الطب > مقالات طبية
مشاهدةُ التلفازِ قد تقتلُك!
يشاهدُ80% من البالغين الأمريكيين التلفازَ بمعدّلِ 3.5 ساعات يوميّاً، وقد لُوحِظت في عدّةِ دراساتٍ رصديّة علاقةٌ بين مشاهدةِ التلفازِ وتدنّي المستوى الصّحيّ.
وفي دراسةٍ جديدةٍ نُشرت في كانونَ الأوّل في المجلّة الأمريكيّة للطبّ الوقائيّ، ذكر الباحثون وجود علاقةٍ بين عددِ ساعاتِ مشاهدةِ التلفازِ يوميّاً وزيادةِ خطرِ الموتِ العائدِ إلى الأسبابِ الكُبرى القاتلة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة.
عمليّاً، فإنّ 92 % من الأمريكيين يملكون تلفازاً في منازلِهم، وتستهلكُ مشاهدتَه أكثرَ من نصفِ وقت فراغهم، و بالتّالي فهم يتخلّون بذلك عن نشاطاتٍ أكثرَ حركيّةً. وكانت قد أعلنت دراساتٌ سابقةٌ عن رابطةٍ محتملةٍ بين مشاهدةِ التلفازِ وزيادةِ خطرِ الموتِ بالأمراضِ القلبيّة الوعائيّة والسّرطان، لتعلنَ هذهِ الدّراسةُ الأخيرةُ تأكيد العلاقةِ السابقةِ عبر مراقبةِ أكثرِ من 221،000 شخصاً بالغاً لمدّة 14 سنةً تقريباً أو حتّى الوفاة (57% منهم ذكورٌ). وقد تراوحت أعمارُ المشاركين بين 50 و71 عاماً وكانوا جميعهم خاليين من الأمراضِ المزمنةِ عند بدءِ الدّراسة. حدّد الباحثون روابطَ جديدةَ بين مشاهدةِ التلفازِ والمسبّبات الرئيسيّة للموتِ في الولاياتِ المتّحدة كمرضِ الانسدادِ الرئويّ المزمنِ، السّكّري، الانفلونزا، التهابِ الرئة، باركنسون، أمراضِ الكبدِ والانتحار.
تقولُ الباحثةُ سارة كيادل من المعهدِ الوطنيّ للسّرطان: "نعلمُ أنّ مشاهدةَ التلفازِ هو السلوكُ الخاملُ الأكثرُ انتشاراً خلالَ أوقاتِ الفراغ، ويَفتَرِض عملُنا أنّ مشاهدتَه تدلُّ على غيابِ الفعاليّةِ الفيزيائيّةِ بشكلٍ عام، وهو ما يتماشى مع نتائجِ مجموعةٍ أكبرَ من الدّراساتِ التي تشيرُ إلى أنّ الجلوسَ المطوّل قد يمتلكُ تأثيراتٍ سلبيّة على الصّحّة".
ونبّهت د.كيادل أنّه على الرغمِ من أنّ كلّ عاملٍ من العواملِ المراقَبَةِ له آليةٌ بيولوجية منطقيّة، إلّا أنّ البعض منها يتمُّ الإعلانُ عنها لأوّل مرّة؛ وهي بحاجةٍ للمزيدِ من الأبحاثِ لإعادةِ إنتاجِ هذهِ النتائج وفهمِ آليّة العملِ بشكلٍ أدق.
توصّلت الدراسةُ إلى أنّه، وبالمقارنةِ مع أولئك الذين يشاهدون التلفازَ أقلّ من ساعةٍ يومياً، فإنّ الذين يشاهدونه 3-4 ساعاتٍ يوميّاً معرّضون أكثر ب 15% للموتِ، بينما الذين يشاهدونه 7 ساعاتٍ فخطرُ الموتِ عندهم أكبرُ ب 47%. وحسبَ الدّراسةِ فإنّ الخطرَ يزدادُ بدءاً من 3-4 ساعات يوميّاً وذلك بالنسبةِ لمعظمِ أسبابِ الموتِ المذكورة.
قام الباحثون بأخذِ عدّة عوامل أخرى بالحسبان؛ كمدخولِ السّعرات الحراريّة يوميّاً، وتعاطي الكحول، والتّدخينِ، والوضعِ الصحّيّ، والتي من الممكنِ أن تفسّر الأسبابَ المدروسة والمحتملة للموت. لكن حتّى بعد السيطرةِ على هذهِ العواملِ بقيت العلاقةُ بين مشاهدةِ التلفازِ والموتِ موجودةً.
ومن النتائجِ المهمّةِ أيضاً للدراسة، أنّ الآثارَ الضارّة لمشاهدةِ التلفاز امتدّت إلى الأفراد النشيطين وغير النشيطين؛ ووفقاً لكيادل: "رغم أننّا وجدنا أنّ الرياضةَ لم تلغِ تماماً الآثارَ السلبيّة للمشاهدةِ المطوّلة التلفاز ، ولكنّها بالتأكيد يجب أن تكونَ الخيارَ الأوّل لاستبدالِ الجلوسِ أمام التلفازِ في أوقاتِ الفراغ".
وأشارَ الباحثون إلى ضرورةِ القيامِ بالمزيدِ من الأبحاثِ لدراسةِ الارتباطِ بين الجلوس المديدِ أثناء نشاطاتٍ أخرى، كالقيادة والعمل، وبين أسباب الوفيّات المحتملة.
وتشيرٌ د. كيادل: "إنّ كبارَ السنّ هم الشريحةُ السكّانيّة الأكثر مشاهدةً للتلفازِ في الولايات المتّحدة؛ وبالنظرِ إلى زيادة أعمارِ الجمهرةِ السكّانيّة، وزيادةِ انتشارِ مشاهدةِ التلفاز، وزيادةِ خطرِ الوفيّاتِ الناتجةِ عنه، فإنّ مشاهدةَ التلفازِ المطوّلة تبدو هدفاً مهمّاً لتدخّل الصحّة العامّة أكثرَ مما كان يُعتقد سابقاً".
يمكنُنا إسقاط نتائجِ البحثِ السابقِ على جميع الأنشطة التي لا تتطلّبُ أيّ جهدٍ عضليٍّ وتمتدُّ لفتراتٍ طويلة؛ كجلوسك الآنَ أمام شاشةِ الحاسبِ أو شاشةِ هاتفك الذكيّ وقراءتك لمقالنا هذا، نعتذرُ جداً منك ونتمنّى أن تعيش حياةً مديدةً مليئةً بالنشاطِ والحركة.
حقوق الصورة:
shutterstock.com
المصادر: