الموسيقا > موسيقا
ماريا آنا موتسارت: الموهبة الضائعة
في الصورة العائلية للمؤلف فولفغانغ أماديوس موتسارت ترى فتاة تعزف معه بأيد متشابكة على آلة الهاربسكود، إنها "ماريا آنا والبرغا إغناطيا موتسارت" شقيقة فولفغانغ أماديوس موتسارت الكبرى، ولدت في 30 تموز 1751 في مدينة سالزبورغ بالنمسا لليوبولد موتسارت، حين كانت في السابعة بدأ والدها بتعليمها العزف على "الهاربسكود" عندما كان أخيها في الثالثة فقط و قد أظهرت مباشرة موهبة موسيقية كبيرة، يقال أنها كانت تساوي موهبة أخيها من ناحية تقنية العزف والتأليف الموسيقي أيضا، بحلول عام 1760 كانت تقوم بجولة موسيقية حول أوروبا كعازفة بيانو، وادت على مسارح ألمانيا والنمسا ولندن وباريس. زمنذ عام 1764 جالت هي وأبيها وأخيها معظم أوروبا كما لقبت هي و أخيها الأصغر "بالطفلين الأعجوبة"
نسبة لبعض المصادر وجدت رسالة لأبيها ليوبولد كتبت عام 1764 كتب فيها: "ابنتي الصغيرة تعزف أصعب المقطوعات التي لدينا... بدقة لا تصدق وبشكل ممتاز." ، "كل هذا يفضي إلى أن ابنتي الصغيرة ذات الإثنا عشر عاما: هي واحدة من أكثر العازفين موهبة في أوروبا".
نرى في رسالة أخرى من الرسائل العائلية -التي كانت المصدر الأهم للتعرف على شخصية "نانريل" كما كانت تلقب- وقد كتبها فولفغانغ موتسارت لها بعد ست سنوات من رسالة أبيها الأخيرة: "أكتب لك في حالة من الرهبة بسبب ما ألفتيه، بكلمة أو بأخرى... الأغنية التي ألفتيها جميلة جدا !." كما قال أنها أفضل من عَزفَ مقطوعاته على الإطلاق.
القاضي ليوبولد أنهى جولتها الموسيقية حول أوروبا بالعمر التي أصبحت ماريا آنا قادرة على الزواج قانونيا أي 18، بالرغم من أنها بقيت تؤلف الموسيقى في منزلها في سالبزبورغ حينما كان أبيها وأخيها يكملان جولتهما في إيطاليا للاعتقاد بأن استمرارها بتأدية العروض الموسيقية والعزف أمام الناس يعرض سمعتها وعائلتها للخطر.
خِلافاً لشقيقها الذي تشاجر مع والده وخالف رغبته بما يتعلق بالمسار المهني واختيار الزوج، فقد بقيت ماريا مُطيعةً لوالديها، ووقعت بحبّ فرانز ديبولد الذي كان قائد رحلة العائلة حول اوروبا؛ ولكن والدها رفضه فتخلت عنه، وقد حاول فولفغانغ الوقوف بجانب أخته تحقيقاً لرغباتها ولكن بلا أي فائدة.
في النهاية تعلمت الخياطة وبقيت ملتزمة في المنزل مع أن بعض الدلائل تقول إلى أنها أكملت التأليف والعزف بغير معرفة والديها ولكن أحدا لم يجد أي من مؤلفاتها، تزوجت أحد القضاة وعاشت بعيدة عن منزل عائلتها 29 كم في قرية سانكت غيلغين، وقد عادت ماريا إلى زالتسبورغ عام 1801 وذلك بعد أن توفّي زوجها، عادت برفقة أطفالها الاثنين وأربع من أطفال زوجها الذين بَقوا أحياءً وعملت هُناك مُدرّسة موسيقى.
في سنواتها الأخيرة تراجعت حالة ماريا الصحية وأُصيبَت بالعَمى في 1825، وقد توفيت في 29 أكتوبر 1829 عن عمر يناهز 78، ودفنت في مقبرة القديس بيتر في زالتسبورغ.
كما تصورت الكاتبة الإنكليزية فيرجينيا وولف الموهبة الضائعة لشقيقة شيكسبير، كذلك ماريا آنا لم تعطى الفرصة كي تزدهر موهبتها: و ما ألفت أو خلقت لم يكن مقدرا أو محفوظا – فقد نسي التاريخ أيضا الملحنات الإناث وفقدت موسيقاهم أو أصبحت غبارا طائرا يجمع من المكتبات والآن ليس بمقدورنا أن نعرف ما قد يمكن أن تكون موسيقاهم، و هذه هي خسارتنا!
المصادر: