أزياء القرن التاسع عشر - الجزء الأول

يمكن تقسيم فن تصميم الأزياء في القرن التّاسع عشر إلى ثلاثةِ أقسامٍ رئيسيّة:

1- أزياءُ حقبةِ الوصايةِ على العرش في إنكلترا 1811-1820.

2- أزياءُ العصرِ الرّومانسيّ في الغرب 1825-1845 . (اللذين سنقدمهما في الجّزء الأول من السّلسلة).

3- أزياءُ العصر الفيكتوريّ 1837-1901. (وهذا ما سنقدّمه في الجّزء الثّاني).

1- أزياءُ عصرِ الوصاية على العرش في إنكلترا (1811-1820):

تأثير نابليون بونابارت :

تُوّج نابليون بونابارت إمبراطوراً على فرنسا عام 1804 وقام بإتّباع التّقليدِ القديمِ لأسلافِه في إنعاشِ الاقتصادِ الفرنسي بالاعتمادِ على الأزياءِ خصوصاً بعد تراجعِ صناعةِ المنسوجاتِ الفرنسيّة خلال الثّورة لصالح المنسوجات الإنكليزيّة. ولهذه الغاية أصدر بونابارت قراراً بإيقاف استيراد النّسيج الإنكليزي وأعادَ إحياءَ صناعةِ المخرّمات الفالنسيّة وبدأت أقمشةٌ جيّدةٌ بالظهور مثل التُّول الرقيقِ tulle والباتيستي batiste. ولجعلِ النساء تستهلكُ أكبرَ كمّيةٍ من الأقمشةِ قام بونابارت بمنع النّساء من ارتداء الثّوب نفسَه مرّتين إلى البَلاط كما منع المواقدَ في في حديقة The Tuileries وسط باريس لجعل النّساء تلبس المزيد من الملابس اتقاءً للبرد! كما راجت الأثواب المذيلة لنفس السّبب. وقد كانت زوجتُه الإمبراطورةُ جوزفين أيقونةَ الموضة في عصرِها وقلّدتها الكثيرُ من النّساء الفرنسيّات. ولم يغفل بونابارت دَور الرّجال في استهلاكِ الّنسيجِ فأجبر العساكر على ارتداء سراويلَ من السّاتان الأبيض في المناسباتِ الرسمية.

أسلوب الثوب الإمبراطوري: وهو ما يُطلق على الثّوبِ ذي الخصرِ العالي الذي يكون قسمُه العلويُّ فضفاضاً يُجمَع تحت خطِّ الصدر بحزام غالباً، كما يتميّز بياقةٍ منخفضةٍ كاشفةٍ للرقبة مربّعةِ الشكلِ وصدارٍ قصيرٍ وضيّقٍ يتصلُ بتنورةٍ منفصلةٍ طويلةٍ. كما يبدو في الصورة 1.

وكانت الأقمشةُ المستخدمةُ عادةً هي الموسلين والشاش الأبيض والباتيستي . كمان كان الارتداءُ المتكرّرُ للّونِ الأبيض دليلاً على المكانةِ الاجتماعية الرفيعة نظراً لسرعة اتساخه.

تزيين الأثواب 1800-1825:

- التزينات الكلاسيكية والتي كانت مستوحاةً من السّيدات الإغريقيّات كما قدّمهنّ الأدبُ الإغريقيُّ بأثوابٍ ذاتِ حواشي مطرزةٍ بزخرفةٍ هندسيةٍ وشالاتٍ كما في الصورة 2.

-التزينات المصرية : والتي وصلت إلى فرنسا عن طريقِ حملاتِ بونابارت في الشّرق واستقطبت الاهتمامَ بعد المللِ الذي سادَ بسبب بساطةِ الأثوابِ الكلاسيكية وحاجتِها للكثيرِ من التّطريز المُرهِق.

-التزينات الاسبانية: أبرزُ ما كان يميّزُها الأكمامُ الطويلةُ المتدرّجةُ ذاتُ الطولِ الإضافيِّ التي كانت تسمّى بالأكمام المملوكية كما في الصورة 3.

- التزينات ذات الطابع العسكري والتي انتشرت بسبب حملاتِ بونابارت العسكريةِ وشملت أزياءَ الجنسين.

تأثير الأسلوب القوطي(الجرماني) :

تسلسلَ الأسلوبُ القوطيُّ إلى الموضةِ على حسابِ الأسلوبِ الكلاسيكيّ إذ كانت قصّاتُه أوسعَ وأكثرَ راحةً. وسادَ هذا الأسلوب حتى اعتلاء الملكة فيكتوريا للعرش .تميّز هذا الأسلوبُ بكثرة الزّركشات على الأثوابِ كالكشاكش والثّنيات والطّيات المبطّنة كما يبدو في الصورة:

الفروقات في الموضة بين إنكلترا وفرنسا:

في فترةِ الحربِ لم يكن لدى السّيداتِ الإنكليزيات أدنى فكرةً عن الموضةِ في فرنسا فكانَ خطُّ الخصرِ في أثوابِهن منخفضاً والتنوراتِ كانت أكثرَ اتساعاً مما أثارَ سخريةَ الفرنسيين واضطرهنّ إلى إتّباع الموضةِ الفرنسيةِ ذات الخصرِ الأعلى. ووصل خط الخصر لأعلى ارتفاع له عام 1817 ثم بدأ بعدَها بالانخفاضِ التّدريجيّ حتى وصل لموقعِه الطبيعي.

الهوسُ بالزّيّ الإنكليزي (Anglomania):

سرعانَ ما راقت الموضةُ الإنكليزيةُ ذات الخصرِ الأخفضِ والتنورةِ الأوسع للنساءِ الفرنسيّات فاستجابَ المصمّمون الفرنسيّون لهن وبدأ الهوسُ بالزّيّ الإنكليزي يتسلل إلى فرنسا.

2- أزياء العصر الرومانسي 1820-1837:

استمرّ الهوسُ بالزّيّ الإنكليزيّ في الحقبةِ الرومانسيّةِ بعدَ أن أصبحت حروبُ بونابارت من الذّاكرة كما وصلَ تأثيرُ الأسلوبِ القوطيِّ في الأزياءِ إلى ذُروتِه .

بعدَ عامِ 1820 راجت موضةُ الخصرِ النّحيلِ واستخدمت كلُّ النّساءِ المشدّات للحصول عليه. ولتعديل المظهر أصبحت التنورات أكثر اتساعاً وكانت حوافُها محشيّةً بشعر الحصان لإبعادِها عن السّاقين.كما انتشرت موضةُ ياقات Pereline التي تعطي مظهراً عريضاً للأكتاف مُبرزةً نحولة الخصر. وتماشياً مع عرضِ الكتفين ظهرت موضةُ القبعاتِ العريضةِ المزينة بالريش والشرائط والقلنسوات، بالإضافةِ لتسريحةِ عقدة أبّولو Apollo knot المرتفعة التي تميّزت بها الحقبةُ الرومانسيةُ. بالنسبة للأكمام اشتهرت أكمامُ beret المنتفخةِ عند الذراعِ بالإضافة إلى أكمامِ gigot التي تشبه ساقَ الخروفِ المدوّرة من الأعلى وأكثر اتساعاً عند المعصم.

تلاشت كل مظاهر تزيين التنورات بحلولِ عام 1828 فيما بقيت الحوافُّ المبطنةُ. وفي عام 1835 أصبحت الأثوابُ أقلُّ انتفاخاً وأكثر دائريةً وأشبهُ بالجرس مهيّأةً المشهدَ للعصرِ الفيكتوريِّ الذي سنستعرض أزياءَه في الجزءِ القادم.

المصدر:

هنا