ديفيد باوي... حرباء موسيقى الروك، وداعاً.

استمع على ساوندكلاود 🎧

وُلِدَ ديفيد روبرت جونز في بريكستن-لندن الجنوبية-انكلترا في الثامن من كانون الثاني عام 1947. حيث أظهر اهتمامه بالموسيقى في سنين مبكرة من حياته وبدأ العزف على آلة الساكسفون في عمر الثالثة عشر فكان متأثراً بشكل كبير بأخيه تيري الذي فجر له مواهبه وأهداه إلى طريق موسيقى الروك. فيما بعد عانى الأخير من اضطرابات عقليّة منهيةً به المطاف إلى المصحّة العقلية، واستمرت حالته بالسوء إلى أن انتهى منتحراً. فكان ذلك تحوّلا دراماتيكيّاً في حياة ديفيد ونقطة تحوّل في مسيرته لا سيما أنه أحيا هذه الذكرى لاحقاً بأغنية "Jump they say".

بعد تخرّجه من ثانوية بروملي التقنية في سن السادسة عشر اهتم ديفيد في الرسم والتصميم، كما استمر في عزف الموسيقى مشتركاً مع عدد من الفرق الموسيقية، ثمَّ انشأ فرقته الخاصة وأسماها "Davy Jones and the Lower Third"، كما قام باصدار العديد من الأغاني الفردية في تلك الفترة، لكنها لم تحظى باهتمام الجمهور الذي كان يرجوه آنذاك.

في وقتٍ لاحق وخوفاً من اختلاط الأسماء بينه وبين دافي جونز قائد فرقة "The Monkees" الذي سبقه الأخير إليه، قرر ديفيد تغيير اسمه الأخير إلى "باوي"، الاسم الذي استمدّه من السكّينة الأميركية المشهورة في القرن التاسع عشر والتي صمّمها "جيم باوي".

بقي ديفيد في نهاية المطاف لوحده لا سيما بعد تسجيله البوم إفرادي لم يحظى بنجاحٍ حقيقي مما جعله ينأى بنفسه عن عالم الموسيقى لبعض الوقت.

عاش فترة من سنين حياته في الستّينات في دير للبوذيين في اسكتلندا. بعدها أنشأ جماعة تمثيل إيمائي دعاها "Feathers". ثم التقى بعارضة الأزياء "انجيلا بارنت"، وتزوجا في العشرين من آذار عام 1970، وأنجبا طفلاً أطلقا عليه اسم "دونكان" ولقباه "زوي" قبل أن يتطلقا في عام 1971.

بالعودة لحياته الموسيقية راحت الموسيقى تشغل وقت باوي بالكامل مع بداية عام 1969 ، حيث وقع عقداً مع شركة "ميركوري" للتسجيل وأطلق في ذلك الصيف أغنيته المنفردة"Space Oddity" التي تردد صداها بسرعة بين معجبيه، لا سيما بعد أن قامت الBBC باستخدامها كموسيقى تصويرية لدى تغطيتها لمهمة أبولو 11 الأولى من نوعها آنذاك التي تقود الإنسان إلى النزول على سطح القمر. مع مرور الوقت ازدادت شهرة باوي، كذلك ازدادت رغبته في الحفاظ على معجبيه كما على منتقديه. فكان دائم المحاولة للفت الأنظار إليه واستقطاب الصحفيين للحديث عنه وعن الأزياء الفريدة المفعمة بالألوان التي كان يرتديها في حفلاته، مما عكس اهتمامه بالأزياء التي سخرّها للتعبير عن تحديه لكل ما اعتاد عليه المجتمع. أما بالنسبة لألبومه"The Rise and Fall of Ziggy Stardust and the Spiders from Mars" الذي أطلقه في عام 1972 فهو في واقع الأمر ما حقق له أعلى مراتب النجومية لا سيما في تجسيده لشخصية زيغي ستاردست، وهي شخصية من ابتكاره جسدّها في عروضٍ له آنذاك، فكان هذا

الألبوم بداية عصر جديد من موسيقى الروك، معلناً انتهاء عصر وودستوك وموسيقى الستينيات. لاحقاً، في عام 1973 أطلق ألبوم"Aladdin Sane" الذي ميزه أغنيتان قدمهما بالتعاون مع ميك جاغر وكيث ريتشاردز هما"The Jean Genie" و"Let's Spend The Night Together".

لم يكن اهتمام باوي مقتصراً فقط على الموسيقى. بل كان شغوفاً بالافلام، إذ اخذ دور البطولة في فيلم "The Man Who Fell to Earth" عام 1976، وشارك في فيلم "The Elephant Man" عام 1980.

أُصيب "باوي" بذبحة قلبيّة عندما كان يؤدّي إحدى عروضه في ألمانيا عام 2004، لكنّه ما برح أن تعافى بشكلٍ كامل بعد حين، وقام بعدها بمشاركة عدة فرق الأداء كفرقة "Arcade Fire" والممثلة "سكارلت يوهانسن" مشتركاً معها بألبوم "Anywhere I Lay My head" عام 2008 (مجموعة من أغاني "توم وايت").

نُصّب "باوي" ليكون على ساحة المشاهير عام 1996، كما نال جائزة غرامي عام 2006، ثم ظل متخفيّاً عن الساحة الفنية لعدّة سنوات حتى عاد سنة 2013 بألبوم "The Next Day" الذي ضرب ضربته متصدراً المرتبة الثانية في قوائم الأغاني الأفضل في تلك السنة.

في السنة التي تلتها أصدر احد أكثر ألبوماته نجاحاً "Nothing Has Changed"، كما أصدر أغنية "Lazarus" التي أعادت إحياء شخصيته في "The Man Who Fell to Earth".

أصدر آخر ألبوم له في عيد ميلاده في الثامن من شهر كانون الثاني لهذا العام، فأدرك العالم بعد يومين أنّ هذا الألبوم كان يُنجز تحت ظروف صعبة للغاية! حيث توفي هذا الأيقونة الموسيقيّة في العاشر من كانون الثاني من عام 2016 بعد يومين فقط من عيد ميلاده التاسع والستون بعد صراعٍ مع مرض السرطان دام 18 شهراً، تاركاً خلفه 26 ألبوماً، ذلك الحرباء الموسيقيّة الذي عوّدنا على التغيير في موسيقاه ومظهره.

اخترنا لكم من أغانيه:

Blackstar:

Heroes:

Lazarus:

The Man Who Sold The World:

المصدر:

هنا