البيولوجيا والتطوّر > منوعات بيولوجية
كيف تتفادى الدببة العواقب الصحية المترتبة على زيادة الوزن خلال سباتها الشتوي؟
في كلّ سنةٍ تقوم الدببة بتحضير نفسها للسبات الشتوي؛ فتلتهم كمياتٍ كبيرةٍ من الأطعمة لتخزين الدهون. وعلى الرغم من إزدياد الوزن السريع، فإنَّ الدببة تتجنّب العواقب الصحية المرتبطة مع السمنة على عكس الإنسان... فكيف تتمكَّن الدببة من تجنُّب هذه المخاطر؟
في الرابع من شهر شباط هذا العام، نشر الباحثون بحثاً في مجلة "Cell Reports" يُشير إلى أنّ التغيّر في حالة الإستقلاب لدى الدببة يرتبط بشكلٍ أساسيٍّ مع تغيرات تحدث في جراثيم الأمعاء.
ولقد عبَّر فردرك باخيد "Fredrik Bäckhed" من جامعة جوثنبرج في السويد والذي قاد الدراسة الجديدة عن دهشته الكبيرة حين اكتشف أنّ أمعاء الدببة في الصيف تحوي جراثيم تعمل على استهلاك طاقة أكثر من الطعام المتناول، ويضيف: "إنَّ إعادة هيكلة جراثيم الأمعاء بحيث تصبح أكثر قدرة على تحصيل الطاقة خلال الصيف، والذي يؤدي بشكلٍ كامنٍ إلى زيادة السمنة دون التأثير على استقلاب سكر الغلوكوز هو شئٌ صادمٌ بالفعل!"
أظهر باخيد وزملاؤه منذ أكثر من عشر سنوات أنّ جراثيم الأمعاء تستطيع التأثير على كمية الطاقة المحصّلة من الطعام المتناول، وقد اكتشفوا أيضاً أنّ هذه الجراثيم تتغير لدى النّاس المصابين بالسمنة ومرض السكّري من النوع الثاني، وذلك ما أثار فضولهم فيما إذا كان هذا التأثير مهمٌ أيضاً في الدببة البنية خلال فترة سباتها الشتوي.
جمع الباحثون عيناتِ برازٍ من الدببة البرية خلال فترة السبات الشتوي وخلال فترة النشاط وقاموا بتحليل الجراثيم من الفترتَين. وقد أظهرت جراثيم السبات الشتوي قلَّة في التنوع الجرثومي حيث تحولت الجراثيم من "Firmicutes و Actinobacteria" وهي الموجودة عادة بنسبة أكثر في الصيف إلى"Bacteroidetes". كما لاحظ العلماء أيضاً تغيراتٍ في العمليات الاستقلابية المتربطة باستقلاب الدهون مثل الشحوم الثلاثية، الكوليسترول وأحماض المرارة خلال موسم السبات الشتوي.
للتأكد أكثر ما إذا كان التغيير في هذه الجراثيم يُسيِّر التغيير في عمليات الإستقلاب، قام الباحثون بنقل جراثيم أمعاء الدببة في الصّيف والشتاء إلى فئران تجارب خالية من الجراثيم؛ فأظهرت الفئران التي تحوي جراثيم أمعاء الصيف زيادة في الوزن ونسبة الدهون أكثر من الفئران التي تحوي جراثيم فصل الشتاء (فترة السُّبات الشتوي). وعلى الرغم من زيادة الوزن في فئران فئة الصيف لم يظهر أي تغيُّر أو تحسُّن على إستقلاب سكّر الجلوكوز مقارنة بفئران فئة الشتاء!
تحقيقات أكثر أظهرت أنّ المستقلِبات الموجودة في هذه الفئران كانت مشابهة للمستقلِبات الموجودة في الدببة وذلك يشير إلى أنّ حالات الاستقلاب الموسمية نُقِلت بشكلٍ جزئيٍّ للفئران عبرَ الجراثيم. يعتقد باخيد أنّ هذه النتائج تجعل الجراثيم أكثر أهمية لتغيير طريقة استقلاب الطاقة والتأقلم مع البرد.
يحاول باخيد وفريقه القيام بالمزيد من الدراسات لتدشين هذه النتائج؛ حيث يؤمن فريقه أنّ هناك حلّاً كامناً في هذه الجراثيم للقضاء على السمنة لدى البشر.
ومع ذلك يعتقد باخيد أنّه من المُبكّر جداً أن يبدأ بإيجاد حلول للسمنة لدى الإنسان، حيث أنّ المفاهيم والنتائج لازالت بسيطة وسطحية ويلزم إيجاد فهم أعمق وأشمل عن الجراثيم ووظائفها التي تُؤهّل أو تحمي ضد السمنة في الدببة في حال السبات الشتوي، عندها سيكون هناك أهدافاً علاجية جديدة. ولربما نتوصل يوماً ما إلى حلٍّ نهائيٍّ للمشاكل الصحية المتربطة بالسمنة لدى البشر!
المصادر:
البحث الأصلي: هنا