الكيمياء والصيدلة > صيدلة
أملٌ جديدٌ لمرضى ترقق العظام
تنمو عظامنا بشكل دائم وتصل غالباً إلى ذروة كتلتها في حوالي العشرينات من العمر، ثم تضعفُ ببطءٍ كلما تقدمنا في العمر، ما يعرض بعض الأشخاص إلى خطر الإصابة بترقق العظام؛ وهو حالةٌ تكون فيها العظام ضعيفةً وهشةً وكنتيجةٍ لهذا الأمر تصبح معرضةً لخطر الانكسار تبعاً لأي سببٍ بسيطٍ كالسعال مثلًا. ولمقاومة هذا الانحدار في قوة العظام، قام باحثون من فرنسا بتطوير رغوةٍ قابلةٍ للحقن تساعد على اصلاح العظام.
غالباً ما يستخدم فوسفات الكالسيوم الإسمنتي (CPCs) في جراحة العظام والرضوض؛ فهو يُصنع من مواد التطعيم الفعالة حيوياً والقابلة للتحلل حيوياً كما تكون على هيئة مسحوق أو سائل، وعند خلطهم سويةً تنتج مادة شبيهةٌ بالكالسيوم وهي مطابقة للكالسيوم المتواجد في عظامنا. يسمحُ هذا الخليط للجراحين بأن يصلحوا - بسهولة ومرونة نسبيتين- العظام المتآكلة ويجعلوها أكثر قسوة وذلك من خلال عمليةٍ جراحيةٍ. وهذه المادة متوافقة حيوياً مع الجسم وذاتيّة التموضع وغير سامة.
نُشرت حديثاً دراسةٌ جديدةٌ في مجلة أكتا بيوماتيرياليا Acta Biomaterialia تعتمد على هذه المادة. فقد واجه العلماء سابقاً صعوبةً بصنع CPCs مسامي أو بالحصول على مساماتٍ أكبرَ من 50 ميكرومتر. بينما وجدت الدراسات دلائل مغايرة توضح وجوب كون أبعاد المسامات العظمية في المجال بين 100 و 300 ميكرومتر لتسهيل عملية إعادة النمو، بينما تكون عظام المصابين بترقق العظام أكثر مسامية.
فقام فريق البحث تحت قيادة Pierre Weiss من جامعة Nantes بتطوير نوعٍ من ال CPC يمتاز بأنه ذاتي التموضع وذو بنية مسامية. وللحصول عليه ابتكر الباحثون عاملاً رغوياً يقوم بإنتاج فقاعاتٍ هوائية في مزيج الـ CPC، فقاموا بتعبئة محقنةٍ بفوسفات أحادية الصوديوم، وهي عبارة عن مادة كيميائية صناعية شائعة، ثم عبؤوا محقنةً أخرى بسيلانايزيد هيدروكسي بروبيل ميثيل السيللوز، وهو عبارة عن نوع من الهيدروجيل. ثم وصلوا المحقنتين سويةً واستطاعوا عن طريق دمج المحقنتين الحصولَ على رغوة الهيدروجيل، أي أنهم تمكنوا من الحصول على مسامات أكبر. ثم قاموا بوضع الرغوة في محقنة موصولة مع محقنة أخرى حاوية على عجينة الـCPC ، فتوصلوا عند دمج المحقنتين سويةً إلى الحصول على عجينة الـ CPC الرغوية.
ولتحديد فيما إذا كانت هذه الرغوة قادرة فعلاً على إصلاح العظم المتآكل، طبق الباحثون الرغوة على عيوبٍ صغيرة في عظم الفخذ لعدة أرانب. فوجدوا بعد أسبوع أن الـ CPC الرغوي ملأ مكان العيوب بشكلٍ كاملٍ كما أنه حافظ على البنية المسامية المرجوّة. وبعد ستة أسابيع وجدوا أنه أصبح يعمل كبنية هيكلية تسهل عملية نمو العظم الجديد، بل ووجدوا عظماً جديداً ينمو بداخل الـ CPC بحد ذاته، وكانت البنيتان متلائمتين سويةً.
وتعدُّ هذه المرة الأولى التي يتم فيها استخدام رغوة الهيدروجيل بالتزامن مع الـ CPCs لصنع عجينة مسامية. كما لاحظ الباحثون أن عجينة الـ CPC خاصتهم "تظهر قابلية جيدة للحقن وتماسكاً ممتازاً، وهذا ما نحتاج إليه في التطبيقات السريرية".
لا بد طبعاً من دراساتٍ أخرى لإظهار مدى فعالية هذه العجينة ولكن الباحثين يؤمنون أنه بيوم من الأيام سوف تساعد هذه العجينة سنوياً حوالي 8 ملايين حالة من الكسور المتعلقة بترقق العظام حول العالم.
المصدر: