الهندسة والآليات > التكنولوجيا
تقنية جديدة لتصوير البصمة: وداعاً لاستخدام طبقة السيليكون لخداع أجهزة كشف البصمة
يَظهر العميل البريطاني جيمس بوند عام 1971 في فيلم "Diamond are forever"، وهو يستخدمُ بصمةً مزيفةً مطبوعةً على جيلاتين دَبِق كجزءٍ من حيلته ليجتازَ الاختبار الأمنيَّ لأجهزة كشف البصمة منتحلاً صفةَ مُهرِّب ألماس.
ومنذ ذلك الحين وإلى الأن كانت خدعةُ بوند هي أحدُ أهمِّ الطرُق في خداع أجهزة كشف البصمات رَغم تطوُّر التقنياتِ المتعاقبة. لكن ظهرت تقنيةٌ جديدة تحول دون نجاح هذه الخدعة، تعالوا معنا لنتابع أهمَّ ما توصَّل إليه العلم في هذا المجال.
أظهر مُحلِّل الشِّيفرات الياباني "Tsutomu Matsumoto" في وقتٍ مضى، أن تزييفَ بصمة الإصبَع أصبحت رخيصةً إذا ما صُنِعَت من الجيلاتين، حيث يُمكن لهذه العملية أن تحتالَ على ما يصل إلى 80% من حسَّاسات بصمة الإصبع.
وقد لاقت حسَّاسات بصمة الإصبع رواجاً واسعاً في السنوات الماضية، ولم ينحصر استخدامُها في المسائل الأمنية والطبِّ الشرعي، كما لم يقتصر وجودُها في مراكز شرطة الحدود بل ذهبت أبعدَ من ذلك إلى النَّوادي الرياضية والهواتفِ والحواسيب المحمولة.
تقومُ معظم حسَّاسات البصمة الضوئية اليوم على توليد صورٍ لبصمات الأصابع معتمدةً على مبدأ الانعكاس الضوئي.
حيث يكونُ الضوء داخلَ الجهاز منعكساً بشكلٍ كامل على الكاميرا الداخلية عندما لا تكونُ هناك إصبعٌ على الزُّجاج، لكن حينما تُلامس الإصبع -التي تملك نتوءات تشبه الجبال والوديان- سطحَ الزجاج، تستقبل الكاميرا عندها الضوءَ المنعكسَ من الوديان (الانخفاضات) فقط ولا تستقبلُ الضوء المنعكس من النتوءات (الارتفاعات)، وبذلك يولٍّد الجهاز صورةً لبصمةِ الإصبع تكونُ فيها النُّتوءاتُ داكنةً والوديان أكثرَ سطوعاً.
تستمرُّ المشاكلُ المصاحبة عند استخدامِ بصمة الإصبع على الرَّغم من الانتشار الواسع والاستخدام التجاري لها، حيث يواجهُ ما يزيد عن 5% من المستخدمين عدةَ صعوباتٍ في التَّعامل مع هذه التقنية، وغالباً ما تفشلُ هذه الحسَّاسات في التعرُّف على بصمةِ الإصبع بشكلٍ صحيح خاصةً عندما تكون الإصبعُ المرادُ فحصها متسخةً أو متضرِّرة أو حتى مُبلَّلة. ويلجأ بعضُ الناس إلى التَّهرب من تعريفِ بصمة الإصبع من خلالِ صقلِ بصمتهم لخداعِ نظام كشفِ البصمة.
قام العلماء من معهد "langevin" في باريس ببناءِ نظام مُطوَّر لكشف بصمة الإصبع وذلك للتغلُّب على المشاكلِ السابقة، حيث يقومُ بالمعاينة الداخلية للإصبع لأخذِ صورٍ موثَّقةٍ وآمنة للتعرُّف على الأفراد. يستخدم الحسَّاس الجديد تقنيات تصويرٍ خاصةٍ ومتنوعة تُدعى التصويرَ المقطعيَّ المحوسب (1)، يُشبه مبدأ التصوير بالأمواجِ فوق الصَّوتية التي تعتمد على انعكاسِ الصوت وقياسِ الفواصل الزمنية، إلَّا أن هذا التصوير يعتمد على الضوء.
سبق وأن استُخدِمت هذه التقنية في التصويرِ الطبِّي، لكن تمَّ تعديل النموذج وتمَّ الاستعاضةُ عن الليزر كمصدرٍ للضوء بضوءٍ عادي وسُمِّي النظام "full-field OCT" أو " FF-OCT"، ويمكن للنظام أن يلتقط صوراً ثنائية الأبعاد لبصمةِ الإصبع، وبما أن مُعظم الأشخاصِ ليس لديهم نفسُ العمقِ من البصمة الداخلية للإصبع، طوَّر الباحثون طريقةً لأخذ صورةٍ لطرف الإصبع بزاويٍة معيَّنة لمعرفة مقدارِ العُمق. كما يمكنه تصوير مساماتِ العرق الذي بدوره يرفعُ كفاءة الجهاز ويضيفُ ميِّزة تعريفٍ جديدة من حيثُ كشفه لهوية الأفراد.
توضح الصورة أعلاه الصور المولَّدة من نظامِ التصوير المقطعي المحوسب "full-field optical coherence tomography"
يبلغُ حجمُ النظامِ الآن حجمَ بطاريةِ سيارة، بَيْد أن الباحثين يحاولون تقليصَ حجمه واستبدالَ كاميرا رخيصة نسبياً بكاميرا الأشعةِ تحت الحمراء المتطوِّرة التي يبلُغ ثمنُها 40.000 دولار، مما يُساهم في تخفيضِ سعرِ النظام. وعلى الرّغم من كونِ النظام مرتفعَ الثمن نسبياً مقارنةً بأجهزة كشف بصمات الإصبع التقليدية، إلا أنه يُمكن أن يلقى رواجاً في الأماكن التي تتطلّب إجراءاتٍ أمنية.
سيتمُّ اختبار النظام في تركيا ليتمَّ تطويرُ خصائصِه من سرعةِ الالتقاط وتحسُّسِ العمق. لذلك نأملُ أن يتمَّ تطويرُ هذا النظام ليصلَ للكفاءةِ اللازمةِ التي تمنعُ أي عمليةِ تزويرٍ أو أيَّ خللٍ أمني في المطاراتِ وغيرِها من المراكز الحدودية.
(1) التصوير المقطعي المحوسب "optical coherence tomography-OCT" هو تقنيةٌ تشخيصية لاستحصالِ ومعالجة الإشارة الضوئية تعتمد على قياسِ التداخلات.
يشبهُ مبدأ التصوير بالأمواج فوق الصوتية التي تعتمد على انعكاس الصوت وقياس الفواصل الزمنية إلا أن هذا يعتمد على الضوء وتكمن أهميته في إعطاء صورٍ وظيفية للأنسجة الطَّرية والقاسية بدقة عالية.
يعتمدُ مبدأ عمله على تسليطِ حزمةٍ ضوئية على مُقسِّم حزمة لنحصل على حزمتين بمسارين متعامدين تنعكسُ إحداهما على مرآةٍ ثابتة (العينة) والأُخرى على مرآة مرجعية، ثم تعود الحزمتان للالتقاء ثانيةً في مُجزِّئ الحزمة إذا كانت الموجتان مُتَّفقتان في الطَّور (تداخُل بَنَّاء) أو أنّ شدتهما أصغرية (هدب مظلم)، أما إذا كانتا متعاكستين في الطَّور حيث تتعاقب المناطق المظلمةُ والمضيئة في مُخطَّط التداخل وعند تغيُّر تضاريس السطوح التي تنعكس عنه الموجة الأولى، يتغيَّر طول المسار الذي تقطعه فتتغيَّر العلاقة المكانية بين الحزمتين وشكل الأهداب، وبقياسِ فرق المسير نحصلُ على التأخُّرِ الزمني وبالتالي تضاريسِ طبقات العيِّنة المدروسة.
المصدر: كتاب دليل صيانة التجهيزات الطبية أروى سلهب التصوير المقطعي البصري.
مصدر المقال: