الاقتصاد والعلوم الإدارية > اقتصاد

أزمة الهجرة إلى أوروبا وتداعياتها

استمع على ساوندكلاود 🎧

يواجه الاتحاد الأوروبي هذه الأيام موجات من المهاجرين اليائسين الباحثين عن حياة خالية من الدمار والحروب، و حتى هذه اللحظة حصدت هذه الهجرات حياة أكثر من ثلاثة آلاف شخص - بين غارق و مفقود في مياه البحر المتوسط- وذلك منذ بداية العام الفائت.

و يمثل التدفق الجماعي للمهاجرين واللاجئين أكبر حركة تنقل للناس تشهدها أوروبا منذ عام 1945، حيث أن تلك الهجرات الجماعية أثارت الشكوك حول مسائل فتح الحدود بين الدول، كما أنها اشعلت الخلاف حول تقاسم أعباء المهاجرين بين الدول الأوروبية من جهة أخرى.

و من الممكن أن تكون موجة المهاجرين الذين يتدفقون حالياً إلى أوروبا هي بالفعل ما يحتاجه هذا الاقتصاد أوروبي الهائل لتجديد القوى العاملة التي باتت تعتبر كهلة، كما يمكن أن تصبح عبئاً على النظام السخي للرعاية الاجتماعية في البلاد.

يبدو أن تحقيق توازن القوتين يعتمد إلى حد كبير على مدى سرعة الدولة في إدماج الوافدين الجدد والاستفادة من طاقاتهم في تحقيق الازدهار المنشود لاقتصادها.

إذا أخذنا ألمانيا مثلاً كبلد يأتي في طليعة الدول التي يقصدها المهاجرون، نرى أن عدد سكانها يتناقص باطراد ومعدل الشيخوخة فيها يعد من أكبر المعدلات في أوروبا الغربية، وهذا بالطبع سيؤثر بشكل سلبي على معاشات التقاعد والرعاية الصحية والنمو الاقتصادي في المستقبل.

إن أكبر مجموعات الناس التي وصلت إلى أوروبا عبر المتوسط أو غرب البلقان كانت من السوريين الفارين من الحرب، ولكن هنالك أيضاً العديد القادمين من أريتيريا وأفغانستان و كوسفو ونيجيريا طبقاً لما جاء في صحيفة الفاينانشال تايمز.Financial Times

و يدور نقاش ساخن حول ما إذا كان هؤلاء الفارون من "المهاجرين" أو" اللاجئين" و يعكس ذلك مدى حجم هذه الأزمات والجدالات السياسية المرتبطة بالأزمة المتفاقمة، و يقول جدعون راتشمان Gideon Rachman مسؤول الشؤون الخارجية في صحيفة الفاينانشال تايمز أنه يمكن لنا أن نميّز بين المصطلحين بحكم وضع الدول التي يأتي منها الناس، فمثلاً تشير التقديرات إلى أن ثلث الوافدين إلى ألمانيا هم من كوسفو وألبانيا و صربيا و تصنف ألمانيا تلك الدول على أنها دول آمنة، وبالتالي فإن إطلاق كلمة "لاجئ" على هؤلاء القادمين من تلك البلدان هي حتما وصف غير دقيق فاللاجئ هو من اضطر لمغادرة بلده كونه مكاناً غير آمن.

و في الحقيقة فإن الصراع في سورية هو أكبر مصدر لتلك الأزمة التي تواجه أوروبا حالياً، فقد نزحَ على أثره أكثر من ثمانية ملايين شخص خلال أكثر من أربع سنوات .

و كان معظم النازحين يذهبون إلى الدول المجاورة، ولكن الآن وبشكل متزايد يسعى هؤلاء بشكل يائس للوصول إلى الشواطئ الأوروبية.

و قد كشف التدفق الجماعي عن وجود فجوة كبيرة بين شرق وغرب أوروبا مما أدى إلى طرح موضوع فتح الحدود الأوروبية. فما الذي يفسر ردود الفعل المتناقضة من قبل الدول الأوروبية ؟ و هل أصبحت منطقة الشنغن تحت التهديد بالفعل ؟

لقد شهدت كثير من الدول الأوروبية في السنة المنصرمة زيادة كبيرة جداً في أعداد اللاجئين بالمقارنة مع السنوات التي سبقتها، فهل تعد هذه الزيادة انعكاساً حقيقياً للنزاعات في بلدان الشرق الأوسط وبالأخص في سوريا؟ أم أن هنالك عوامل أخرى تساعد على هذه الزيادة؟

لمعرفة ذلك قمنا بدراسة نسبة تدفق اللاجئين الى السويد (باعتبارها من أهم الوجهات المرغوبة من قِبل اللاجئين) بالاستعانة بإحصائيات دائرة الهجرة السويدية و من خلال ترتيب أول خمس جنسيات لطالبي اللجوء القادمين الى السويد خلال الأربع سنوات الماضية:

و فيما يلي جدول يبين نسب تغير عدد اللاجئين في الثلاث سنوات الأخيرة نسبة للسنوات التي قبلها للثلاث جنسيات التي تمثل الغالبية العظمى من المهاجرين:

و من الجدول يمكننا أن نلاحظ الزيادة الهائلة في نسبة أعداد كل من الأفغان والعراقيين في سنة 2015 مما يدل على أن مسألة سهولة عبور الحدود الأوروبية قد شجعت على الهجرة من بلدان ليست النزاعات والحروب هي المشكلة الحقيقية فيها مثل أفغانستان.

المصادر :

هنا

هنا

هنا