الطب > مقالات طبية
إلى أيّة درجةٍ أنت واقعٌ في الحبّ؟
"ما هو الحب؟" من أصعب الأسئلة التي تتبادر إلى أذهاننا، مُذْ كنا نهوى لعبة قطف الزهور للحصول على جواب السؤال المُضني (يحبني أم لا يحبني؟). "أحبك"، عندما تُقال هذه الكلمة، فهل نحن على درايةٍ تامة بمفهومِ هذا الشعورِ والمعنى العميقِ وراءَه؟
يصعُبُ علينا فهمُ وإدراكُ تلك المشاعر الصارخة التي قد نعيشها في لحظاتٍ من حياتِنا، وهذه الرغبةُ العارمةُ لفهم الحب أدت لأن تصبح عبارةُ "ما هو الحب؟" العبارةَ الأكثرَ بحثاً على موقع غوغل لعام 2012! فهل من سبيلٍ للتأكد ما إذا كنا واقعين فعلاً في الحب أم لا؟
يعرّف علماءُ النفس الحبَّ على أنّه حالةٌ مُغايِرة لحب العائلة والأصدقاء، مع الرغبةِ ببدءِ أو استمرار علاقةٍ مُقرَّبة مع شخصٍ معين، ولكن ما الذي يحدث بيولوجياً؟
باتتِ التأثيرات التي يُحدثها الشعورُ بالحب على المرءِ معلومةً، من نشوةٍ وشوقٍ وهوسٍ وحتى تغيراتٍ في الشخصية، فأثناء الانجذابِ اللحظي تتفعل القشرةُ الأُنسية الداخليةُ للفَص الجبهي مباشرةً (وهي المنطقة التي تتحكم بالانجذاب خلال أجزاء من الثانية) مُحفّزةً بذلك سلسلة من التفاعلات في الدماغ. ولكن كيف تختلف فعالية الدماغِ لدى الواقعين في الحب عن غيرهم؟
قام البروفيسور Xiaochu Zhang من جامعة العلوم والتكنولوجيا في الصين مع مجموعة من الباحثين بدراسةٍ حول التأثيراتِ التي يُحدِثها الحب الرومانسي على الهندسةِ الوظيفية للدماغ، حيث قسّمَ فيها 100 رجل وامرأة إلى ثلاث مجموعات: الغارقون في الحب، الخارجون من علاقةِ حب مؤخراً، والعازبون الذين لم يسبق لهم تجربة الحب إطلاقاً، في ما لم تكن هنالك فروقات ملحوظة من ناحية السن والدخل المادي والدراسة بين المجموعات الثلاث.
خضع جميع المتطوعين لفحصِ فعالية الدماغ بواسطة الرنين المغناطيسي في حالة الراحة fMRI وعدم التفكير بأي شيء، وذلك لمساعدة الباحثين على ضبطِ صورةٍ شاملةٍ لهندسة الدماغ الوظيفية، وفي النهاية حصل العلماء من خلال هذه التجربة على نتائجَ متباينةٍ بين المجموعات.
قياساً لغيرهم، أبدى الشركاءُ الواقعونَ في الحب نشاطاً أكبرَ في مناطق الدماغ المسؤولة عن التحفيزِ والمكافأة والعاطفة والوظيفة الاجتماعية، كما لاحظ الباحثون أنّ نشاطَ الدماغ يتناسب طرداً مع مدة العلاقة بين الحبيبين، بينما اتّسمت أدمغةُ الأشخاص الذين خرجوا للتو من علاقة عاطفية بنشاط أقل في هذه المناطق.
يقول الباحثون "إن هذه الدراسةَ هي الأولى من نوعها كدليلٍ تجريبيٍّ على التغيرات التي يسببها الحب على هندسة الدماغ الوظيفية، إضافةً لتسليط الضوء على الآلياتِ العصبيةِ الأساسيةِ للحب الرومانسي، ناهيك عن بيانِ إمكانية توظيف الرنين المغناطيسي في حالة الراحة لاستقصاء الحالة العاطفية للمحبين"، ويمكن أن نستدل من ذلك على أن للحب تأثيرٌ على شبكاتِ الدماغ المتفرقةِ في الحالةِ العامة إضافةً لتأثيره على شبكات الإدراك الاجتماعي.
من السهلِ الوقوعُ في الحب، ولكن من الصعوبةِ بمكانٍ فهمُه، حتى على أطباء الأعصاب.
ومن هنا.. بإمكان المرتبطين منكم القيامُ بفحص الرنين المغناطيسي للتأكد ما إذا كنتم فعلاً واقعين في الحب أم لا؟ وإلى أية درجة؟
(ينصح بعدم اصطحاب الشريك)
حقوق الصورة:
www.shutterstock.com
المصادر: