التاريخ وعلم الآثار > التاريخ
هل من تشابه بين مسلسل "صراع العروش" وقصة "يوليوس قيصر"!
صحيحٌ أن المسلسل "صراع العروش" يُبحرُ بنا بعالمٍ خيالي وأن جميعَ تلكَ الشخصيات السينمائيةِ ليس لها وجود في وثائقِ التاريخ، إلّا أننا قد قمنا برصد مجموعةٍ من أوجه التشابهِ بين ما حصل وبين الاغتيال الشهير للقائد الروماني "يوليوس قيصر". فتابعوا معنا المقال التالي...
تحذير من إفساد المسلسل: محتوى هذا المقال يحتوي على معلوماتٍ عن أحداث الحلقة الأخيرة من الموسم الخامس من مسلسل "صراع العروش".
مما لاشك فيه أن جميع متابعي مسلسل الفنتازيا "صراع العروش" قد تعرضوا للصدمة عندما شاهدوا المشهد الأخير من الموسم الخامس، ألا وهو مشهدُ اغتيال "جون سنو".
مسلسل "صراع العروش" والمقتبس عن روايةٍ بنفس الاسم، احتل قاعدةً شعبيةً كبيرة من قِبل محبيّ مسلسلات الفنتازيا حول العالم، كما وحاز على 26 جائزة إيمي إضافةً لجوائزَ أخرى. يُقدّم المسلسل في المشهد الأخير من الحلقةِ الأخيرة من الموسم الخامس مشهد اغتيال قائد الحرس "جون سنو" المشهد الذي وصفته شبكة "بي بي سي" ب"الصادم" ووصفتهُ بعض ردودِ الفعل بـ "أكثر المشاهد التلفزيونية صدمةً خلال عام 2015". ومع أن المسلسل يُقدّم قصةً خياليةً تماماً إلّا أنَّ أحداث اغتيال "جون سنو" تتشابهُ في العديدِ من الجوانب مع قصّةٍ حقيقيّة حدثت يوم 15 آذار (مارس) سنة 44 ق.م في قلبِ روما ألا وهي قصة اغتيال "يوليوس قيصر" القائد والفاتح الروماني العظيم.
عَمِد "يوليوس قيصر" على تعزيزِ سيطرته على الجمهورية الرومانية من خلال العملِ على أن يُصبح دكتاتوراً لها، وهذا بالفعل ما تَحقّق له عندما أعلنه مجلش الشيوخ دكتاتوراً إلى الأبد على الجمهورية الرومانية، مَجلِس الشيوخِ نفسهُ لم يكن راضياً عن ذلك، فقد خشي أن يتحوّلَ القيصر إلى طاغية إضافةً إلى أن الدكتاتورية تتعارضُ مع أهم مبادئ الجمهورية الرومانية القائمة على الديمقراطية، ذات التشابه نَراهُ في "جون سنو" الذي قَرّرَ السماحَ للهمجِ بعبور "الجدار" مع أنّ العقيدةَ الأساسية لحُرّاسِ الليل، كانت تتمثّلُ بمنعِ الهمج من عبورِ هذا الجدار.
في الحربِ الأهلية الرومانية بين "بومبي" و"قيصر" والتي أضرمت رحاها عام 49 ق.م اختار أحد القادة الرومان ويدعى "بروتوس" أن يَقِفَ بجانب "بومبي" وأن يُواجهَ جيشَ القيصر في معركة "فارسلس"، هذه المعركةُ التي انتصر بها قيصر ببراعة، لكنَّهُ لم يَنتقم من "بروتوس" بل عفى عنه، ليس ذلك فحسب بَل إن قيصر وثق ببروتوس وجَعلهُ من ضِمنِ دائرتهُ الضيّقة ونَصَّبهُ حاكماً على بلادِ الغال، بل وجعله بريتور –وهو منصبٌ رومانيٌ رفيع-. من جهةٍ أخرى، نرى شخصيّةَ "أولي" في مسلسل "صراع العروش"، الذي قد وَثِقَ به "جون سنو" وجعلهُ خادماً شخصياً له إضافةً لانضمامهِ لحرّاسِ الليل رغم سِنّهِ.
في يوم اغتيال القيصر أرادت امرأتهُ أن تَثنيهِ عن الذهاب إلى مجلسِ الشيوخ وأبلغتهُ أنها قد رأت في المنام حلماً سيئاً، لكن "بروتوس" أقنع االقيصر بالذهاب وعدمِ الاهتمام بأحلام النساء، ونَجدُ ذلكَ شبيهاً بكون "أولي" هو من طلب من "جون سنو" الخروجَ من غرفتِهِ ليَقودهُ إلى حتفهِ.
عندما وصل القيصر إلى مجلسِ الشيوخ، أحاط الشيوخ به مِن كلِّ جانب ثم بدأت تلكَ السكاكينُ الحادةُ تَخترقُ جَسدَ القيصر المغدور، وهذا ذاته ماحصل مع "جون سنو".
كان من بينِ المتآمرين والمنفذين لعمليةِ قتل القيصر "بروتوس" الذي كان القيصر يثِقُ به ويصوّرُ لنا "شكسبير" الكاتبُ المسرحي أنَّ القيصرَ المجروح نَظرَ إلى "بروتوس" الذي كان يحملُ سِكيناً ويَستعدُ لطعنهِ وقال "حتى أنتَ يا بروتوس؟!" –وهذا نصٌ مسرحيٌ غيرٌ موّثقٍ تاريخياً-، إلّا أننا نرى الأمر نفسهُ قد تكرّرَ مع مشهدِ مقتل "جون سنو" الذي امتلأ صَدرهُ بالطعناتِ وهو يركعُ على رُكبتيه ليشاهدِ أولي يحملُ سكيناً وينطقُ باسمهِ قبل أن يَنقضَّ عليه الأخيرُ بطعنةٍ قاتلة.
الشكل (1): تمثال لبروتوس يعود لـ 30-15 ق.م وبجانبها صورة لشخصية "أولي"
المراجع: