التعليم واللغات > اللغويات
سلسلة: اللُّغة عند الأطفال.. اللغة الأولى .. نظريات نشوئها
الأسبوعُ الأول: واااااااااااااااااااع.
بعمرِ ستةِ أشهر: بابا دادا غوغو بابا.
بعمرِ سنة: نم نم (جائع).
بعمرِ سنتين: ماما سوق راح بابا عن عنننن (ماما راحت عالسوق والبابا أخدها بالسيارة).
بعمرِ خمسِ سنوات: ماما ما بدي روح عالمدرسة بكرا.
كيفَ تمكَّنَ الطفلُ مِن فعلِ هذا؟ لقد استطاعَ أن يطوّرَ نظاماً لغوياً معقداً خلالَ فترةٍ قصيرةٍ جداً مِن حياته. هَلْ تساءلتَ يوماً كيف يفعلُ الأطفالُ هذا؟ ما هي أهمُّ المقوماتِ والعواملِ التي تُمَكّن البشرَ من اكتسابِ وتعلّمِ مئاتِ اللغاتِ المختلفةِ على كوكبِنا دونَ عناءٍ يُذكر؟ في سلسلتِنا هذه نستعرضُ أهمَّ المواضيعِ ذاتِ الصلةِ باكتسابِ ونشوءِ اللغةِ عندَ الأطفالِ، ونحاولُ الاقترابَ سويةً من فهمِ السمةِ التي تميزُنا عن سائرِ المخلوقاتِ ألا وهي اللغة.
ما هي أهمُّ النظرياتِ التي درست آليةَ نشوءِ اللغةِ عندَ الأطفالِ؟ لنستعرضَها معاً في هذا المقال.
إنَّ مقدرتَنا المذهلةَ على اكتسابِ الكفاءةِ اللازمةِ لاستخدامِ لغةٍ أولى خلالَ الأعوامِ القليلةِ الأولى من حياتِنا كانت ولا تزالُ موضوعاً مثيراً للاهتمامِ لعدةِ قرون، إذ يرجعُ البحثُ في هذا المجالِ إلى الجزءِ الأخيرِ من القرنِ الثامنِ عشر، عندما قامَ الفيلسوفُ الألمانيُّ تيديمان بتدوينِ ملاحظاتِه المتعلقةِ بالتطورِ النفسيِّ واللغويِّ لدى ابنِه خلالَ تعلمِه للغتِه الأولى.
لم يرَ التحليلُ المنهجيُّ للغةِ النورِ حتى النصفِ الثاني من القرنِ العشرين حيث هدفَ إلى اكتشافِ طبيعةِ الآليةِ اللغوية-النفسية التي من شأنها أن تمكّن كل إنسان من اكتسابِ سيطرةٍ مطلقةٍ على نظامٍ لغويٍّ شديدِ التعقيدِ في زمنٍ قصيرٍ نسبياً.
يبدأ الأطفالُ رحلتَهم اللغويةَ بالخرخرةِ، الهديلِ، البكاءِ، فيرسلون بهذه الطرقِ عدداً استثنائياً ولا متناهياً من الرسائلِ، ويستقبلون عدداً أكبر.
وقد نشأت العديدُ من النظرياتِ التي حاولت أن تشرحَ هذه الظاهرةَ اللغويةَ المثيرةَ معتمدةً بذلك على أسسٍ سلوكيةٍ، فطريةٍ، نفسيةٍ واجتماعيةٍ، نستعرض فيما يلي أبرزها.
1. النظريةُ السلوكيةُ:
أصرّ أتباعُ المذهبِ السلوكيِّ على أنَّ اللغةَ تمثّلُ أحدَ أجزاءِ السلوكِ الإنساني ككل، وعملوا على صياغةِ نظريةٍ تتماشى مع هذا المبدأ، فركّزت المقاربةُ السلوكيةُ على الجوانبِ القابلةِ للملاحظةِ من "السلوكِ اللغوي" حيثُ يَعتَبِر السلوكيون أنَّ الاستخدامَ الفعَّالَ للغةِ ينتجُ بسببِ وجودِ مثيراتٍ في البيئةِ المحيطةِ، وبناءً على ذلك فإنَّ الأطفال ينتجون رداتِ فعلٍ لغويةٍ بسببِ استثارتِهم من قِبلِ بعضِ الحوافزِ الموجودةِ حولهم حيثُ يتمُّ تعزيزُ هذه الردَّات فيما بعد.
يعدُّ سكينير (1957) أحدُ أهمِّ المساهمينَ في تطويرِ النظريةِ السلوكيةِ، حيث نالَ شهرةً واسعةَ النطاقِ من خلالِ تجاربِهِ على سلوكِ الحيواناتِ ومساهمَتِه في تطويرِ العملية التعليمية بشكلٍ عام. قدّمَ سكينير نظريةَ "السلوكِ اللفظيّ" حيثُ طرحَ الفِكرةَ القائِلة بأنَّه ليس من الضروري وجودُ محفّزٍ لكي يقومَ الإنسانُ بردّاتِ فعلٍ لغويةٍ، ولكنّ الأهمَّ هو وجودُ ما يعزِّزُ تكرارَ هذا السلوكِ اللفظيِّ فيما بعد كردّة فعلٍ إيجابيةٍ مِن قِبَلِ شخصٍ آخر. فعلى سبيلِ المثال، إذا قالَ طفلٌ "أريد حليباً" وقامَ أحدُ الوالدين بإعطاءئه بعضَ الحليب فإنَّه يعززُ بذلك هذا السلوكَ اللفظيَّ ويساهمُ في احتمالِ تكرارِه في المستقبل. بالنسبةِ لسكينير فإنَّ "السلوكَ اللفظيَّ" لا يختلفُ كثيراً عن سائرِ أنواعِ السلوكِ الأخرى حيث أنَّه من المهمِ للجميعِ وجودُ نوعٍ من المكافأةِ الإيجابيةِ التي تزيدُ من قوةِ السلوكِ وتضمنُ تكرارَه، بينما يشكلُ غيابُ هذا النوعِ من المكافأةِ أو حتى وجودُ نوعٍ من العقابِ تهديداً حقيقياً لهذا السلوكِ حيث يساهمُ في إضعافِه واختفائه كلياً مع الزمن.
لم تلقَ هذهِ النظريةُ الكثيرَ من الترحيبِ وقوبلت بالكثيرِ من الانتقادِ فمثلاً، أكد تريب (1964) أنَّ الأطفالَ لا يقومون بالتقليدِ الحرفيِّ لما يسمعونه من استخدامٍ لغوي للبالغين وحسب بل يقومون بتبسيطِ ما يسمعون، وبذلك فهم ليسوا سلبيين وحسب في استخدامِهم للّغةِ بل فاعلين ومساهمين بها بما ينسجمُ مع مستواهِم اللغوي. على نطاقِ أوسع، يبدو مبدأ "التعزيز السلوكي" غيرَ كافٍ حيث لا يبدو الوالدان على قدرٍ كافٍ من الانتباه لكيفيةِ استخدامِ أطفالِهم للغةِ طالما أنَّ ما يقولونه مفهمومٌ بالنسبةِ لهم فلا يقومون بتشجيعِهم على الكلامِ وتعزيزِ سلوكِهم، بل ونادراً ما يصححون أخطاءهم اللغوية.
2. النظريةُ الفطرية:
حاولت المقارباتُ الفطريةُ دراسةَ لغةِ الأطفالِ عن طريقِ طرحِ بعضِ الأسئلةِ الأكثرَ عمقاً، إذ تمَّ اشتقاقُ اسمَ هذه النظريةِ للتأكيدِ على أنَّ اكتسابَ اللغةِ يتمُّ عن طريقِ تفعيلِ مقدرةٍ جينيةٍ موجودةٍ لدى الأطفالِ منذ الولادةِ وتتيحُ لهم الفهمَ المنظمَ للغةِ حولَهم وتساهمُ فيما بعد في بناءِ منظومةٍ لغويةٍ متكاملة.
يعد تشومسكي(1959) أحدَ أهمِّ الشخصياتِ المؤيدةِ لهذهِ النظرية، وأكّد بدورِه أنَّ جميعَ اللغاتِ فطريّةٌ بالضرورة، وتتشارك جميعُها المبادئَ العامةَ نفسَها، إذ يَعتَقِد أنَّ البشرَ موهوبون لغوياً بشكلٍ فطريٍّ وبأنَّ الأطفالَ يكتسبون اللغةَ بنفسِ الطريقةِ التي يكتسبون بها الوظائفَ البيولوجية الأخرى، وبذلك فقد قوّض تشومسكي مبادئَ النظريةِ السلوكية. تبعاً لتشومسكي فإنَّ الأطفالَ يملكونَ "أداةَ اكتسابِ اللغة" أو LAD التي تمكنهم من اكتسابِ ما يسميه "القواعدُ الكليّة" التي تحتوي على المبادئ الأساسيةِ المشتركةِ بين جميعِ لغاتِ العالم. مع ذلك أكد تشومسكي على وجودِ "فترةٍ حرجةٍ" لاكتسابِ اللغةِ تمتدُّ بين الولادةِ وحتى سن البلوغ، وخلالَ هذه الفترةِ كلُّ ما يلزمُ للأطفالِ لاكتسابِ اللغةِ هو تعرّضُهم لها بشكلٍ يومي. قوبلت هذه النظريّةُ أيضاً ببعضِ الانتقاداتِ لتأكيدِها الكبيرِ على الفطريةِ وإغفالِها لبعضِ المبادئ الأخرى التي تساهم في تشكّل اللغةِ الأولى عندَ الأطفال.
3. النظرية الاختزانيّة:
تم طرحُ هذه النظريّةِ عن طريقِ تشيس و سايمون (1973) حيث اعتقدوا بأنَّ تعلّمَ اللغةِ يحدثُ كنتيجةٍ لعمليّةٍ تراكميةٍ لما أسموه "الخزونات" أو "التشانكس" (أجزاءٌ متصلةٌ من المعلومات) التي من شأنِها تعزيزَ دورِ الذاكرةِ قصيرةِ المدى لتخزينِ الموادِ التي تحتوي على كمِّ معلوماتٍ منخفض. بذلك فإنَّ عمليةَ تشكّلِ اللغةِ تحدثُ عندما يسمعُ الأطفالُ "قطعاً" لغويةً ويقومون بتخزينِها من أجلِ استرجاعِها بسهولةٍ في أي وقتٍ مما يسهّلُ عمليّةَ المعالجةِ ويساهمُ في تحسينِ طلاقتِهم الشفهية. تتجلى أسبابُ معارضةِ هذه النظريةِ في عدمِ القدرةِ على الوصولِ إلى تعريفٍ موحدٍ ونهائيٍّ لماهيّةِ "الخزونات" أو "التشانكس".
4. النظريّةُ الانبثاقيةُ:
ترى النظريةُ الانبثاقيةُ بأنَّ اللغةَ كبنيّةٍ تنشأ نتيجةً لتفاعلٍ بينَ قيودٍ مختلفةٍ، تشبِهُ عمليةَ المساهمةِ في تشكيلِ الساحلِ (في الجغرافيا) كنتيجةٍ للضغطِ الممارَس عليه من قبل التياراتِ المائية، طبيعتِه الجيولوجيةِ أو من قبلِ أنماطِ المناخِ والبناءِ السكانيِّ البشري. تبعاً لهذه النظريةِ فإنَّ قدرةَ اللغةِ على توليدِ قواعدَ وتعابيرَ جديدةٍ تأتي كنتيجةٍ للتفاعلِ بين آلياتٍ عامةٍ وغيرِ مشروطة. فمن الممكن أنك قد رأيتَ طابورين في أحدِ المتاجرِ وبكل مرةٍ فإنّ عددَ الأشخاصِ في كلِّ طابورٍ مساوٍ تقريباً للآخرَ ومن النادرِ أن تلاحظَ عشرةَ أشخاصٍ في طابورٍ وشخصين في آخر، لا يوجد أي ضابطٍ أو قواعدَ للسيطرةِ على هذا النمطِ وإنما هو نتيجةٌ لغاياتِ وسلوكِ الزبائن ومشرفي المتاجر. لا تختلفُ عملية تشكل اللغة كثيراً، حيث تنبثقُ القواعدُ والأنماطُ اللغوية نتيجةً لغاياتِ المتعلمين والضغوطِ الممارسةِ عليهم من قبلِ البيئةِ المحيطة. تلقت هذه النظريّةُ بعضَ الانتقادِ لعدمِ قدرتِها على طرحِ تعاريفَ واضحةٍ لمبادئِها الأساسيةِ وعدمِ قدرتِها على التعاملِ مع مشكلاتِ التحليلِ اللغوي.
5. نظريّةُ التعلمِ الإحصائي:
وفقاً لهذه النظريّة فإنَّ الأطفالَ يستخلصون الخصائصَ الإحصائيةَ للغةِ عن طريقِ تحليلِ المدخلاتِ اللغويةِ وإيجادِ الانتظاماتِ اللغوية في هذه المدخلات. فمنذ سن الستةِ أشهر يقومُ الأطفالُ بتوظيفِ تقنيّاتٍ حسابيةٍ لتعلّمِ أنماطِ الأصواتِ والبنى النحويةِ البسيطةِ والاحتمالاتِ التسلسليةِ لأجزاءِ الكلام. تتشاركُ هذه النظريةُ مع النظريةِ الفطريةِ في تأكيدِها على العاملِ الفطريِّ في تشكّلِ اللغةِ ولكنها تؤمنُ من جانبها بوجودِ آليّاتِ تعلمٍ إحصائيةٍ فطريّةٍ بدلاً مما أكدته النظريةُ الفطريةُ بوجودِ معرفةٍ فطريةٍ مسبقةٍ عندَ الأطفالِ للغة.
6. نظريّةُ الإطارِ العلائقي:
نالت هذه النظريةُ قبولاً كبيراً ضمنَ أوساطِ علماءِ النفسِ منذ أن انتشرت وذلك منذ عقدٍ من الزمن. تركّزُ هذه النظريةُ على كيفيةِ تعلمِ البشرِ للغةِ عن طريقِ تفاعلِهم مع البيئةِ المحيطةِ بهم، وبهذا تتقاطعُ هذه النظريةُ مع النظريةِ السلوكيةِ في هذا الشأن، ولكنها تختلفُ عنها بتأكيدِها أيضاً على دورِ العقلِ في عمليةِ التعلم، لذا يمكن أن تصنفَ هذه النظريةُ كوجهةِ نظرٍ وسطى بين المدرسةِ السلوكيةِ والمدرسةِ الفطرية.
7. نظرية فيغوتسكي:
يعتقد فيغوتسكي (1981) أنَّ البيئةَ المحيطةَ بالطفلِ هي عبارةٌ عن عالمٍ اجتماعيٍّ منظّمٍ من الثقافةِ، تم إنشاؤه من قِبَلِ الطِّفلِ نَفْسِه حيثُ قام بتطويرِ قواهُ ومقدراتَهُ الكامنة. لا يعتبر فيغوتسكي البيئةَ المحيطةَ بالطِّفلِ كمفهومٍ مطلقٍ وثابتٍ منذ ولادةِ الطِّفلِ بل ينظرُ إليها كعاملٍ أو مجموعةٍ من العواملِ تختلفُ بحسبِ المرحلةِ التطوريةِ للطفلِ وتحتوي على مجموعةٍ من القوانينِ التي يمكن تخزينَها تبعاً للنظام التحولي والتطويري الخاص بالطفلِ نفسه. ويعد مفهوم "العقل المتوسط" واحداً من أبرزِ أسسِ هذه النظريةِ حيث يؤكّد فيغوتسكي أننا نستخدم أدواتٍ رمزيةٍ وإشاراتٍ لتسويةِ وتنظيمِ علاقتِنا مع الآخرين ومع أنفسِنا وبهذا نغيّرُ من طبيعةِ هذه العلاقاتِ فالفنُّ والموسيقى والأعداد والأنظمة الحسابية وبالتأكيد اللغة، تعد أجزاءً أساسيةً من تلكَ الإشاراتِ والأدواتِ الرمزيةِ المستخدمةِ. بينما ينمو الأطفال، تنمو مقدرتُهم على السيطرةِ على الأدواتِ الرمزيةِ بما فيها اللغة ليتمَّ استخدامَها للتعاملِ الاجتماعي وتحقيقِ الأهدافِ الذاتية.
8. نظرية بياجيه:
تُعدُّ دراسةُ بياجيه لتطورِ اللغةِ عندَ الأطفالِ من أكثرِ الدراساتِ تأثيراً في العالمِ اليومَ. طرحَ بياجيه نظريةً ذاتَ طابعٍ إدراكيٍّ ليشرحَ ظاهرةَ اكتسابِ اللغةِ إذ يعتقدُ أنّ تعلمَ اللغةِ يبدأ عندما يبدأ الطفلُ بالتكيّف، الذي يبدأ بدورِه عندما يبدأ الطفلُ بالاندماجِ بالمجتمعِ المحيطِ به. يختلف بياجيت عن تشومسكي حيث يؤكدُ أنّ الطفلَ لا يملكُ آليةً لغويةً في عقلِه أو أيِّ معرفةٍ مسبقةٍ، وخاصةٍ عن اللغة. عوضاً عن ذلك يقوم الطفلُ ببناءِ معرفتِه عن اللغةِ منذ البدايةِ باستخدامِ دماغٍ مجهّزٍ بشكلٍ فريدٍ للتأقلمِ، وقادرٍ على انتزاعِ الأنماط، وبناءِ تمثيلاتٍ أكثرَ تعقيداً ومرونةً للعالم. يختلف بياجيت مع فيغوتسكي حيث ينطلقُ بياجيه من النطاقِ الشخصيِّ إلى الاجتماعيِّ بينما ينطلقُ فيغوتسكي من الاجتماعيّ إلى الشخصي.
9. النظرية التفاعلية:
يعدُّ كاميلوف (2002)، أحدُ أبرزِ الداعمين لهذه النظرية، ويرى أنَّ رحلةَ الأطفالِ في تعلّمِ اللغةِ تبدأُ في عالمِ الرحمِ السائلِ، وتستمرُّ بعد ذلك خلالَ الطفولةِ والمراهقةِ، حتى أنها تستمرُّ في التطورِ فيما بعد خلالَ حياةِ الشخص. تبعاً لهذه النظرية، ما أن يصلَ عمرُ الجنينِ إلى ستةِ أشهر حتى يتم تطويرُ نظامِه السمعيِّ بشكلٍ كافٍ يتيحُ له أن يبدأ بمعالجةِ الأصواتِ المتسللةِ عبرَ السائلِ النخطي (السائل المحيط بالجنين) كصوتِ نبضاتِ قلبِ الأم، حواراتِها مع الغير، بالإضافةِ للعديدِ من الأصواتِ المختلفةِ التي من الممكنِ أن تحدثَ ضمنَ وسطِ وجودِ الأم. يستفيد الجنين خلال هذه الفترةِ بإجراءِ عملياتِ معالجةِ الأصواتِ حولَه ويتآلف مع صوتِ الأمِّ واستخدامِها للغة. إذاً يتعلم الأطفال لغتهم، وفقاً لهذه النظرية، نتيجةً للتفاعلاتِ المعقدةِ بينهم وبين من حولِهم من البالغين.
لا بُدَّ لنا مِن أن نؤكدَ عدمَ وجودِ نظريّةٍ وافيةٍ من النظرياتِ سابقةِ الذكر، حيث تناولت كلُّ واحدةٍ تطورَ اللغةِ عندَ الأطفالِ من منظورٍ مختلفٍ اعتماداً على المذهب التي تنتمي له تلك النظرية. ومع ذلك، فإنَّ كلً من هذه النظريات تساعدنا على أن نقتربَ أكثرَ فأكثرَ إلى فهمِ ماهيةِ اللغةِ البشريةِ وكيفيةِ حصولِنا على هذه الملكةِ التي تميزنا عن سائرِ المخلوقاتِ في هذا العالم، ولكن لا تعكسُ الصورةَ كاملة.
المصادر:
Clark. H. H. & Clark E. V. (1977). Psychology and Language. USA: Harcourt Brace Jovanovich، Inc.