > الذكاء الصنعي
خوارزمية قادرة على التنبؤ بأفعالك وتصحيحها!
يحدث أحياناً أن ننحرف عن الطريق ريثما نقود السيارة بسبب وجود الجليد، فماذا لو تواجد برنامج يمكنه تصحيح أفعالنا التي تغيرت عن هدفها الأصلي؟
تمكّن أخصائيّو الهندسة الطبيّة في جامعة إيلينوي - شيكاغو في الولايات المتحدة الأمريكية من تطوير خوارزمية رياضية يمكنها أن "ترى" النية الضمنيّة من عمل روتيني مثل الوصول إلى كوب قهوة أو القيادة بشكل مستقيم على طريقٍ ما حتى وإن تمّت مقاطعة أفعالنا هذه.
يقول Justin Horowitz -أحد المشاركين بالدراسة:" إذا كنت تحاول الوصول إلى قطعة من الورق ومددت يدك التي كادت أن تصل، تستغرق عيناك وقتا لتضبط أداءها، وتستغرق أعصابك وقتاً لمعالجة ما يحدث، كما يستغرق الدماغ وقتاً لمعالجة ما حدث ووقتاً أكبر لتوجيه إشارة جديدة إلى يدك. لذا إن حدث أمرٌ غير متوقع، فإن الإشارة التي ستذهب إلى يدك لا يمكن تغييرها لمدة جزءٍ من عشرة من الثانية على الأقل ، هذا إن أمكن تغييرها."
على صعيد الاختبار، قام Horowitz بتحليل الحركة التي يقوم بها أشخاص للوصول إلى غرضٍ ما على طاولة افتراضية، ثم تم دفع أيديهم في الاتجاه الخاطئ. تمكن Horowitz من تطوير خوارزميةٍ رياضيةٍ متقدمة يمكنها تحليل الفعل وتقدير الهدف من القيام به بالرغم من وجود تشويش وعدم متابعة للفعل.
يمكن لهذه الخوارزمية أن تتوقع الطريقة التي تريد أن تتحرك فيها، تبعاً لنواياك، كما يقول Horowitz.
كمثالٍ آخر، يمكن استخدام هذه الخوارزمية لجعل السيارة تمشي في المسار بدقةٍ أكبر. يقول Horowitz:" إن ارتطمنا بقطعة من الجليد وبدأت السيارة بالترنح، فإننا نريد للسيارة أن تعرف ما نريد القيام به، بمعنى آخر يجب على الخوارزمية أن تصحح مسار السيارة بالاتجاه الذي كنت أعتزم الذهاب به و ليس بالاتجاه الذي أشير إليه حالياً. يمتلك الحاسوب حساسات إضافية ويعالج المعلومات بسرعة أكبر مما يمكنني أن أتصرف، فإن علمت السيارة إلى أين وددت التوجه أساساً، يمكنها أن تقود نفسها في ذات الاتجاه ، لكن عليها أن تعرف حركات العجلات التي تمثل الاتجاه الذي أعتزمه و الحركات التي تمثل رد الفعل على المحيط التي تغير".
أما حول استخدامها في المجال الطبي، فعلى سبيل المثال إن كان لدى مريضٍ سكتة دماغية، يمكن لنظامٍ ذكيّ أن يقوم بتفسير ما أراد الشخص القيام به حتى وإن قام جسده بمقاطعة أفعاله بسبب تشنج العضلات أو الرجفان، وبالتالي يمكن مساعدة الشخص على إكمال ما يرغب القيام به بيسر.
يقول Horowitz:" لقد أسميناه الروبوت الوسيط، فإن كنت تعرف كيف يتحرك شخص ما وماهية التشويش الموجود يمكنك عندها معرفة ما كان يعتزم القيام به، وهذا يعني أنه يمكننا استخدام هذه الخوارزمية لتصميم آلات يمكنها تصحيح مسار سيارة "تزحلقت" أو مساعدة شخص أصيب بسكتة دماغية سببت له تشنجات".
تم نشر هذه الدراسة في مجلة PLUS ONE، ومنها سوف نقدم شرحاً مبسطاً حولها:
كانت الخطوة الأولى في تصميم هذه الخوارزمية هي القيام بتحويل التحكم المتوقّع والتلقيم الراجع رياضياً (وهو المعلومات التي نحصل عليها من نتيجة تجربة ما، ونستخدمها في التعديل على التجربة التالية بهدف تحسين النتيجة) للحصول على المسار المعتزَم، ثم تم اختبار حساسية النموذج لمجال واقعي من الارتيابات في العوامل. تم اكتشاف أن انعدام الدقة تبعًا لسوء التقدير في العوامل كان أقل من التغيرات النموذجية بين الحركة والأخرى التي تُرى عند الإنسان الذي يحاول الوصول لأهداف مشابهة، وأن الحساسية الأكبر تنجم بشكل رئيسي من الارتياب في صلابة المفصل. لا يستطيع البشر تغيير ما اعتزموا القيام به حتى يصلهم التلقيم الراجع الحسي (وهو المعلومات التي نحصل عليها من النهايات الحسية لدى الإنسان، ويستخدمها الجسم في تقرير الحركة التالية والتعديل عليها)، لذلك تم اختبار الفرضية على أن الاتجاه المعتزم المستقيم (مسار الحركة التي يريد الشخص القيام بها) يجب أن يكون واضحاً على الأقل لأول 120 ميللي ثانية تلي التشويش. وكما كان متوقع، فإن المسار المعتزم أظهر أنه ما من تغيير في الوصول غير المعترَض لأكثر من 150 ميللي ثانية بعد حدوث التشويش. بعد ذلك، تمت ملاحظة تغيير في الفعل المعتزم القيام به في خمسة من أصل ثمانية عناصر بشكل مفاجئ إذ أن ذلك تم حتى بوجود اليد قريباً من الهدف. علماً أن معرفة إشارة الفعل المعتزم قابلة للتطبيق في عدة مجالاتٍ منها الاضطرابات العصبية و التفاعل بين الإنسان والآلة.
ولتخيّل الفائدة التي تعود من هذه الخوارزمية، فإن معرفة إشارة الفعل المعتزَم قابلة للتطبيق في عدة نواحٍ، منها الاضطرابات العصبية والتفاعل بين الإنسان والآلة، وهذا يعني المساعدة في علاج العديد من الأمراض مستقبلًا والتوصل إلى حلول لمشاكلَ في مجالات مختلفة. وإذا كان الحاسوب اليوم قادراً على التنبؤ بأفعالنا، لعله يكون في المستقبل القريب قادراً على تحديد التصرف الأفضل وتنبيهنا للقيام به بدلًا من تصحيح ما نقوم به. ومن يدري إلى أين سيؤدي بنا هذا الباب البحثي الكبير!
المصدر: هنا
الدراسة: هنا