الطب > مقالات طبية
العنوان: متى ينشف دمك... رعباً؟
هل سبقَ أن شاهدتُم فلمَ Paranormal Activity ؟ هل أسَرَتكم بعضُ المشاهدِ للحظةٍ ارتفعَ فيها الأدرينالين إلى أشدِّهِ قبلَ أن تشعروا أنَّ الدّمَ قد تجمَّدَ في عروقِكُم؟ هل يتجمَّدُ الدّمُ حقّاً في عروقنا؟ من أينَ جاءَ هذا المصطلحُ؟ وهل للدّمِ في جسدِنا أن ينشفَ عندما نخافُ خوفاً شديداً؟ ماذا قال العلم؟ لنتابع معاً...
قد لا يكونُ ادعاؤكَ بأنَّ فلمَ البارحةِ قد "جمّدَ الدّمَ في عروقكَ" منَ المُبالَغة بشيء! فدراسةٌ جديدةٌ وجدتْ أنَّ مشاهدةَ أفلامِ الرّعبِ تزيدُ من مستوياتِ البروتيناتِ المساعدةِ على تخثّرِ الدّمِ، وعلى وجهِ الخصوصِ، عاملِ التخثرِ الثّامن.
وقد يكونُ من صاغَ التّعبيرَ المجازيَّ "فلم بينشف الدم" bloodcurdling movieمُحِقّاً بشكلٍ من الأشكالِ. وقد تمَّ استخدامُ هذا المصطلحِ للمرّةِ الأولى في القرونِ الوسطى بناءً على الاعتقادِ بأن الخوفَ الشديدَ قد "يُخثِّر" الدّمَ في العروقِ، ولكن لم يتمّ التّأكدُّ من صِحّةِ ذلك الادّعاءِ حتّى وقتِ هذه الدّراسة.
قررّ بعضُ الباحثين من هولندا التأكدَّ من حقيقةِ ذلك التّعبيرِ – الأمر الّذي لهُ فائدةٌ تطوّريّةٌ كما يصرّحون – حيثُ أنَّ الخوفَ الشّديدَ يُؤهِّبُ دمَ الفردِ للتّخثّرِ إذا ما تعرَّضَ لجرحٍ ما في المواقفِ المهدّدةِ للحياةِ؛ ولأجلِ ذلك جمَعَ الفريقُ مجموعةً من 24 شخصاً سليماً "دون مشاكلَ صحيةٍ" لمشاهدةِ عدة أفلامٍ وإجراءِ فحوصاتٍ دمويةٍ قبلَ وبعدَ التّجربةِ.
شاهد 14 مشتركاً فلمَ رعبٍ متبوعاً بفلمِ تعليميّ (غيرِ مرعب)، بينما تابعَ العشرةُ المتبقّونَ الأفلامَ ذاتَها لكنْ بترتيبٍ مختلفٍ، وترافقَ ذلك َمع سحبِ عيناتٍ من دمِ المتطوّعينَ قبلَ وبعدَ مُشاهَدةِ كلٍّ من الفلمين، في حينِ قام الباحثون بتحليلِ عيناتِ الدّمِ بحثاً عن علاماتِ خوفٍ تحفِّزُ تخثُّرَ الدَّمِ.
طُلِبَ من المشتركين تقييمُ خوفِهم في كِلا الفلمَين على مقياسٍ تمثيليٍّ للخوفِ مُدرَّجٍ من 0 (غير مُرعِب إطلاقاً) إلى 10 (الأشدّ رعباً على الإطلاق). وكما هو مُتوقَّع، كان تقييمُ أفلامِ الرّعبِ بدرجاتٍ أعلى على سلّم الرّعب بفارقٍ وسطيٍّ 5.4 مقارنةً مع الأفلامِ التّعليميّةِ، كما أنّ الاختلافَ في مستوياتِ عاملِ التخثّرِ الثّامن قبل وبعد الأفلامِ كانت أعلى في أفلام الرّعبِ منها في الأفلام الأخرى.
ارتفعت نسبةُ العواملِ المُخثّرةِ في الدّمِ بنسبةِ 57% بعد مُشاهَدةِ فلم الرّعبِ، بينما كانت 14% بعد مشاهدةِ الفلمِ الآخر، في حينِ انخفضتْ نسبتُها - أي العواملُ المُخثرةُ - بمقدار 86% لدى المتسابقين أثناءَ مشاهدةِ الفلمِ التّعليميِّ مقارنةً بـ 43% خلال مشاهدة فلم الرّعب. والأمرُ المثير أنّ فريقَ البحثِ لم يجدْ أيَّ تأثيرٍ للرّعبِ على بقيّةِ عواملِ التّخثّرِ، ممّا يقترحُ بأنَّ التخثّرَ يمكنُ أن يُحفّزَ بالخوفِ الشّديدِ دونَ حدوثِ التّخثّر حقيقةً داخل الأوعيةِ الدّمويّةِ (بمعنى أن الدمَ يصبح أكثرَ قابليةً للتخثرِ في حالِ التعرض لأي جرح أثناء مواقف الخوف الشديد).
أشارَ الباحثون إلى بعضِ مُحدِّداتِ الدّراسةِ، ولكنّهم توصّلوا في النهايةِ إلى أنّه لدى الحديثِ عن الأفرادِ الأصحّاءِ، فإنّ مشاهدةَ فلمٍ من أفلامِ الرّعبِ يترافقُ بزيادةٍ في مستوياتِ عاملِ التّخثّرِ الثّامنِ دونَ حدوثِ تخثُّرٍ فعليٍّ للدّمِ في الأوعية الدّمويّةِ.
المصادر: