الفلسفة وعلم الاجتماع > الفلسفة
سفينة تيسيوس
وهي تناقض فلسفي يطرح سؤال ما إذا تم استبدال جميع القطع المؤلفة لشي ماء، فهل سيبقى الشيء الجديد هو ذاته القديم؟ وقد ذكر هذا التناقض للمرة الأولى من قبل بلوتارخ في "حياة تيسيوس" في القرن الأول الميلادي. وقد نوقش هذا الموضوع سابقاً من قبل الفلاسفة القدماء كهيراكليتوس وسقراط وأفلاطون بناء على كتابات بلوتارخ. حتى عاد إلى مناقشته في العصر الحديث كل من توماس هوبز وجون لوك.
لنتعرف بشكل أكثر تفصيلاً على هذا التناقض:
تيسيوس هو قاتل المينوتور في الأساطير اليونانية، وقد قدم سكان أثينا لسنوات عديدة الأضاحي والقرابين لمينوتور، الكائن نصف الرجل ونصف الثور الذي سكن في متاهة كنوسوس. حتى تمكن في يوم من الأيام تيسيوس من التغلب على المتاهة وقتل المينوتور.
وعندما عادت سفينة تيسيوس، جرت عملية إصلاح كاملة لها، واستبدلت العديد من قطعها حتى يمكن القول أنه جرت إعادة بنائها من جديد. ولنفترض جدلاً أنه جرى استبدال كل قطع السفينة، فهل ستكون السفينة الجديدة هي نفسها سفينة تيسيوس؟
في الحقيقية، فإن هذا السؤال يطرح قضية كبيرة، فعندما تم استبدال القطعة الأولى، كانت السفينة هي ذاتها، وكذلك عندما استبدلت القطعة الثانية، فإن استبدال قطعة ما لا يمكن له أن يغير السفينة إلى أخرى. ولكن ماذا عند استبدال جميع القطع بغيرها، حتى لم يتبق أي قطعة من قطع السفينة السابقة، فهل سبتقى السفينة نفسها؟
ويكمل توماس هوبز في افتراض ثان، فبعد أن استبدلت جميع القطع بقطع جديدة، تم بناء سفينة جديدة باستخدام القطع القديمة نفسها، فهل ستكون هذه السفينة الجديدة سفينة تيسيوس أيضاً؟ فإن هذه السفينة مؤلفة وبشكل دقيق جداً من نفس القطع التي تألفت منها سفينة تيسيوس ومرتبة بذات الطريقة.
إذا ما وافقنا على ذلك، أمكننا القول أن تيسيوس عاد من كنوسوس بسفينتين، الأولى التي تم استبدال قطعها بقطع جديدة، والثانية هي تلك التي تم جمع قطعها مجدداً وإعادة بنائها. ولكن تيسيوس سافر بسفينة واحدة... أي واحدة منها!؟
ماذا عن حلول هذا التناقض؟
قدم الفيلسوف اليوناني هيراكليتوس لحل هذا التناقض فكرة النهر الذي تتجدد مياهه باستمرار، فالنهر هو نفسه، بينما المياه تتغير باستمرار. وخالفه في ذلك بلوتارخ الذي يرى أنه لا يمكن للإنسان أن يضع قدمه في نفس النهر مرتين.
أما بالنسبة لأرسطو، فنجد أنفسنا أمام أربع حالات لوصف شيء ما:
الحالة الشكلية (هي شكل الجسم) والحالة المادية (وتتعلق بمكونات الجسم)... فماهية الشيء بالنسبة لأرسطو هي الحالة الشكلية، وبالتالي فإن سفينة تيسيوس هي السفينة التي أعيد إصلاحها، فلم يتغير الشكل أو التصميم على الرغم من تغير المكونات.
ويضيف أرسطو أيضاً الحالة النهائية (هدف الشيء)، والسفينة التي جرى إصلاحها استخدمت لنفس الغرض التي استخدمت له الأصلية في نقل تيسيوس، والحالة الأخيرة هي الحالة الكيفية (كيف ومن صنع الشيء).
ويمكن لنا التطرق إلى الموضوع من نفسه من ناحية الفلسفة الأدبية، من خلال تعريفنا لكلمة "نفس الشيء". ما رأيكم أنتم... أي من السفينتين هي سفينة تيسيوس؟
المصدر:
"The Ship of Theseus, Person and Object: A Metaphysical Study", By Roderick M. Chisholm - Page 89
الصورة لتمثال تيسيوس وهو يذبح المينوتور، في متحف فينا، النمسا.