الفنون البصرية > فن وتراث
السّاموراي اليابانيّ، عقيدةٌ وأسلوبُ حياة
من هو مُحارب الساموراي؟
الساموراي هو عضوٌ من أعضاءِ الفرقِ العسكريةِ في اليابانِ الإقطاعية، ويُعتبرُ من المحاربينَ النبلاءِ الذين هيمنوا على اليابان في الفترةِ الممتدةِ بين القرنِ العاشرِ الميلاديِّ وحتى زوالِ النظامِ الإقطاعيِّ في القرنِ التاسعِ عشــر. وتُترجَمُ كلمةُ الساموراي حرفياً بالمحاربِ الذي يقومُ على خدمةِ وحمايةِ سيّده.
يحملُ محاربُ الساموراي عادةً سيفيـن وهما أهمّ ما يملك، الأولُ يُدعى كاتانا Catana وهو السيفُ الطويـلُ، والـ واكيزاشي Wakizashi وهو السيفُ الأقصر. بالإضافةِ إلى براعتهِ في القتالِ بالسيفِ، يُعَدُّ الساموراي رامِ سهامٍ بارِع. ويرتدي المحاربُ درعاً أسوداً ولكن تغيَّرَ لونُ الدرعِ فيما بعد ليصبحَ بألوانٍ متعدِّدة. صُنِعً الدّرعُ من الحديدِ والنحاسِ والجلدِ، أما الخوذةُ فقد صنِعَت من أكثرَ من مائةِ صفيحةٍ معدنيةٍ مثبَّتةٍ ببعضِها بإحكام.
الساموراي ليست مهنةً عاديةً، بل هي عقيدةٌ وأسلوبُ حياة يعتنقهُ محاربو الساموراي في حياتِهم ومبادئِهم الأخلاقيـةِ ويتضمنُ التشريعاتِ والقوانيـنَ التي تدعى بـ بوشيدو Bushido أو The Way of the Warrior. وتتضمّن هذه التشريعات والقوانين الإخلاصَ التّامَّ والولاءَ والطاعةَ والتضحيةَ التامةَ بالنفسِ لزعيمِ الساموراي. أمَّا في حالِ الهزيمةِ أو الضعفِ التي ستُلحِقُ العارَ بزعيمِهم فيـُجبَرُ محاربُ الساموراي على الانتحار. Compulsory Suicide
تاريخُ الساموراي:
1-بدايةُ الساموراي وحقبةُ كاماكورا Kamakura Period:
كان الساموراي محاربٌ بسيطٌ يقومُ على خدمةِ أصحابِ الأملاكِ والأراضي الأرستقراطيين. وبحلولِ القرنِ الثاني عشر تراجعَ دورُ البلاطِ واضمحلَّت قوةُ الإمبراطورِ والنبلاءِ وانتقلت القوةُ السياسيةُ إلى رؤساءِ العشائر التي أخذت تزدادُ قوةً ونفاذاً إلى أن اندلعتِ الحربُ بين اثنين من أكبرِ العشائرِ اليابانية تايرا Taira وميناموتو Minamoto.
انتهت الحربُ بانتصارِ عشيرةِ الميناموتو على يدِ قائدِها محاربُ الساموراي وتأسيسِها لحكمٍ عسكريٍّ ديكتاتوريٍّ وراثيٍّ في مدينة كاماكورا Kamakura. فكان الساموراي محاربٌ تحت يد ال "Shogun " أي قائدُ الدولةِ في الفترةِ الإقطاعيةِ الديكتاتورية. فأصبحت القوةُ العسكريةُ والسياسيةُ كلُّها الآنَ بيدِ السامـوراي. وبدأتِ الثقافةُ التأمليّةُ للـZen Buddhism بالتأثيرِ على الساموراي ومثَّلتِ الخلفيةَ الفلسفيةَ المثاليةَ لمبادىءِ الساموراي وعقيـدتِه.
2-حقبةُ آشيكاغا Ashikaga Shogunate أو Muromachi:
بعدَ غزوِ المغولِ لليابان نهايةَ القرنِ الثالثِ عشر ضعُفَ الحكمُ فاستغلَّ آشيكاغا تاكاوجي Ashikaga Takauji هذا الضعفَ ليقومَ بالتمرّدِ وأخذِ الحكم. كانت اليابانُ في عهدِه في فوضىً ونزاعاتٍ بين العشائرِ امتدّت لقرنين من الزَّمن، فقامَ محاربو الساموراي باتخاذِ خطوةٍ كبيرةٍ في حفظِ الأمنِ والقانونِ في البِـلاد. فتعزّزت قوتُهم وسيطرتُهم على اليابان وازدهرَ الاقتصاد. وكانت هذه الحقبةُ هي الحقبةُ الذهبيةُ للفنونِ كالرسمِ وفنِّ تنسيقِ الزّهورِ وغيرِها وزادَ تأثُّر الساموراي فيها أيضاً بZen Buddhism .
3-حقبةُ توكوغاوا Tokugawa Shogunate: 1600s
وفي نهايةِ القرنِ السادسِ عشر وبدايةِ القرنِ السابعِ عشر اتّحدتِ اليابانُ على يدِ توكوغاوا Tokugawa Ieyasu وازدهرت ازدهاراً كبيـراً. وللمرَّةِ الأولى منذُ عدّةِ قرونٍ، حكمَ الساموراي كقوَّةٍ مدنيّـةٍ لا كقوَّةٍ عسكريـةٍ وكانت له عدةُ مسؤولياتٍ مدنيةٍ منها التدريبُ على فنونِ القتالِ والتهذيبِ وتعليمِ الأخلاقِ والسلوكِ من خلالِ التعاليمِ الكنفوشيوسية. وظهرت خلالَ هذه الحقبةِ البوشيدو Bushido كمجموعةِ تعاليمَ ومبادىءَ وقوانينَ لمحاربي الساموراي التي تضمنت الولاءَ والطاعةَ والتضحيةَ واحترامَ الكبيـر.
4- نهايةُ نظامِ الإقطاعِ في اليابان وإلغاءُ القوةِ السياسيةِ والعسكريةِ للساموراي:
في منتصفِ القرنِ التاسع عشر، ومع ازديادِ حالةِ الفقرِ والجوعِ لدى طبقةِ الفلاحين وتوقيعِ معاهداتٍ تجاريةٍ مع الدولِ الغربيةِ رغبَ الشعبُ بمن فيهم الساموراي بإطاحةِ نظامِ الإقطاعِ وعودةِ النظامِ الإمبراطوري. عادَ النظامُ الإمبراطوريُّ لحكمِ اليابان بيدِ الإمبراطورِ ميجي في عام 1868 ولكن ألغيَت رتبةُ الساموراي ومُنعَ بعدها حملُ السِّلاح إلا للقوّاتِ العسكريةِ الوطنيّة.
نســـاء الساموراي:
على الرغمِ من أنَّ معظمَ المحاربين في اليابانِ القديمةِ كانوا من الرجالِ، ارتقت بعضُ النساءِ إلى رتبةِ الساموراي وتلقّتِ التدريباتِ في الفنونِ القتاليةِ ولكن مُنعَت من المشاركةِ في الحروب. ففي زمنِ الحروبِ كانت وظيفتُهنَّ غسلَ رؤوسِ الأعداءِ المقطوعةِ وتقديمِها إلى قادةِ الحربِ المنتصرين. حملت نساءُ الساموراي خناجرَ صغيـرة وكُنَّ على استعدادٍ للتضحيةِ بالنفسِ في سبيلِ شرفِ العائلةِ واسمِها.
أما في حقبةِ توكوغاوا وبعدَ اتحادِ اليابان اتجهت النساءُ إلى تعليمِ أطفالِهن والعنايةِ بأمورِ المنزل.
هذا وعلى الرغمِ من أفولِ قوةِ الساموراي في القرنِ التاسع عشر، ما زالت تعاليمُهم ومبادئهم حيّةً في الفنونِ القتاليةِ اليابانيةِ إلى يومِنا هذا.
المصادر: