الفنون البصرية > فن وتراث

عمارة وثقافة ما قبل الثورة الألمانية | الجزء الثاني

استمع على ساوندكلاود 🎧

ظهر جلياً في عمارة القرن التاسع عشر التطلع إلى الوحدة الوطنية، من خلال تشييد مبانٍ وطنيةٍ كالمسارح أو النصب التذكارية. ومن أكبر تلك المشاريع نذكر الفالهالا "Walhalla"، (وهو صرحٌ تذكاريٌّ كلاسيكيٌّ) قرب ريغنسبورغ، والذي أنشأه ليو فون كلينتسه. وكذلك نصب هيرمان قرب ديتمولد، الذي كُرّس للبطل القومي هيرمان (أو أرمينيوس وكان زعيم الشيروسكيين الذي هزم الرومان وتوفي عام 21). إلى جانب البحث عن أصلٍ مشترك ٍلأمةٍ تطالب بالوحدة، اُحتفل بشكلٍ خاصٍ بنجاحات الماضي القريب من خلال إقامة نصبٍ تذكاريةٍ. أما الساحات الاستعراضية ذات طابع النصر كساحة معركة واترلو فتحولت إلى مواقعَ تذكاريةٍ عبر أعمال التوسعة، وأصبحت بذلك مقاصدَ محببةً للسياحة الجماعية.

مارست الحكومة المراقبة والملاحقة والقمع على الأشكال المتطرفة للحركة الوطنية. وهذا ما دفع كثيراً من المواطنين من بينهم الفنانون والكتّابُ إلى عدم الخروج والبقاء في منازلهم. أما الحقبة التي سمّيت فيما بعد باسم بيدر ماير "Biedermeier" (وهو أسلوبٌ فنيٌ طورته الطبقة الوسطى بين عامي 1815-1848) فقد أوجدت مفهوم السعادة المنزلية بما فيها من راحة بال وخصوصية، وميزت أيضاً أساليب الموضة والمفروشات لذلك العصر. ومرة أخرى فضّل شعراءُ وفنانونَ آخرونَ العودة إلى الطبيعة منذ بداية القرن ودافعوا عن تصورهم الديني الشاعري للعالم، وهو ما نسميه بالرومانسية التي تخلى ممثلوها عن عقلانية عصر التنوير واتجهوا إلى الباطن الذاتي والمخفي واللاواعي.

بالإضافة إلى التيارات غير السياسية التي نشأت كالبيدرماير والرومانسية، تميزت الفترة التي بدأت عام 1830 والتي تدعى فورمرتس (أي قبل آذار "Vormärz") بأنها كانت ثوريةً وناقدةً للمجتمع. طالبت مجموعة الكتّاب المسماة "ألمانيا الفتية" بتحسين ظروف المعيشة والعدالة الاجتماعية وبحقوق الحريات، ووجدوا أن الشرط المسبق لحدوث ذلك هو الوصول إلى وعي سياسي لدى البرجوازيين. لكن المجلس الإتحادي الألماني حظر مجموعة الكتّاب هذه بقرار عام 1835، وأثناء ذلك تم تعيين هاينريش هاينه كعضو لهذه المجموعة. وثمة أعمال عديدة للكاتب جورج بوشنر تنتمي كذلك لأدب مرحلة فورمرتس، كالدراما المعروفة فويتسيك "Woyzeck".

وقد كان للنظريات التربوية للفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو (1712-1778) أثرٌ كبيرٌ في النصف الأول من القرن التاسع عشر، فمن خلالها أصبحت التربية في صدارة المناقشات السياسية والاجتماعية، واعتبرت الطفولة كمرحلة أساسية من مراحل التنمية البشرية. فإلى جانب صناعة ألعاب الأطفال المزدهرة وتطور أزياء الأطفال والإرشادات التربوية للأطفال، نشأ أيضاً أدب واسع للأطفال، تميز جزء كبير منه بالتأكيد على القيم الأخلاقية للمجتمع. وعلى سبيل المثال نذكر أول وربما أشهر كتب الأطفال آنذاك بيتر الفظ "Der Struwwelpeter".

المصدر:

هنا