الفنون البصرية > فلكلوريات
الفلكلور الهندي (الجزء الثاني)، هولي، مهرجان الألوان
تاريخُ مهرجانُ هولي:
هولي هو مهرجانٌ هنديٌّ كان يُطلقُ عليه سابقاً اسمَ (هوليكا Holika) . يقالُ أنّ مهرجانَ الألوانِ هولي وُجِد قبلَ ميلادِ المسيحِ بقرونٍ عديدة. على الرغمِ من ذلك، يُعتَقدُ أنَّ معنى هذا المهرجانِ قد تغيرَ عدةَ مراتٍ عبرَ السنين. ففي القديم، كان عبارةٌ عن طقوسٍ تقومُ بها النسوةُ المتزوجاتُ من أجلِ سعادةِ وسلامةِ عائلاتهم، أما في وقتِنا هذا فينظرُ إليهِ كاحتفالٍ (بألوانِ الوحدةِ والأخوّة) بعيداً عن فوارقِ العقيدةِ واللونِ والعرقِ والجنس. وهو أيضاً مهرجانُ الحصادِ و مهرجانُ ترحيبٍ بفصلِ الربيعِ كونَه يصادفُ يومَ اكتمالِ القمرِ من شهرِ (Phalgon) حسب التقويمِ الهندوسيِّ والمعتبرَ يومَ الاحتفالِ بالربيع.
أسطورةُ المهرجان:
هناك مايقاربُ الخمسِ أساطيرَ يعزى إليها المهرجانُ لكنَّ أشهرَها وأكثرَها انتشاراً هي أسطورةُ (هوليكا وَ براهلاد(. إذ تحكي الأسطورةُ قصةَ ملكٍ يُدعى (هيرانياكاشياب) حكمَ الأرضَ إلا أنه حدت به الأناينةُ أن يطلبَ من شعبِه عبادتَه وعدمَ عبادةِ سواه . لكن لخيبتِه، رفضَ ابنُه (براهلاد) أمرَ أبيهِ وأصبحَ نصيراً للإلهِ نارايانا. حاول الملكُ قتلَ ابنهِ بعدةِ طرقٍ إلا أنه لم يفلح بذلك. أخيراً، طلبَ الملكُ من أختِه هوليكا، والتي كانت تمتلكُ ميزةَ عدم تأثرِها بالنار، أن تدخلَ النارَ وتحملَ معها ابنه براهلاد، لكنهما لم يعرفا أنَّ ميزةَ عدمِ تأثرِها بالنار هذه تعملُ فقط إن دخلت النارَ وحدها. بخبثٍ ومكرٍ، أقنعتِ العمةُ هوليكا ابنَ أخيها الصغيرَ براهلاد أن يدخلَ معها النارَ المستعرةَ وأن يجلسَ في حضنِها. وهكذا، دفعت هوليكا ثمنَ شرِّها ونجا براهلاد بعنايةٍ من الإله نارايانا الذي ما فتئ يرنّمُ اسمَه أثناءَ وجودِه في النار.
أسطورةُ ألوانِ المهرجان:
يعودُ تقليدُ استخدامِ الألوانِ في هذا المهرجانِ إلى أسطورةٍ عن إلهٍ هنديٍّ ذي بشرةٍ قاتمةٍ يدعى (كريشنا) شعرَ بالغيرةِ من بياضِ بشرةِ صديقِه (رادها) فاشتكى أمرَه لأمِّه. ولاسترضاءِ ابنِها، أشارتِ الأمُّ على كريشنا أن يقومَ بوضعِ اللونِ الذي يشاءُ على وجهِ صديقه. أعجبتِ الفكرةُ كريشنا وقامَ بتطبيقِها على صديقِه كنوعٍ من المزاحِ واللعب. وهكذا اكتسبت لعبةُ الألوانِ هذه شهرةً واسعةً وأمست تقليداً معروفاً امتدَّ ليصبحَ مهرجاناً كبيراً.
معنى كلمة (هولي):
كلمةٌ هولي مشتقةٌ من كلمةِ هولا والتي تعني تقديمَ القرابينَ أو الصلواتِ للخالقِ كشكرٍ لوفرةِ الحصاد. يُحتفل بمهرجانِ هولي كل عامٍ ليذكرَ الناسَ أنّ من يحبُّ الله سينجو ومن يعذبُ أنصارَ الله سيؤول رماداً في إشارةٍ لشخصيةِ هوليكا الأسطورية.
طقوس المهرجان:
قبلَ موعدِ المهرجان بأيام، يبدأ الناسُ بجمعِ أكبرِ كميةٍ من الخشبِ لإشعالِها في الهواءِ الطّلقِ عشيةَ الاحتفالِ، ويُسمّى هذا المشعلُ بـ هوليكا حيثُ يتمُّ وضعُه على الطرقِ الفرعيةِ الرئيسيةِ للمدينة. وفي عشيةِ المهرجان ينصبُ تمثالٌ لـ هوليكا فوقَ المشعلِ ويُحرَقُ ليسمى بذلك هذا التقليدُ بـِ موت هوليكا (Holika Dahan)..فهذه الطقوسُ الاحتفاليةُ ترمزُ لانتصارِ الخيرِ على الشرِّ و بهجةِ المؤمنِ المخلص.
أمّا في يومِ المهرجانِ والمُسمّى دهوليتي (Dhuleti) يبدأ الناسُ باللعبِ بالألوانِ برشِّ بعضِهم البعض إما بالمساحيقِ الملونةِ المسماةِ (جولالGulal ) أو بالماءِ المضافِ إليه هذه المساحيق مرددين عبارةَ (هولي هاي Holi-Hai) والتي قد تعني (لاتشعر بالإساءة، فهذا مهرجان هولي). كل لونٍ من هذه المساحيق يحملُ رمزيةً خاصةً به. فاللونُ الأحمرُ يرمزُ للصفاء، والأخضرُ للحيويةِ والنشاط، والأزرقُ للهدوءِ وتسكينِ الآلام، والأصفرُ لمشاعرِ التقوى.
لم يعد مهرجانُ الألوانِ مقتصراً على الهندِ وحدَها أو على أتباعِ ديانةٍ ما، بل انتشرَ عالمياً وأصبحَ يُحتفل به في عدةِ بلدانٍ حولَ العالمِ نظراً للمرحِ والسعادةِ التي ينشرُها اللعبُ بالألوان.
المصادر