علم النفس > المنوعات وعلم النفس الحديث
الرجال أكثر تحمّلاً للألم من النساء!
إنّ الألم هو تجربةٌ ذاتيةٌ إلى حدٍّ كبير، وتختلف من شخص لآخر كما يصعُب قياسها، وبالرغم من وجود مقياس لتصنيف الألم إلا أنّه اعتباطيٌّ وغير دقيق.
يَستخدم هذا المقياس الأرقام من (0) إلى (10) حيث يدلّ الرقم (0) على عدم وجود أي ألم، والرقم (10) يشير إلى الألم الأسوء والأكثر شدّة على الإطلاق.
في الواقع، يرتبط الألم بالعديد من المتغيّرات أهمّها الحالة البيولوجية ونوع الجنس، ويجدُر بنا عند التعامل مع الألم أنْ نأخد بعين الاعتبار عاملين رئيسيين وهما: عتبة الألم وتحمّل الألم.
تشير عتبة الألم إلى النقطة التي يبدأ عندها الشخص بالاحساس بالألم بعد التعرّض لتنبيهٍ ما كوخز الإبرة مثلاً، وعلى الرغم من إمكانية قياس المنبّهات والمحفّزات إلا أنّ الألم يبقى ذاتيّاً ولا يمكن تحديده بدقّة. أما تحمّل الألم فيُشير إلى كميّة الألم التي يستطيع الشخص تحمّلها دون الانهيار والدخول في حالة ٍ من العذاب الشديد.
يُعتَقد بأن المرأة تتحمّل الألم أكثر من الرجل وذلك الاعتقاد يعود لتحمُّل المرأة آلام المخاض المتكررة، ولكن في عام (2012) انتهى فريقٌ من الباحثين من جامعة ستانفورد في الولايات المتحدّة من مراجعة أكثر من (11) ألفَ حالةٍ من السجلّات الطبية واكتشفوا بأنّ المرأة تميل لتشعر بالألم بشكلٍ أكثر شدّةً خاصّة في حالات الالتهابات الحادّة، فهي تأخذ نقطةً أعلى في مقياس تصنيف الألم مقارنةً بالرجل.
وفي ظل لُغز اختلاف الشعور بالألم بين الجنسين لم يتمكّن الباحثون من الوصول إلى معلومات كافية تساعدهم في إيجاد سبب تلك الاختلافات.
وفي العودة إلى عام (2009) قام فريقٌ من باحثي جامعة فلوريدا بمراجعة كمّاً هائلاً من الأبحاث والدراسات ذات الصلة بالألم ووجدوا أنّ المرأة تُظهر حساسيّةً أكبر تجاه معظم أشكال الألم، كما أنّها تعاني منه أكثر وتأخذ المزيد من المسكّنات وتعاني من أمراضٍ أكثر إيلاماً كآلام أسفل الظهر والصداع النصفي (الشقيقة).
ومن خلال تلك التجربة تبيّن أيضاً أنّ الرجال لديهم عتبة ألم أعلى من النساء كما أنّهم أكثر تحمّلاً للألم، وأحدُ التفسيرات المُقترحة لشرح ذلك بيولوجيّاً هو أنّ أجسام الرجال تُفرز عادةً مواداً كيميائية حيوية لتخفيف الألم مثل هرمون "البيتا اندروفين".
فهل يعني ذلك أنّ النساء يستسلمن للألم بسهولة؟ وأنّ تحمّل آلام الولادة هو مجرد خرافة؟
ليس بالضرورة؛ فكما ذكرنا سابقاً بأنّ الألم هو تجربة متباينة بين الأشخاص إلى حدٍّ كبير، فنوعُ المرض ومزاجُ الشخص والتوتر، كلّ ذلك يسهم في كيفية الإحساس بالألم ومدى تحمّله. وبالنسبة للمرأة فإنّ التقلّبات الهرمونية خلال الدورة الشهرية تؤثّر أيضاً على حساسية الألم.
كما أنّ نوع الجنس (ذكر أم أنثى) يلعب دوراً في كيفية التعبير عن الألم، فإذا كان من الصعب على الرجال التذمّر، فإنهم سوف يشتكون من الألم بشكلٍ أقل ويقاومون المزيد منه محاولين عدم إظهاره.
المصادر: