العمارة والتشييد > التشييد
التحفتان الهندسيتان في ملعب ويمبلي الشهير
يعد ملعب ويمبلي Wembley Stadium الواقع في غرب لندن من أشهر الملاعب في العالم. أسس في العام ١٩٢٣م، وفي عام ٢٠٠٠م أغلق الملعب من أجل الهدم و إعادة التصميم ليفتتح في عام ٢٠٠٧م و قد احتوى على تحفتين هندسيتين من تصميم المهندس البريطاني نورمان فوستر Norman Foster فما هما هاتان التحفتان؟
الأولى تحفة السقف الطائر:
يملك ملعب ويمبلي سقفاً طائر بمساحة ٤٤٥٠٠ متر مربع ووزن يبلغ ٧٠٠٠ طن ويغطي ٩٠٠٠٠مقعد، فقد كان موجز التصميم لهذا السقف بأن يكون سقفاً لا يكوّن الظلال على أرض الملعب و بالتالي وصول أشعة الشمس إلى كل نقاط أرض الملعب للحفاظ على العشب الطبيعي و على الرؤية الواضحة، فكيف تم هذا ؟؟!!
إن سقف ملعب ويمبلي هو سقف قابل للطي يحتوي في جهته الجنوبية على سبعة ألواح منفصلة عن بعضها البعض بشكل مستقل، حيث تتحرك هذه الألواح بحركة متوازية نحو الجنوب و عندما يكون هذا السقف في حالة الفتح الكامل تتوضع هذه الألواح فوق بعضها البعض أما في الجهة الشمالية فهو قسم ثابت غير قابل للطي .
يتكون السقف الجنوبي من لوحة مركزية كبيرة وثلاث ألواح في الجهة الشرقية وثلاث أخرى في الجهة الغربية، حيث أن من بين كل ثلاث ألواح في الجهة الشرقية والغربية يوجد لوحان سفليان ينزلقان تحت لوح علوي كبير بحيث أنها عند الانزلاق لا تبرز خارج محيط صحن الملعب، واستكمالاً لحركة السقف المسحوب بدايةً تسحب الألواح الشرقية والغربية وأخيراً تسحب اللوحة المركزية الكبيرة لتتراجع كل الألواح و تتموضع في مكانها الدقيق .
الألواح عبارة عن إطارات مع جوائز شبكية وعارضات لوحية تستند على عربات و يتوضع فوقها سقف معدني مستمر، إن قيادة الألواح تتم باستخدام تقنية هندسية ميكانيكية وهي الجريدة والترس ( rack and pinion ) مع عربات تسير على سكك مماثلة لسكك بلينكينسوب ( John Blenkinsop Railway ) حيث أن هذه السكك ممتدة على طول المدرج الذي يمتد من الشمال إلى الجنوب.
وبسبب تأثير الرياح على العوارض التي في السقف قام المهندسون بمقاومة تأثير الرفع للرياح ( wind uplift ) بتأمين سلسلة من العناصر الأنبوبية التي تغطي الطول في السقوف في الشمال و الجنوب، هذه العناصر الأنبوبية أثناء تأثير الرفع للرياح و بدمجها مع المدادات ( Purlins ) تستطيع هذه مقاومة الإلتواء الجانبي للعوارض العليا المعرضة لتأثير حمل الهبوط للرياح ( wind downard ).
و التحفة الثانية هي تحفة القوس العملاق :
يعتبر هذا القوس أضخم قوس أحادي الهيكل في العالم حيث يمكن رؤيته من مسافة ٢١ كم و يعتبر منارة للطائرات التي تحلق على علو منخفض، حيث بلغ وزن هذا القوس ١٧٥٠طن و طوله ١٣٣ متر و قطره الداخلي ٧،٥ متر ولكن هل يعقل أن مثل هذا السقف قد بني فقط من أجل الجمال المعماري ؟!
بالتأكيد لا فهذا القوس الضخم هو المسؤول عن حمل جزء كبير من السقف الطائر، فقد صمم هذا القوس لإعطائه مظهر الصلابة دون تكبد أعباء أحمال الرياح لذلك تمتع بمظهر شبكي حيث أنه تألف من ٤١حلقة فولاذية متصلة مع بعضها ب ١٣ وتر حلزوني أنبوبي الهيكل، يملك كل وتر نهايتين مدببتين .تم تثبيت هذا القوس من طرفيه بمفصلين، هذه المفاصل بدورها مستندة على أساسات خرسانية تقوم على أوتاد (Piles) مغروزة في الأرض على عمق ٣٥ متر .
مهمة هذا القوس الضخم هو حمل السقف الأضخم لذلك تم ربط القوس بكابلات مربوطة من طرفها الثاني بالسقف وبالتالي تصبح مشدودة تحت تأثير وزن السقف، تم توزيع هذه الكابلات التي بلغ طولها ٦ كم بنمط قطري لتوزيع الحمل على القوس، وبذلك بفضل الشد الموجود في الكابلات و النمط القطري للتوزيع اكتسب القوس مقاومة ضد الإلتواء .
قد تم وضع هذا القوس بشكل مائل عن الأفق ب ٦٨ درجة ، وخلال رفع هذا الهيكل تم استخدام بعض التقنيات الميكانيكية أيضاً مثل عقد بريسك ( Prusik Knot ) إضافة ل ٢٥ رافعة هيدروليكية استمرت بالعمل لأربعة أسابيع متتالية.
لعل ملعب ويمبلي بهاتين التحفتين الهندسيتين قد أسر الكثيرين من عشاق كرة القدم، فلم تعد كرة القدم مقترنة فقط باللاعبين ومهاراتهم في زمننا الحالي، يبدو أن الهندسة أيضاً قد قررت الدخول إلى عالم الكرة من بوابة الابداع بالتصميم و التنفيذ.
المصادر: