العمارة والتشييد > التشييد
تاريخ الطرقات: من المسارات الجبلية الملتوية إلى الطرقات السريعة
منذ آلاف السنين، قبل اختراع السيارات، أو حتى العربات البدائية، تشكلت الطرق الأولى بشكل عفوي من قبل الإنسان الذي كان يمشي على المسارات نفسها مراراً وتكراراً للحصول على المياه والعثور على الطعام. كما ساهمت التنقلات بين القرى والبلدات والمدن إلى ظهور شبكة مسارات أكثر رسمية. وبعد اختراع العجلة قبل حوالي 7000 سنة سبب نقل الأحمال الثقيلة ظهور بعض المشاكل في المسارات الترابية التي تحولت إلى مستنقعات موحلة عند هطول الأمطار. ويرجع انشاء أول طريق معبدة بالحجر إلى حوالي 4000 قبل الميلاد في شبه القارة الهندية وبلاد ما بين النهرين.
إنَّ أعظم بناة للطرق في العصر القديم هم الرومان الذين كانوا واعين جداً للمزايا العسكرية والاقتصادية والإدارية لنظام طرق محكم ومتطور. بدأ الرومان مهمة انشاء الطرق عام 334 قبل الميلاد ليتم شق ما يقرب 53000 ميل (85295 كم) من الطرق التي تربط العاصمة مع حدود إمبراطوريتهم، حيث كانت تسع وعشرين طريق عسكرية تشع من روما.
كانت الطرق الرومانية جريئة في التصميم والتنفيذ، حيث يتم التنفيذ، كلما كان ذلك ممكناً، في خط مستقيم من نقطة إلى أخرى بغض النظر عن العقبات حتى و إن تطلب الأمر المرور عبر المستنقعات والبحيرات والوديان والجبال. وفي أوج ازدهار الإمبراطورية الرومانية تم حفر مصارف طولية من أجل صرف مياه الأمطار التي تعد السبب الرئيسي لتدهور حالة الطرق. وقد اشتهرت هندسة الطرق الرومانية باعتمادها بنية متعددة الطبقات حيث تتم تغطية السطح تدريجياً بطبقة خفيفة من الرمل ثم اضافة أربع طبقات رئيسية أخرى:
1. طبقة سفلية سميكة من الحجارة من 10 إلى 24 بوصة (25 – 60 سم).
2. طبقة من الخرسانة المغموسة بالحجارة بسمك تسع بوصات (23سم).
3. طبقة النواة بسمك 12 بوصة (30سم) مصنوعة من الحصى الصغير والرمل الخشـن.
4. طبقة سطحية من الألواح الحجرية لا يقل سمكها عن تسع بوصات (23سم)..
وبالتالي فإن إجمالي سمك الطريق يتراوح بين3 إلى6 أقدام (91-182 سم). ويصل عرض الطريق إلى سبعة أمتار في المنعطفات، لأن العربات لم يكن لديها محور دوار.
وتعد هذه البنية الطرقية الضخمة ،التي اعتُمدَت منذ حوالي 300 عام قبل الميلاد، معياراً لإنشاء الطرق لمدة 2000 سنة لاحقة.
تعود تقنيات إنشاء الطرق الحديثة إلى منهج طوره المهندس الاسكتلندي جون ماك آدم في أوائل القرن التاسع عشر. عمل ماك آدم على إضافة طبقة جديدة إلى البنية القديمة مكونة من مزيج مضغوط من الحجارة الصغيرة والتربة. كما تطورت تقنيات انشاء الطرق لتصبح قادرة على تحمل المركبات الثقيلة التي ظهرت في القرن العشرين وذلك باستعمال الإسفلت كمادة مساعدة على تماسك السطح.
لقد تغيرت العملية الفعلية لتنفيذ الطرق بشكل كبير خلال القرن الماضي من استعمال الأدوات اليدوية والتقليدية إلى أجهزة متخصصة و ضخمة. بناء وتوسيع الطرق الحديثة مهمة جد معقدة وتكلف حوالي 2 إلى 12 مليون دولار للميل الواحد (1.6 كم) حسب عدد الممرات وطبيعة الموقع الذي تمر منه. حيث يعطى قدر كبير من الاهتمام إلى التصميم الأولي الذي يعمل على جعل الطريق مستوي قدر الإمكان وضمان رؤية واضحة للسائقين، مع الحفاظ في نفس الوقت على منحدرات معقولة في المناطق الجبلية لأسباب تتعلق بالأداء والسلامة.
ومع زيادة الحاجة للنقل بدأت الطرق الحديثة تعرف مجموعة من التحديات أهمها ضمان سلامة المسافرين والحد من مشاكل الازدحام. ونظراً للتعقيدات الاقتصادية والسياسية لبناء طرق جديدة أو توسيعها تم تمويل مجموعة من الدراسات بهدف استغلال أمثل للطرق مع ضمان حركة سلسة وآمنة، ويعتقد أن أفضل حل طويل الأمد للازدحام والسلامة هو السيارات الذكية التي يتم تطويرها من طرف غوغل وجنرال موتورز وأودي، وهي مركبات ذاتية القيادة تستخدم أجهزة الاستشعار لمراقبة المناطق المحيطة بها لتجنب الاصطدامات. فتوسيع الطرق لا يعني بالضرورة حل مشكل الازدحام بقدر ما يزيد من احتمال وقوع حوادث السير.
نختم بمقولة أنتوني داونز Anthony Downs من كتابه "عالق في الزحام" : " نصيحتي للسائقين الأمريكيين العالقين في حركة المرور، ألا يربطوا هذا المشكل بالسياسة، أن يتعلمو الاستمتاع بالازدحام، الحصول على سيارة مريحة مع راديو ومشغل موسيقى، وأن يسافروا مع شخص هو حقا جذاب ".
المصادر:
هنا;
The roads of roman Italy، Ray LAURENCE، Chapter 2 : Mastering space: road building 312–44 BC، Chapter 4 : The politics of roads building.
Highway capacity manuel 2000، chapter 2 : Capacity and level of service concepts.
مصادر الصور: