الهندسة والآليات > التكنولوجيا
كاميرات ثلاثية الأبعاد: وداعاً للاختباء خلف الجدران
قادت البروفيسور السوريةُ الأصل دينا قتابي فريقاً لدراسةِ وتصميمِ مشروعٍ يُدعى "Wi-Vi"، والذي يُمكنه تتبُّع الأجسامِ المتحرِّكة من خلالِ الجدران باستخدام نظامٍ لاسلكي، ويمكن أن يُبنى النظام في هاتفٍ ذكي أو جهازٍ محمولٍ باليد واستخدامُه في مهامِّ البحث وإنقاذِ الأشخاص وتطبيقِ القانون. [1]
تستطيع العينُ البشرية إبصارَ الضوء المرئي فقط، أما الباحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا فيعملون بجدٍّ للوصول إلى تقنيةٍ تُمَكِّننا نحن البشر من إبصارِ الطَّيف الضوئي بأكمله. وكما هي العادة يبحثُ خبراء المعهد للوصول إلى إمكانياتٍ خارقة كالرؤية بأشعة "X"، أو كالرؤية بالموجاتِ الميكروية والتي تبدو أكثر انتشاراً في المستقبل. فقد عكف الباحثون على تصنيع نموذجٍ أوليٍّ لجهاز كاميرا تعملُ بالأمواج الميكروية يُمكنها التقاط صورٍ ثلاثية الأبعاد عبر الجدران.
كاميرا الأمواج الميكروية هي مزيجٌ من الكاميرا العادية ونظامِ التصوير بالرَّادار حيث تدمجُ بين مزايا كلٍّ منهما. وكما هو الحالُ في الرَّادار لا يمكن للأمواجِ الميكروية أن ترى الظلامَ أو الضباب أو الجدران، ولا تتشوَّش هذه الأشعة بالأسطحِ المائلة التي تجعلُ من طائرة التَّسلل خفيةً بشكل أكبر. ويتصف الرادار بحجمه الكبير وتعقيده ودقته المنخفضة وكُلفته المرتفعة، لكن ببناءِ جهازٍ أقرب للكاميرا العادية من جهازِ تصويرٍ بالذَّبذبة الراديوية، وبمعالجةِ الأمواج الميكروية كأمواجِ الضَّوء، واستخدامِ عاكسٍ سلبيٍّ كالعدسات تمكَّن الباحثون في معهد ماساتشوستس من الاستفادةِ من تقنيةِ التصوير المعتمدةِ على الحاسوب لتطوير نظامِ تصويرٍ عالي الدِّقة ومنخفض الكُلفة.
يُمكن لكاميرا الأمواجِ الميكروية التي صنعها الباحثون في المعهدِ أن تقومَ بالتصويرِ ثلاثيِّ الأبعاد باستخدام تقنية "time of flight"، وهي ذاتُ التقنية التي يعمل بها حسَّاس "Kinect" الخاصُّ بجهاز الألعاب "Xbox" الذي تصنعه مايكروسوفت. تُرسل الكاميرا التي تعمل بتقنية "time of flight" دفعاتٍ من الأمواج الميكروية وتقومُ بحسابِ الوقت الذي تستغرقهُ هذه الأمواجُ لترتدَّ عن أيِّ شيء وتعودَ للحسَّاس، وبعد القيامِ ببعض العمليات الحسابية لسرعةِ الضوء يُمكن أن نحسبَ بُعد الجسم عن الجهاز. وتتمتعُ الكاميرا بدقةٍ زمنيةٍ مقدارها 200 بيكو ثانية مما يسمحُ لها بتحديدِ المسافات بدقةٍ تصل إلى 6 سم والتي تُعتبر دقةً كافيةً لاستخدامِها في التصويرِ الثلاثيِّ الأبعاد.
يُظهر هذا فيديو الكاميرا وهي تلتقطُ صورةً لدميةِ عرضِ أزياء "mannequin" من خلف جدارٍ صُلب
تمَّ تغليفُ الدّمية بورقِ ألومنيوم لتكونَ أقربَ ما يمكن للجسمِ البشري، حيث يُعتبَر الجسمُ البشري عاكساً جيداً للأمواج الميكروية في نطاق ِالتردُّد الذي تعملُ ضمنه الكاميرا، ويُمكننا رؤيةُ صورةٍ ثلاثية الأبعاد في نهاية الفيديو بدقة 41X41 بيكسل، وتُعتبَر هذه الدقة كافيةً لرؤية عددِ الأطرافِ التي يملِكُها الشَّخص.
ومن الميِّزات الأُخرى التي تتمتَّع بها هذه الكاميرا قدرتُها على التَّصوير متعدِّد الأطياف. فعندما تبدأُ بالتقاط الصُّور يقوم باعثُ الأمواج الميكروية بالمسحِ عبر مجال تردُّدٍ من 7.835 إلى 12.817غيغا هرتز لمدة 10 ميلي ثانية (مع العلم أنَّ جهازَ المايكروويف المنزلي يعملُ على تردُّد 2.45 غيغا هرتز). وتستجيب المواد المختلفة للأمواج الميكروية بشكلٍ مختلفٍ عند تردُّداتٍ أقل أو أعلى ويمكن لهذه الكاميرا عندها الفصلُ بين هذه الأطياف. ونستطيع بذلك الحصولَ على صورةٍ ذات استجابة متعدِّدة تتجلى على شكلِ ألوانٍ مختلفة بحيث تزوِّدنا أنماطُ الألوان بمعلوماتٍ عن الموادِّ أو الأجسام التي تصورها هذه الكاميرا.
نموذجُ الكاميرا الحاليُّ غيرُ قابلٍ للحمل حيث يصلُ عرضُ العاكسِ إلى مترٍ تقريباً، وللحصولِ على الصورة يجبُ أن يتمَّ مسح كاملِ السَّطح البؤريِّ (المحرقي) يدوياً، وقد تأخذُ هذه العمليةُ قرابةَ الساعةِ من الزمن. إلا أن الباحثين اقترحوا عدةَ طُرُقٍ لتصغيرِ حجمِ هذا النظام، كاستخدامِ حسَّاساتِ سطحٍ بؤري يُمكن إعادةُ ضبطِها، أو تقليصِ طولِ موجةِ الإرسال من أمواجٍ ميكروية 3 سم إلى أمواجٍ ميلي مترية 5 ملم، الأمرُ الذي يؤدِّي إلى تقليصِ حجم العاكس إلى حدٍّ كبير. [2]
ستُستخدم هذه الكاميرا عملياً في مجالاتٍ شتَّى، كإنقاذِ الناجينَ من الكوارثِ والتَّصوير في الظُّروف الخطرة. لكن يبدو واضحاً أنه لايزال من الصَّعب تقليصُ حجمِ الجهاز إلى حجمِ هاتفٍ نقَّال، الأمرُ الذي قد يكون مخيِّباً للكثيرين الذين يتلهَّفون لاستخدام هذه التكنولوجيا، لكننا نأملُ أن تقودَ الأبحاثُ إلى تطويرِ هذا التَّصميم من حيث الحجمِ والتِّقنية المعتمدةِ لما فيه خيرُ للبشرية.
المصادر:
[1] هنا
[2] هنا