العمارة والتشييد > التصميم المعماري
ناطحات السحاب والعمارة القوطية.
"أعتقد أن أغلب ناطحات السحاب في مدينة نيويورك تفتقر التصميم المعماري، فهي عبارة عن صناديق مرتفعة مغطاة بستار زجاجي. هذا ليس تصميماً، التصميم هو التفكير بخليط من العناصر والأفكار العظيمة، مثل كيفية ظهور المبنى من مسافات مختلفة أو في هذه الحالة، كيفية جعل كل طابق فريد بالنسبة لمالكه" هكذا وصف المعماري مارك فوستر كايج Mark Foster Gage ناطحات السحاب التقليدية التي انتشرت عبر المدن المختلفة حول العالم. تابعوا معنا هذا المقال لنتعرف على ناطحة السحاب المصممة حسب أفكاره وفلسفته المعمارية المتميزة.
اختير المعماري مارك كايج Mark Foster Gage لتصميم ناطحة سحاب ضمن منطقة مانهاتن في مدينة نيويورك، مميزة ببذاختها الفائقة ورفاهية خصائصها، بارتفاعٍ يصل إلى الـ 455 متر. فوُصِفَت هذه المدينة ناطحة السحاب هذه، بأنها نقطة وصل بين الفنون الجميلة وخصائص فن الـArt Deco . كما أكدت على احتوائها على لغة تعبير خاصة بها مشتقة من المعماري العالمي غاودي ومن أمثلة عمارته المعاصرة. وذلك بسبب تصميمها الغريب وخاصة بالواجهة المنحوتة المخفية ضمن الشرفات المصممة خصيصاً لكل من وحداتها السكنية البالغ عددها واحد وتسعين وحدة.
تهدف هذه المخططات التصميمية المدهشة إلى إعادة تعريف نسب الجمال الخارجي في عمارة ناطحات السحاب، فجاء اختيار المعماري مارك كايج لتصميم المبنى شاهق الارتفاع ليساعده على تحقيق قوله بأن على ناطحات السحاب زيادة جمال المدينة وليس احتلال أمكنة فيها فقط. فوفقاً لهذا صَمَمَ البرجَ المُؤلف من 102 طابقاً وواجهات رئيسية منحوتة وومضات لافتة للنظر ناتجة عن أحزمة من البرونز.
سوف يتمتع ساكنو المبنى بإطلالة للحديقة المشهورة Central Parkوبإشراف مباشر على خط سماء المدينة Newyork Skyline. كما يحتوي البرج على عددٍ من الشرفات التي سوف تحدد عدداً من ملامح مدينة نيويورك الأساسية المحيطة للقاطنين.
نظراً لروعته وجماله الآخاذ، فقد وصف هذا الصرح المعماري الهائل بأنه النتيجة الحتمية لو أُعيد مايكل أنجلو إلى الحياة وطُلب منه تصميم ناطحة سحاب.
قال فريق عمل كايج "لقد أكدنا في نقاشاتنا، أن مبنى سكني بهذه الفخامة والضخامة يستحق أن يكون أكثر من صندوق حديدي أو زجاجي حديث معاصر آخر. خدمت هذه الأفكار الهندسة المعمارية للقرن الـ 20 جيداً لكن مدننا في تحضر وتقدم دائمين يجب علينا كمعماريين مواكبتهما، بالإضافة إلى توق واستحقاق سكان هذه المباني إلى المزيد. كمثال على النجاح المذهل لهذا الفلسفة الجديدة، يمكننا الاستشهاد بمبنى المعماري روبرت ستيرنز Robert A.M. Sterns المشرف على حديقة الـ Central Park. وبهذا نستطيع تأكيد أخذ تصميمنا النجاح المالي المرتقب وتطويره بما يناسب عمارة القرن الـ 21".
"من المفاهيم المنتشرة في معظم مجالات الصناعة والاستثمار، أن الجمال يُتَرجم من خلال مقدار الربح المالي. وها نحن نقوم بإرجاع هذه الأفكار لتعريف الجمال وفقاً لفلسفة الهندسة المعمارية والتنفيذية الكامنة وراء تصميمه".
يمتلك المبنى رواقه السماوي الخاص في الطابق الـ 64 مقدماً بذلك فضاءات تجارية مهمة، كما يمتلك أيضاً قاعة رقص فخمة على ارتفاع طابقين للمناسبات الخاصة ملحقة بمطعم ذو أربع نجوم.
اهتم فريق كايج أثناء تصميم تفاصيل الواجهات على تصميم مناطق ذات تركيز عالي من التفاصيل ومناطق أُخرى منخفضة التركيز، للحصول على صفات وخصائص مختلفة للواجهات ذات الامتداد الطولي الكبير، معتمدةً بذلك على مسافة المشاهد. كما سيكون كل طابق في المبنى فريداً مصمماً وفق هوية خاصة به.
على الرغم من الفرق الشاسع بين تصميم كايج وناطحات السحاب الأخرى في مانهاتن. إلا أن هذا البرج يمكن بناؤه اليوم ببساطة، مع العلم أن الأمر تطلب عقوداً من المعماريين القدماء لإنجازه. حيث تصّنع التصاميم الحجرية المعقدة اليوم بشكل أسرع باستخدام تقنية Computer Numerically Controlled (CNC).
قال المعماري مارك " إن هدفنا الرئيس لم يكن إعطاء رمزية للمبنى كما هَدَفَ من صمم مثل هذه الأشكال المنحوتة منذ قرن. حيث اعتاد المعماريون سابقاً توظيف النحاتين لسنوات عدة للحصول على هذه الأشكال الفريدة من الحجر كما في حالة كاتدرائية شارتريز Chartres Cathedral. بل يمكن هدفنا التوجه لتحقيق متطلبات الناس، الأغنياء على وجه الخصوص. فهذه الطبقة من المجتمع بدأت البحث مجدداً عن التفرد والتميز الحقيقي والجمال، بدلاً عن كون منازلهم عبارةً عن عقارات عادية متشابهة تبلغ السماء تم بناؤها وفق معادلات حسابية متوالية.
بالختام، إن واقع الحياة اليومية والاجتماعية في زمننا المعاصر يوجه العمارة النمطية من جديد لخدمة الفئات المختلفة للمجتمع وتلبية مطالبها، عن طريق إعادة إعطاء البصمة المعمارية المميزة لكل مبنى يتم إنشاؤه عوضاً عن اتخاذ طريق التصاميم الرائجة كمثال لاستنساخ أبنية جديدة عنها. فالعمارة يجب أن تتحلى دائماً بأصالة تصاميمها وحيازتها على بصمة خاصة بها.\
المصدر: