الطب > السرطان
النيوروبلاستوما أو ورم الأرومة العصبية Neuroblastoma (NB):
سنتحدث في هذا المقالِ عن أحد أشيعِ الأورامِ عند الأطفالِ وهو النيوروبلاستوما.
بدايةً النيوروبلاستوما هو ورمٌ سرطانيٌّ يصيب الأشكالَ الباكرةَ من الخلايا العصبيّةِ الودّيةِ أينما وُجدَت (بطن/ دماغ/ نخاع شوكي ..) ممّا يؤثر على وظيفة العضوِ المصاب.
إحصائياً:
هو أشيعُ ورمٍ عند الرضّعِ بعمرٍ أقل من سنة، وأشيعُ ورمٍ صلبٍ خارج الجهازِ العصبي المركزيِّ، كما يُعتبر ثالث خباثةٍ عند الأطفال بصورة عامّةٍ حيث يشكل ٦-٧٪ من أورام الأطفالِ؛ وهو يأتي بعد ابْيضاضِ اللمفاوِيّاتِ الحادِّ ALL وأورامِ الدماغِ والجهازِ العصبي المركزي- سنأتي على شرحهم في مقالاتٍ أخرى.
الحدوث السنويُّ للنيوروبلاستوما يُقدر بحالة لكل عشَرةِ آلاف طفل، وتُشخَّص سنوياً حوالي 600 حالةٍ جديدةٍ في الولايات المتحدة الأمريكية، وتشكّل الوفياتُ بسببه أكثرَ من 15٪ من وفياتِ الأطفالِ بالسرطان.
- يشيع هذا الورمُ عند العرقِ الأبيض ويصيب الذكورَ أكثرَ من الإناث بنسبةٍ بسيطة.
- العمر الوسطيُّ للإصابة: ١-٢ سنة.
- تُشخّص٩٠٪ من الحالات قبل عمر الـ5 سنوات.
- ١-٢٪ من الحالات تكون عائليةً أو موروثةً (توريث الاستعدادِ لتَخرُّب ال DNA كما ذُكِر سابقاً) ويشخّص في هذه الحالةِ بأعمارٍ أصغر ويكون انتشارُه أوسعَ، وهنا يجب إجراءُ استشارةٍ وراثيةٍ في حال وجودِ إصابةِ شخصٍ قريبٍ بالعائلة نفسِها.
- قد يشخَّص الورمُ بحالاتٍ نادرة بواسطة الإيكو ضمن الحياةِ الجنينية.
هل يمكن الوقايةُ من الإصابة به؟
لا يمكن الوقايةُ من النيوروبلاستوما بسبب عدم وجودِ عواملِ خطرٍ محددةٍ للورم غير الوراثة والعمر، ولكن يُعتقَد بأنّ إعطاءَ الأمِّ الحامل حمضَ الفوليك يُقلّل من حدوث هذا الورمِ والكثيرِ من الآفات العصبية الأخرى.
العلامات والأعراض:
تختلف الأعراضُ كثيراً بحسب حجمِ الورمِ ومكانِه وانتشارِه، وفيما إذا كان هذا الورمُ مفرِزاً للهرمونات أم لا. فقد تُفرز الخلايا الورميةُ -كغيرِها من الخلايا العصبيةِ الودّيةِ- الكاتيكولامينات، ومنها الأدرينالين والنورأدرينالين، مسببةً بعضَ أعراضِ الورم.
قد يكون سيرُ الورمِ سريعاً بحيث يصعب على الطبيب تحديدُ البدايةِ بدقّةٍ وقد يكون سيرُه بطيئاً، وفي بعض الأحيانِ قد يحدث شفاءٌ عفويٌّ بموت الخلايا الورميةِ، كما أنّ هناك حالاتٍ تحوّلت فيها الخلايا الورميةُ لخلايا ودّيةٍ طبيعيةٍ ممّا يجعل الورم حميداً.
تحدث أغلب هذه الأورامِ في البطن وخاصّة في الغدد الكظريةِ (50%)، لهذا قد يتظاهر الطفلُ بأعراضٍ بطنية مثل حسِّ امتلاءٍ أو انزعاجٍ، وقد يلاحظ الأهلُ أو الطبيبُ كِبَرَ حجم البطنِ ووجودَ كتلةٍ بطنية قاسيةٍ مزعجة (تَعبُر الخطَّ الناصفَ) وهي العَرَض الأشيع.
وفي حالات أخرى تحدث الأورام في العقد الودّيةِ الرقبيةِ أو الصدريةِ أو الحوضية. فعند توضُّع الورم في الرقبة أو الصدر (خاصةً عند الأطفال الرضّعِ)، يُلاحظ وجودُ كتلةٍ صلبة غيرِ مؤلمة قد تضغط على الأوعية الدموية ممّا يسبب متلازمةَ الأجوفِ العُلويِّ، وهي انضغاطُ الوريدِ الأجوفِ العلوي في الرقبة ممّا يسبّب تورّمَ الوجهِ والرقبةِ والطرفين العلويين وأعلى الصدرِ، وتغيّرَ لونِ الجلدِ للأحمر المزرَقِّ في بعض الأحيان.
أمّا في حالة إصابة العقدةِ الرقبيةِ العلوية، فقد تحدث متلازمةُ هورنر ومن أعراضِها إطراقُ (ارتخاء) الجفنِ وتضيّقُ الحدقةِ وفقدانُ التعرّقِ في الوجه.
وفي حال الضغطِ على الحنجرة أو الحبالِ الصوتيةِ فقد يحدث لدى الطفلِ سعالٌ أو صعوبةٌ في التنفّس أو البلع.
ارتفاع الضغط وتغيّراتُ دقّاتِ القلب هي من أعراض إفرازِ الورمِ للكاتيكولامينات، بينما قد يحدث إسهالٌ إفرازيٌّ كبيرُ الكمّيةِ بسبب إفرازِ نوعٍ آخر من الهرمونات (هرمون VIP).
ومن أعراض الورم الأخرى: نقصٌ بالشهية، تغيّرٌ في الوزن، ألمٌ بطنيٌّ، ضخامةُ كبدٍ (نقائل)، طفحٌ جلديٌّ بلون أرجواني (blueberry muffin babies) وذلك عند حدوث نقائلٍ إلى مناطقَ مختلفةٍ تحت الجلد)، فشلُ النموِّ، تعبٌ، اضطرابٌ بعادات التبوّلِ أو التبرّزِ في حال الضغطِ على الجهاز البوليِّ والأمعاء.
يحدث لدى أكثر من ٥٠٪ من المصابين نقائلُ لمناطقَ مختلفةٍ من الجسم، خاصةً للعقد اللمفيةِ ونِقْيِ العظامِ والكبدِ والجلد.
تسبب النقائلُ لنِقْيِ العظامِ عرجاً وآلاماً عظمية وكسوراً مرضية، وقد تؤثّر أيضاً على إنتاج الكريات الحُمْرِ المكوّنةِ للدم ممّا يسبب حدوثَ فقرِ دم.
في حين تسبب النقائلُ للنسج حول العينِ جحوظاً عينياً مؤلماً وحيدَ الجانب، إضافةً لتورّمٍ وكدمةٍ حول العين.
في حال حدوثِ نقائلَ للدماغ، وهي نادرةُ الحدوثِ، يشعر الطفل بصداع ودوخة وتبدّلات بالوعي. أمّا الضغطُ على النخاع الشوكي والأعصابِ القريبة منه قد يؤثر على قدرة الطفلِ على تحريك أطرافِه أو الحسّ.
التشخيص:
لوضع التشخيصِ وتحديدِ درجة الورمِ يجب إجراءُ بعض التحاليلِ المخبرية، إضافةً إلى بعض الصورِ الشعاعيةِ كالصور الشعاعية البسيطةِ أو التصويرِ بالأمواج فوقِ الصوتية أو التصويرِ الطبقيِّ المحوسب "المحوري" أو بالرنين المغناطيسي.
يُلجَأ لإجراء خزعةٍ من نسيجِ الورم لتأكيد التشخيصِ، ويمكن تأكيدُه أيضاً بإجراء بَزْلٍ أو خَزْعةٍ لنِقْيِ العظم مع كشفِ مُستَقْلَبات الكاتيكولامينات (HVA، VMA) في البول.
توجد بعضُ العواملِ التي تسيء لإنذار النيوروبلاستوما: تضاعفُ المورّثةِ MYCN في 2% من الحالات (ويترافق بتطورٍ سريع للورم)، أو حذفُ قطعٍ من بعض الصبغياتِ، أو العمرُ أكثرَ من سنة عند التشخيصِ أو الورمُ منتشر.
يسمح التداخلُ الجراحيُّ بتشخيص الورمِ والشفاءِ منه في مراحله الباكرة، كما يتمّ اللجوء للحلّ الجراحيِّ لتخفيف الضغطِ على النخاع الشوكي.
و عندما يكون الورمُ غيرَ قابلٍ للاستئصال فيتم اللجوءُ للعلاجِ الكيميائيِّ chemotherapy، بالإضافة لاستئصاله جراحياً والذي يزيد معدّلَ النجاةِ من المرض.
ويقوم العلاجُ الإشعاعيُّ radiotherapy في المراحل المتقدمةِ بمؤازرةِ العلاجِ الكيميائيِّ، في حين يُستبعد هنا الحلُّ الجراحيُّ لعدم فائدته.
وفي النهاية، كلّما كان العمرُ أكبرَ وانتشارُ الورمِ أكثر، كان الورمُ أشدَّ وأكثرَ مقاومةً للعلاج.
المصادر:
Nelson Textbook of pediatrics 20th edition
حقوق الصور ضمن المقال: