الطب > مقالات طبية
نقل الدّم Blood transfusion
هي عمليّة نقل الدّم إلى شخصٍ يحتاجه بعد فقد جزءٍ من دمهِ، حيثُ يتمّ نقل الدّم من أكياسِ التبرّع إلى وريدِ المريض.
ما هي الحاﻻت التي تحتاجُ نقل الدّم؟
-أيّ إصابةٍ أو حادثٍ أدّى إلى النزفِ وفقدانِ كميّة من الدّم.
-أيّ حالةٍ مرضيةٍ أدّت إلى خسارةٍ دمويةٍ كبيرةٍ كالقرحةِ الهضميةِ النازفة.
-في العملياتِ الجراحية الكبيرة.
-الحاﻻت المرضية التي يتعطّل فيها الإنتاجُ الدّموي من نقيّ العظمِ كحالةِ فقر الدّم اللاتنسُّجي (aplastic anemia).
ما هي الخطواتُ المتبعة:
قبل عمليّة نقل الدّم يجبُ التأكّد من سلامةِ الدّم المنقولِ من الأمراضِ السّارية؛ كالإيدز والتهابِ الكبد الوبائي. كما يجب التأكّد من نسبةِ التوافق بين دم المتبرّع ودم المتلقّي وذلك من خلال اختباراتٍ عديدة أهمّها اختبارُ الزمرة الدّموية ABO والعامل الرّيسوسي Rh. وكذلك اختبارُ التوافقCrossmatching ؛ حيث يتمّ أخذُ عيّنةٍ دمويةٍ صغيرةٍ لكلٍّ من المتبرّع والمتلقّي ويتمّ فصلُ مكوّنات الدّم وخلطها معاً كخلطِ بلازما المتبرّع مع خلايا المتلقّي والعكس، للتأكّد من سلامةِ النقل.
غالباً لا يتمّ نقل الدّم بشكلهِ الكاملِ بل يتمّ فصلهُ إلى مكوّناته (الكريّات الحمراء والكريّات البيضاء والصفائح الدّموية والبلازما) ونقلُ ما يلزم عند الحاجة، وتُعدّ كريّات الدّم الحمراء من أكثر المكوّنات التي يتمّ نقلها عادةً
ماهي مخاطرُ عمليّة نقل الدّم؟
في غالب الأحيان تُعدّ عمليّة نقل الدّم آمنةً، حيث أنّ العيّنات الدّموية التي يتمّ التبرّع بها تُختبر ويتمّ التأكّد من توافقها جيّداً.
رغم ذلك؛ فمن المخاطرِ النادرةِ هي عدمُ توافقُ الزمرة الدّموية للدّم المتبرّع بهِ مع زمرةِ المريضِ، وتعود في غالب الأحيان إلى عدم التأكّد جيّداً من زمرة المتبرّع أو زمرة المريض حيثُ تكون الزمرة الدّموية نادرة (تحوي راصّاتٍ دمويّة نادرة).
قد يُطلب من بعضِ المرضى في بعضِ المراكز التبرّع الدّموي قبل القيامِ بعمليّة جراحيّة بعدّةِ أسابيعِ، وذلك حتّى يتمّ تعويض الدّم المفقود خلال العمليّة من نفس دم المريض، وبذلك تقلّ خطورة حدوثِ أي مخاطر.
قد تحدثُ بعضُ الاختلاطات النادرةِ كردّ فعلٍ تحسّسي للدّم المنقول، وإن توافقت الزمر الدّموية تماماً بين المتبرّع والمريض، وتبقى أعراضُ هذا التحسّس طفيفةً وهي: حرارةٌ، ألمٌ، زلّةٌ تنفسيّة، انخفاض الضغطُ الدّموي، ارتعاش، تسرّع في النبض. قد تبدو هذهِ الأعراضُ مخيفةً، لكنّها شائعةً وسهلة التدبير.
أمّا في حال نقلِ دمٍّ غير متوافقِ الزمر، فإنّ ردّ الفعل التحسّسي سيكون شديداً وقد يؤدّي للوفاة.
لذلك يوصي بعضُ الأطبّاء بأخذِ مضادّات حساسيّة كمضادّات الهيستامين قبل عمليّة النقل وذلك لتجنّب الأعراض التحسّسية الطفيفة الممكن حصولها.
ماهي مخاطرُ عملية نقل الدّم؟
• ردّ فعلٍ تحسّسي: وهو تفاعلُ فرطُ حساسيّة من النمط الأوّل (type 1 hypersensitivity reaction) ويعودُ إلى وجود أضدادٍ جاهزةٍ تُهاجم بروتينات البلازما في الدّم المنقول.
الأعراضُ: حُكاك، اندفاعات جلديّة شرويّة، حرارة، وزيز.
العلاج: مضادّات الهيستامين( (dephenhydramin كافيةٌ لعلاج الحكّة المترافقة مع الاندفاعات.
• التفاعلات التآقيّة: تفاعلاتٌ تحسسيّةٌ شديدة، عند الأشخاص المصابين بعوز igA(أحدُ الأجسام المضادّة) ويتلقون دم يحتوي igA.
الأعراض: زلّة تنفسيّة، اختناق، انخفاض التوتّر الشرياني، قصورٌ تنفّسي، صدمة.
العلاج: حقنُ الأدرينالين epinephrine تحتَ الجلد أو وريدياً في الحاﻻت الأشدّ.
على الرغمِ من عدمِ وجودِ دليلٍ قاطعٍ على فائدتِها، فإنّ معظم الأطبّاء يفضّلون إعطاء الستيروئيداتِ (هيدروكورتيزون) في حالِ عدمِ الاستجابة للأدرينالين.
• التفاعلات الحروريّة غير الانحلالية: تفاعلٌ تحسّسيٌّ شديدٌ (من النمط الثاني) حيث تتفاعلُ أضداد المضيفِ مع الكريّات البيضِ المتبرّع.
الأعراض: حرارة، صداع، عرواءات واحمرار الجلد.
العلاج: قد تستمرُ الحرارة لمدّة 15-30 دقيقةٍ، و ﻻ يوجدُ علاجٌ نوعيّ لهذه الحالة، ولكن إن سببت الحرارة إزعاجاً للمريض يمكنُ إعطاء الأسيتامينوفين (باراسيتامول) مع تجنّب الأسبرين بسبب أثرهِ في تثبيط التجلّط (وبالتالي زيادة ميوعة الدّم).
• التفاعلات الانحلاليّة الحادّة:
لكشف وجودِ انحلالٍ دمويٍّ يجب فحصُ العيّنات البوليّة؛ ففي حال كان لونُ البول أحمراً يجبُ إجراء تثّفيلٍ للعيّنة، فإن بقيتِ الكرياتُ الحمر في القاع وطفا البولُ على السطح فهي بولةٌ دمويةٌ وتدلّ على نزيفٍ من المجاري البولية ﻻ علاقةَ لها بانحلال الدّم، أمّا في حال بقاءِ السائل رائقاً أحمرَ اللون فهي بيلة هيموغلوبينية سبُبها الانحلال الدّموي.
يوجد نوعان:
انحلالٌ دمويٌّ متواسطٌ بالأضداد: تفاعلٌ تحسّسيّ من النمط الثاني، له نوعان:
انحلالٌ داخل الأوعية: سببُه تنافرُ الزمر ABO.
انحلالٌ خارج الأوعية: أضدادٌ من المضيف تتفاعلُ مع المستضّدات الأجنبيّة على الكريّات الحمر التابعة للمتبرّع.
الأعراض: حرارة، هبوط ضغط، تسرّع تنفس، تسرّع نبض، ألمٌ في الخاصرة، بيلة هيموغلوبينية ويرقان.
التدبير:
إيقافٌ فوريّ للنقل، مع فتحِ خطٍ وريديّ. وتوقّع حدوثِ انخفاضِ ضغطٍ وفشلٍ كلوي وتخثّرٍ منتثرٍ داخل الأوعية DIC.
يجبُ إعطاءُ جرعةٍ منخفضةٍ من الدوبامين لتفادي حصول فشلٍ كلوي.
انحلالٌ دمويٌّ غير متواسطٍ بالأضداد: يحدثُ عند نقل كرياتٍ حمرٍ مخرّبةٍ أساساً في مرحلةٍ سابقة للنقل.
التدبير:
تشجيعُ الإدرار باستخدامِ المحاليلِ الملحيّة خلال ساعةٍ حتّى زوالِ اللون الأحمر من عيّنات البول، ويُعدّ هذا علاجاً كافياً.
• الأذيّة الرئويّة الحادّة بعد النقل Transfusion related acute lung injury: تحدثُ غالباً بعد نقلِ عناصرِ البلازما كالصفيحات والبلازما الطازجة. وبشكلٍ أقل عند نقلِ كرياتٍ حمراء.
سببُها وجودُ أضدادٍ للكريات البيض في الدّم المنقول، إذ تتجمّع الكريات وتفرغُ محتواها من الأنزيمات الحالّة، فتحدثُ الأذية الرئوية في مستوى الحاجزِ (الحائل) الهوائي الدّموي blood air barrier.
الأعراض: زلّةٌ تنفسيّة وارتشاحٌ رئويّ على صورةِ الصدرِ الشعاعيّة خلال 6 ساعات من النقل الدّموي.
التدبير:
إيقافُ النقلِ وفتحُ خطٍ وريديٍ. حيث تُدبّر الحاﻻتُ الطفيفة عن طريقِ قناع الأوكسجين، وفي حال عدم التحسّن يتمّ نقلُ المريضِ إلى العنايةِ المشدّدة واستخدامِ التهوية الميكانيكية كإجراءِ التنبيب.
• فرطُ الحجم الدّمويّ:
الأعراض: زلّةٌ تنفسيّة اضطجاعيّة، وذماتٌ محيطية وارتفاعٌ مفاجئٌ في الضغط الدّموي.
التدبير: تغييرُ وضعيةِ المريضِ من الاضطجاعِ إلى الجلوسِ مع تطبيقِ قناع الأوكسجين.
ويكون التدبيرُ الأمثلُ بإيقافِ النقل وتطبيق فِصادَة البلازما plasmapheresis أي سحبِ الدّم. وفي الحالات الأقلّ حرجاً: يتمّ التدبير باستخدامِ المدرّات بالطريقِ الوريدي أو الفموي.
بهذا ننهي مقالنا ونرجو أن تكونوا قد استفدتم. تابعونا في المقالات القادمة.
المصادر: