الفيزياء والفلك > فيزياء
اكتشاف خاصية أساسيّة جديدة في ميكانيك الكم
اكتشف علماء تقنية النانو في معهد بحوث MESA+ في جامعة "تفينته" Twente الهولندية خاصيةً أساسيةً جديدةً للتيارات الكهربائية في الدارات المعدنية الصغيرة جدًا. فقد بيَّنوا أن الإلكترونات تستطيع الانتشار إلى خارج الدارة، وكأنها أمواج، بل وإحداث آثار التداخل في أماكن لا يجري فيها التيار الكهربائي.
يحتل الشكل الهندسي للدارة دورًا رئيسيًا في هذا التأثير الذي يوصف بالتأثير اللا محلي. يَنتج التداخل مباشرةً عن الخاصيّة الموجيّة للإلكترونات بحسب توصيف ميكانيك الكم، وللشكل الهندسي المميز للدارة. لهذا فإن مُصممي الحواسيب الكمومية عليهم أخذ هذا الأمر بالحسبان.
ونشر الباحثون نتائجهم في المجلة البريطانية Scientific Reports.
تَشيع ظاهرة التداخل في الطبيعة، وتحدث عندما تتبادل الأمواج المنتشرة التأثير فيما بينها بشكلٍ متوافقٍ بالطور. وتداخلُ أمواجُ الصوتِ أو أمواج الضوء أو الماء لهو بالأمرِ المشهور، ولكن غير المشهور هو قدرةُ نواقل التيار الكهربائي (أي الإلكترونات) على التداخل. إذ يبدو أن علينا اعتبار الإلكترونات أيضًا أمواجًا، أو على الأقل في مستوى الدارات من قياس النانومتر وفي درجات الحرارة المنخفضة للغاية، وهذا مثالٌ نموذجي على مثنوية جسيم-موجة في ميكانيك الكم.
حلقة ذهبية
---------
بيَّن الباحثون ظاهرة تداخل الإلكترونات في حلقةٍ ذهبيةٍ قطرها 500 نانومتر (النانومتر أصغر بمليون مرة من المليمتر). كان أحد طرفي الحلقة موصولًا بسلكٍ ضئيل يمكن أن يجري عبره تيارٌ كهربائي، وعلى الطرف الآخر وُصلت الحلقةُ بسلكٍ لمقياس الجهد الكهربائي. وعند تطبيق التيار الكهربائي ومرور الحقل المغناطيسي المتغير عبر الحلقة، لاحظ الباحثون تداخل الإلكترونات على الوجه الآخر للحلقة، مع أن محصلة التيار الجاري عبر الدارة كانت صفرًا.
يَظهر من هذا أن موجات الإلكترونات تستطيع أن "تتسرب" إلى الحلقة وتُغير الخصائص الكهربائية في مكانٍ آخر في الدارة، وهذا شيء لا يتوقع المرء حصوله بحسب الفيزياء التقليدية (الكلاسيكية). على الرغم من كون الحلقة وسطًا مبدِّدًا (أي أن المسار الحر الوسطي للإلكترون أصغرُ بكثيرٍ من الحلقة) فإن هذا التأثير كان واضحًا بشكل مدهش.
معالجة المعلومات كموميًا
-----------------------
تبدو هذه النتيجة عاقبةً مباشرةً لحقيقة أن المعادلات الكمومية للحركة لا محليّة. وكون الطبيعة لا محلية هو أمرٌ معروفٌ جيدًا، لكن عن طريق نوعٍ آخر من اللا محلية، وهو قدرة الأجسام على معرفة حالة بعضها آنيًا، حتى ولو كانت مفصولةً عن بعضها بمسافات ٍكبيرةٍ، وهو أمرٌ يخالف الحس السليم. حيث إن اينشتاين كان قد أشار إلى هذه الظاهرة باسم "التأثير الشبحي عن بعد".
تساعدنا نتائج هذه التجربة لنزيد من فهمنا للنوع الأول من اللا محلية، الذي يُدعى باللا محلية الحركية (الديناميكية)، وهي تحتل ركنًا رئيسيًا في كل تجارب التداخل الكمومي. فمن المعروف تمامًا أن التداخل الكمومي يتأثر بفك الترابط (حيث تتسبب البيئة الفيزيائية بفقدان ذاكرة الطور)، وعند إجراء قياس "تحديد المسار" (فهذا يتسبب بإزالة اللا محلية الحركية وبالتالي تدمير نمط التداخل).
واكتشف مؤخرًا باحثو جامعة "تفينته" أن لشكل الدارة دورًا في التأثير على اللا محلية الحركية.
لقد أصبح فهم هذا الأثر الأساسي مهمًا جداً لمستقبل معالجة المعلومات كموميًا، أي عند إنتاج حاسوبٍ كمومي على سبيل المثال.
المصدر: هنا