العمارة والتشييد > التشييد
قناة بنما... مصعد السفن المائي
تمتد قناة بنما على مسافة 80 كيلومتر بين المحيطين الهادي والأطلسي، وهي ممر مائي محفور في واحدة من أضيق المناطق في البرزخ الصخري الذي يصل بين أمريكا الشمالية والجنوبية، مختصرة بذلك مسافات شاسعة للسفن التي تمر عبرها . وتُعد هذه القناة من أعظم الإنجازات الهندسية في العالم. حيث عملت القناة ـ بعد الانتهاء من شقها عام 1914 م ـ على تقصير مسافة رحلة السفن ما بين مدينة نيويورك وسان فرانسيسكو إلى أقل من 8،370كم. وفي الفترة التي سبقت شق هذه القناة، كان على السفن التي تقوم بمثل تلك الرحلة، أن تبحر حول أمريكا الجنوبية قاطعة نحو 20،900كم.
تعتمد القناة نظاماً من الأهوسة المائية Locks بالإضافة إلى بوابات للدخول والخروج ، حيث يستخدم الهويس المائي كمنشأة مائية تنقل القطع الملاحية عند وجود اختلاف في المنسوب خلال المجرى المائي، ويتكون من حوض بيتوني له بوابتان خلفية وأمامية للمرور، وبه عدة بوابات جانبية لتفريغ وملئ الحوض حتى يتسنى للقطعة البحرية المرور إلى أعلى أو إلى أسفل بعد أن تفتح البوابات الجانبية لتساوى مستوى المياه داخل الحوض مع مستوى مياه الجهة الهدف حسب اتجاه الحركة.
تعمل الأهوسة المائية في قناة بنما كرافعات مائية لرفع السفن من مستوي المحيط إلى مستوي بحيرة غاتون Gatun Lake على ارتفاع 26 متراً فوق سطح البحر، لتستطيع السفن الإبحار عبر الفاصل القاري (continental divide) وتحمل كل مجموعة أهوسة اسم المكان الذي بنيت فيه وهي غاتون Gatun على الجانب الأطلسي وبيدرو ميغيل Pero Miguel وميرافلورس Miraflores على الجانب الهادي، وتمتد الأحواض أو المقصورات المائية ل 33.53 متر عرضاً و304.8 متر طولا وتستغرق كل مقصورة حوالي 8 دقائق لتمتلئ بالماء.
أما المياه المستخدمة لرفع وإنزال السفن فتعبر من بحيرة غاتون بتأثير قوة الجاذبية (وحسب خاصية الأواني المستطرقة) عبر نظام أقنية رئيسي يمتد تحت المقصورات من الجدران الخارجية وحتى الجدار المركزي.
الجزء الأضيق من القناة هو كوليبرا Culebra Cut ويمتد من النهاية الشمالية لأهوسة بيدرو ميغيل وحتى الحافة الجنوبية لبحيرة غاتون بطول 13.7 كيلومتر وهو محفور في صخر الفاصل القاري .
تعبر السفن بشكل يومي قناة بنما من كل أنحاء العالم بمعدل سنوي يقدر من 13 وحتى 14 ألف سفينة، وهي تخدم أكثر من 144 ممراً ملاحيا وتصل 160 بلدا وأكثر من 1700 ميناء. علماً أن السفينة تستغرق من 8 وحتى 10 ساعات لعبور كامل القناة. وتقدر القوى العاملة في القناة بحوالي 10 آلاف موظف، وتعمل القناة 24 ساعة يومياً و365 يوم سنوياً موفرة خدمة النقل لجميع دول العالم دون أي تمييز
أما تاريخياً فقد بدأ الكونت فيردناند دي ليسبيس بناء القناة عام 1880، بينما عبرت أول سفينة القناة عام 1914 وتناوب أكثر من 56 ألف عاملاً على العمل فيها حتى انتهى بناءها، وبلغت الكلفة النهائية للبناء 375 مليون دولار أميركي متضمنة 10 ملايين دفعت لدولة بنما و40 مليون للشركة الفرنسية للحصول على حقوق القناة. وتضمن بناءها عدة مصاعب أهمها التضاريس الجبلية والمناخ الممطر وكثرة فيضانات الأنهار وانتشار الملاريا والحمى الصفراء.
المصادر: