العمارة والتشييد > التصميم المعماري
مصنع الأرض!
لا يمكنك أن تتنبَّأ عند النَّظر لهذا المشروع من أيِّ جانب من جوانبه بأنّه منشأة صناعيّة، فكما هي العادة لا تلتفت المصانع للناحية الجماليَّة من التَّصميم، فما بالك بموضوع الاستدامة.
يقول المعماري: يعدُّ هذا المشروع استكمالاً لمشروع قائم حالياً هدفه استصلاح الأراضي المجاورة وضمِّها للغابة في مدينة Johor في ماليزيا. كانت العقلانيَّة والإنتاجيَّة أهم أولويَّات المصنع في القرن التاسع عشر، لذلك فقد أردنا الارتقاء بتصنيف المصنع بإضافة العناصر التي تجعل العامل المسلِم فخوراً ببيئة عمله الجديدة والتي سيعمل ضمنها.
لقد أردنا تخفيف انبعاثات المبنى من غاز الكربون الضَّار مما يحوِّل المبنى لمصنعٍ مستدام، وذلك بتسخير قوى الطبيعة كمياه الأمطار، والشَّمس، والريَّاح، والطَّاقة الحراريَّة الأرضيَّة، والحياة النباتيَّة.
اقتضت الخطَّة على خلق سطح أخضر كبير منسجم مع الأرض الطبيعيَّة ومتماهٍ معها ليزيد مساحتها مغطيَّاً القسم الأسفل من الفراغات والأنشطة.
لقد عزَّزت التربة الموجودة على السطح بشكل كبير من فعالية عزل فراغ المصنع. أمّا الفراغ في الأسفل فبنيته تعتمد على غابة من الأعمدة السداسيَّة الشكل وتاج على شكل نجمة مستمدَّة من نماذج الأرابسك الإسلاميَّة، إشارةً إلى الغابة المجاورة. أمّا مياه الأمطار المتساقطة على السَّطح فيتم سحبها الى خزان مياه تحت الأرض عبر أنابيب موجودة ضمن الأعمدة، حيث يتم استخدامها بشكل دوري لريِّ النباتات. ومع تزامن تساقط الأمطار إلى البركة وهبوب الرِياح فإن المطر المنهمر على السطح يدفع بنسيمٍ بارد في الفراغ الانتقالي بين خارج وداخل السطح. كما صمِّمَ المصنع ليعكس الضوء الطبيعي القادم من الأعلى بحيث يخفِّف الاعتماد على الإنارة الصناعية قدر الإمكان.
لقد تمكنَّا باستخدام المحاكاة الحاسوبية من تقدير كمية الضوء الطبيعي المنعكس ومدى انتشاره عبر الألواح العاكسة والتي تتشارك في تصميم شكلها مع نماذج الأرابيسك الإسلامي. تتوزَّع المكاتب في المبنى المتعدِّد الطوابق والمتمركز على المحور الشرقي الغربي بحيث يقلِّل من أثر الإشعاعات الشَّمسيَّة على القشرة الخارجيَّة للمبنى. أمّا البلاطة التي تحيط بالمبنى والي ترتبط بالأرض الطبيعيَّة فهي تشكِّل منحدراً مستمرَّاً يعمل كممشى للعمَّال يسمح لهم بممارسة التمارين الريَّاضيَّة والمحافظة على سلامتهم الصحيَّة.
زُوِّدَت الواجهات بنظام من الأسلاك تنمو علها النباتات المتسلقة كدرع للحماية من الإشعاعات الشمسيَّة، حيث تعمل على زيادة كثافة الجدار الأخضر الذي يعدُّ الصِّفة المميِّزة للمبنى. والتيَّار الهوائي الذي يتم خلقه عبر المبنى مسؤول عن نقل الهواء الطبيعي من الأعلى إلى الأسفل.
إنَّ جمع هذه الخصائص الطبيعيِّة مع بعضها ودمجها مع محيطها هو ما يعطي هذا المصنع القدرة على التواصل مع محيطه ومحتواه في الوقت نفسه. على أمل أن يشكِّلَ هذا التصميم نقلة في مجال تصميم المنشآت الصِّناعيَّة لتأخذ دورها في حماية الكوكب والتَّقليل من هدر موارده واستنزافها. شاركونا آراءكم ومقترحاتكم.
المصدر: