الكيمياء والصيدلة > صيدلة
حقائق لا تعرفها عن مميّع الدم الأشهر في العالم
لا يخفى عن أحدٍ أننا نعتمد على المعلومات المتناقلة فيما بيننا حتّى لو تعلّق الأمر بدواءٍ هامٍ مثل الوارفارينWarfarin ، لذلك سنتعرّف في مقالنا هذا على حقائق متنوعة لا تخلو من الغرابة قد لا نعرفها عن الدواء الذي يستخدم يومياً في منازلنا.
1- بدأت القصّة عام 1954 حين تمّت الموافقة على دواء يُدعىCoumadin ، وهو مضاد تخثّر يساعد على الوقاية من حالات الموت المحتملة بسبب تشكّل الخثرات الدموية. وبقي استخدام الكومادين شائعاً إلى أن جاء الـ Warfarin ، وهو الصنف الأصليّ ذو السعر الأكثر معقولية، ليصبح متوافراً بعد عدّة سنوات. لكن كان لابدّ من وجود بعض الشكوك والتخوّفات حول مأمونيّة التبديل بين الصنف التجاري والدواء الأصلي، إلّا أنّ الدراسات اللاحقة أظهرت وجود مخاطر قليلة أو تكاد تكون معدومة لاستخدام الدواء الأصل وهو الوارفارين، شريطة إحداث تغييرات طفيفة في الجرعة عند إجراء التبديل حتّى تصل المستويات الدموية إلى المدى المطلوب.
2- يُعتبر الوارفارين دواءً ذا درجة تأهّب قصوى وفقاً لمؤسّسة الممارسات الطبّيّة الآمنة، ممّا يعني أنّ الجرعات الخاطئة منه قد تودي إلى الموت المحتم! لذلك تأتي مضغوطات الوارفارين بعدّة أشكال، ولكنّها تكون بلون واحد لكل شدّة جرعة، على سبيل المثال تكون أقراص الوارفارين بالجرعة 5 ملغ (وهي الجرعة الأكثر انتشاراً) ذات لونٍ برتقاليٍ فاتحٍ شبيهٍ بلون الدرّاق، وذلك بغضّ النظر عن المُصنّع. هذه الحالة ليست شائعة في الأدوية الأخرى لذلك تأكّد دائماً من لون القرص الذي تتناوله ومن كونه مطابقاً للجرعة المحدّدة لك، لأن تناول الجرعة الخاطئة قد يؤدّي لحدوث تخثّراتٍ دمويةٍ خطرة أو إلى نزوفٍ شديدة.
3- تستحقّ كذلك التداخلات الدوائية للوارفارين انتباهك بكلّ تأكيد، إذ تتداخل الكثير من الأدوية الموصوفة والأدوية التي لا تحتاج لوصفة OTC مع الوارفارين؛ كالأسبيرين والسيميتيدين ومضادات الإلتهاب غير الستيروئيدية NSAIDs مثل الإيبوبروفن والنابروكسين.
لذلك كن حريصاً دائماً على مراجعة وصفاتك الطبّيّة كلّها مع الصيدليّ أو الطبيب للتحقق من عدم وجود تداخلاتٍ خطرة. كذلك هو الحال بالنسبة للأدوية والمكمّلات العشبية، كعشبة القديس جون على سبيل المثال التي تستخدم أحياناً لعلاج حالات الاكتئاب المعتدل، فهي تقلل من تأثير الوافارين عبر تحفيز إنتاج الأنزيمات التي تفكّك الوارفارين. ومن المكمّلات الأخرى التي يجب تجنّبها عند أخذ الوارفارين:
- فيتامين A و E.
- الغلوكوزأمين.
- الجنسنغ الأمريكي.
- الجنكو بيلوبا.
- الزنجبيل.
- عنب الدب.
4- لا تقف التداخلات عند الأدوية وحسب، إذ يمكن حدوث تداخلات مع الطعام أو الشراب، فيعلم الكثيرون ممّن يتناولون الوارفارين بأنّ تناول الخضراوات الورقيّة الخضراء كالسبانخ والكرنب واللفت، قد يؤثر على قدرة الوارفارين على منع تخثّر الدم، حيث تحتوي هذه الخضراوات على فيتامين K الذي يمكن أن يمنع الوارفارين من أداء عمله. لا يقتصر الأمر على هذه الخضراوات حيث يوجد أيضاً أطعمة ومشروبات أخرى تؤثّر على فعالية الوارفارين العلاجية مثل:
- الكحول.
- التّوت البريّ وعصيره (يُفضّل تجنّبها).
- الحمص.
- الشّاي الأخضر.
- اللّحم البقريّ وكبد الخنزير.
5- عند تناولك الوارفارين تكون عرضة للنزف بشكلٍ أكبر لذلك من الضروري اتخاذ الاحتياطات اللّازمة، على سبيل المثال: استخدم فرشاة أسنانٍ طريّة، وخيوط تنظيف الأسنان المشمّعة، وكذلك شفرة كهربائية بدلاً من التقليدية لتجنّب حدوث الجروح. ابتعد عن الأشياء الحادّة وكن حذراً من النشاطات التي قد تؤدّي للسقوط.
6- لا شكّ بوجود قلقٍ حقيقي عند الكثير من المرضى الذين يتناولون مضادات تخثّر الدّم بسبب الحاجة لتحاليل الدّم الدورية والمحاذير التي تترافق مع تناولها. ولكن أحد أهمّ الفوائد الناتجة عن استخدام الوارفارين، وعلى عكس الأجيال الحديثة من مضادات التخثّر، أنّه يمكن عكس حالات النّزف عن طريق استخدام فيتامين K، وهو نفسه الفيتامين الذي أتينا على ذكره عند حديثنا عن الخضار الورقية.
7- قد يكون الوارفارين منقذاً لحياتك لكنّه أيضاً قاتلٌ للقوارض! إذ أنّه مضاد التخثّر الأوّل الذي صُنّف كـ(rodenticide) أي من المبيدات القاتلة للقوارض، فيقوم الوارفارين كما في البشر بإيقاف التخثّر الدموي الطبيعي عند القوارض، فعلى الرغم من امتلاك القوارض دوراً هاماًّ في الطبيعة إلّا أنّها قد تحمل الكثير من الأمراض وتتطلّب التدخّل للسيطرة على انتشارها. لذلك استُخدم الوارفارين سابقاً بشكلٍ واسعٍ لهذا الغرض ولكن تناقص استخدامه حالياً بسبب قدرة الكثير من القوارض على تطوير مقاومة تجاهه.
((تتضمن القوارض إضافة للفئران والجرذان كل من السناجب ونقار الخشب والقنافذ والكيب والنيص))
8- أدّى استخدام الوارفارين كمبيدٍ للقوارض وقتله للفئران ومثيلاتها إلى مشكلةٍ حقيقية، وهي موت الطيور المفترسة مثل البوم والصقور التي تتغذّى على هذه القوارض، ممّا استدعى الحاجة لسنّ الكثير من القوانين في أمريكا الشمالية للحدّ من استخدام مضادات تخثّر الدم كمبيدات للقوارض، لتسببها بتسميم الكثير من الطيور والحيوانات المفترسة.
من المشكلات الأخرى التي قد تطرأ نتيجة هذا الاستخدام للوارفارين هي أنّ عند وضعه في مصائد القوارض قد تتناوله حيوانات أخرى، بل وأكثر من ذلك خطراً وصول طفل إلى مثل هذه المصائد.
9- إن سبق وسمعت بمتلازمة أصابع الأقدام البنفسجيّة، فقد يخطر لك بأنّها نتيجة لارتداء الكعب العالي ربّما، ولكنّها في الواقع مشكلة نادرة نوعاً ما مرتبطة ببداية استخدام الوارفارين، وتحدث غالباً خلال 3 إلى 8 أسابيع من العلاج، ويُعتقد بأنّها نتيجة لصمّة صغيرة تحدث في أوعية الدم ممّا يسبب تلوّن الأقدام وأصابع القدم باللّون البنفسجيّ .
تتضمن كذلك الأعراض الأخرى الشعور بالبرودة والألم في القدمين، وربما حدوث تنخّر في الجلد. عادةً يتمّ إيقاف الوارفارين عند تشخيص هذه الأعراض ويٌستخدم مضاد تخثّر آخر.
10- كما ذكرنا سابقاً فإنّ تناول كمّيات كبيرة من الكحول يؤثر على تخرّب الوارفارين في الجسم (استقلابه) وقد يزيد من خطر النزوف.
كذلك يزيد لدى المرضى الذين يعانون من أمراض الكبد (التليّف الكبدي)، والذين يتعاطون الكحول بشكلٍ دائمٍ، خطر تشكّل الخثرات الدموية.
لذا تجنّب بشكلٍ عام الكمّيات الكبيرة من الكحول. حيث يُعتقد أنّ الاستخدام المعتدل (1- 2 كأس يومياً) قد لا تؤثّر على الاستجابة لمضادات التخثّر عند المرضى الذين يمتلكون وظيفة كبدية سليمة.
11- يُشار عادةً للوارفارين على أنّه مميّع دموي ولكنّ هذه التسمية غير دقيقة تماماً لكونه (إضافةً للمضادات تخثّر الدم الأخرى) لا يؤدي لتمييع الدم.
لتوضيح ذلك؛ لو جرحت نفسك فإنّ سلسلة من العوامل التخثّر المتواجدة في دمك والمساعدة على تشكيل الخثرة ستعمل على إيقاف النزيف، ويقتصر دور الوارفارين على تثبيط العوامل التخثّر هذه، ونتيجةً لتثبيطها سيبقى الدم "غير مُتخثّر" أو مائعاً.
12- يتمّ تحويل الكثير من المرضى من العلاج بالوارفارين إلى استخدام الأجيال الحديثة من مضادات التخثّر والتي تمنع تخثّر الدم بشكلٍ جيّد، لكنّها غالباً غالية الثمن جداً، فقد لا يقدر بعض المرضى على دفع ثمنه خاصّةً وأنّه يمكن الحصول على جرعة وارفارين كافية لمدّة شهر بسعرٍ مقبولٍ ومنخفضٍ نوعاً ما يصل إلى 4$.
ختاماً، إذا كنت بحاجة لمضاد لتخثّر الدم للحفاظ على حياتك، خصوصاً إن كنت تعاني من الرجفان الأذيني أو التخثّر الوريدي العميق DVT ، لا تعتمد على معلوماتك الطبّيّة الفردية في الاختيار الدوائي وإنما راجع طبيبك فوراً ليصف مضاد التخثّر الأفضل لك.
المصدر: