الكيمياء والصيدلة > صيدلة
أوّل لقاحٍ لمرض حمّى الضنك (أبو الركب) يدخل حيّز الاستعمال في ثلاثة بلدان
يعدّ مرض حمّى الضنك (أبو الركب) واحداً من أكثر الأمراض انتشاراً في المناطق المدارية وشبه المدارية. هذا المرض الفيروسي ينتقل عن طريق إناث بعوضة الزاعجة المصرية (Aedes aegypti) حيث تقوم أنثى بعوضة الزاعجة بالتطفّل وامتصاص دم ضحاياها من البشر، فغالباً ما تتسبّب بإصابتهم بمرض حمّى الضنك.
ينشأ هذا المرض عن الإصابة بواحدٍ من أربعة فيروسات مشابهة مثل: فيروسات الضنك 1-4. وتتراوح حالات الإصابة بالمرض من الأعراض البسيطة التي تشبه الإنفلونزا مع آلامٍ في المفاصل والتي يمكن الشفاء منها، وصولاً إلى حالاتٍ من الحمّى الشديدة المهددة للحياة. ولذلك فإنّ هذا المرض قد يكون قاتلاً، وخصوصاً لدى الأطفال.
كما أشرنا سابقاً، حمّى الضنك من أكثر الأمراض انتشاراً في المناطق المدارية وشبه المدارية، وتقدّر منظمة الصحة العالمية أنّ عدد المصابين به يقارب 400 مليون شخصٍ حول العالم سنوياً. وإنّ الحاجة إلى طريقةٍ فعّالة في الوقاية من هذا المرض تبدو جليّةً نظراً للأرقام الكبيرة التي تُخبرنا بازدياد سرعة انتشار المرض اليوم وظهوره مجدداً في أماكن كان قد اختفى منها مُسبقاً، كاليابان.
حتّى فترة قريبة، لم تكن هناك أيّ وسيلةٍ فعّالةٍ في الوقاية من الإصابة بهذا المرض، باستثناء تجنّب لسعات البعوض، ولكن على ما يبدو أنّ هناك اهتمام واضح لإيجاد لقاحٍ فعّالٍ له.
فقد توصّل الباحثون مؤخراً إلى أوّل لقاحٍ فعّال يمكن استخدامه في الوقاية من الإصابة بهذا المرض، وخلال الشهر الأخير من العام الفائت، تمّ منح الموافقة على استخدام لقاح Dengvaxia في ثلاث دولٍ. كانت المكسيك الدولة الأولى التي تمنح الموافقة للبدء باستخدام هذا اللقاح في التاسع من كانون الأول 2015، ومن ثمّ تبعتها الفليبين، وفي الثامن والعشرين من الشهر ذاته أعلنت الشركة أنّ البرازيل قد أعطت الضوء الأخضر للبدء في استخدامه أيضاً.
تمّ تطوير لقاح Dengvaxia من قِبل شركة سانوفي Sanofi الفرنسية للصناعات الدوائية، ويتكوّن اللقاح من فيروساتٍ حيّة مُضعفة؛ هي فيروسات الحمّى الصفراء (إذ ينتمي كِلا فيروسي حمّى الضنك والحمّى الصفراء إلى الجنس ذاته)، لكن تمّ تعديل الفيروسات وراثياً لكي تحتوي مورّثاتٍ قادرة على ترميز بروتينات حمّى الضنك.
تمّ تصميم اللقاح الجديد لحثّ جهاز المناعة البشري على صُنع أجسامٍ مضادّة تجاه الأنماط الأربعة من الفيروسات. ويعدّ هذا اللقاح تتويجاً لأكثر من عقدين من الابتكار والتعاون العلمي، فضلاً عن 25 دراسة سريريةٍ تمّت في 15 بلداً حول العالم. وقد شارك أكثر من 40 ألف متطوّعٍ في برامج التجارب السريرية التابعة لشركة سانوفي، تبعتها دراساتٌ طويلة الأمد للتأكّد من فعاليّة اللقاح لا تزال مستمرّة حتى الآن.
على الرغم من الأهمية الكبيرة لهذا الإنجاز، إلّا إنّه لا يمكن القول بأنّ اللقاح الجديد يعدّ مثالياً. فقد أظهرت التجارب السريرية قدرة اللقاح على تخفيض فرصة تطوّر المرض بنسبةٍ تقدّر بـ60%، كما أنّه أبدى تفاوتاً في الفعالية بين الأنماط الفرعية المختلفة من الفيروس. بالإضافة إلى ذلك، تم التصريح باستخدام اللقاح للأفراد من عمر 9 إلى 45 سنة والذين يقطنون في أماكن تفشّي المرض، وليس للأطفال الصغار أو كبار السن. وفي الحقيقة، يبدو أنّ اللقاح يمتلك فعاليّةً منخفضةً عند الأطفال، وبالأخصّ لدى الأطفال تحت سنّ السادسة، هذه المجموعة العمرية التي تملك جهازاً مناعياً أكثر قابليةً للإصابة والتي تحتاج للقاح أكثر من غيرها.
و إلى الآن لم و لن تتوقف التجارب السريرية والاختبارات للتأكد من فعالية اللقاح وتأثيراته الجانبية من قِبل شركة سانوفي التي أعلنت عن قدرتها على إنتاج 100 مليون جرعة سنوية من اللقاح، كما تتطلّع الشركة إلى الحصول على الموافقة باستخدام اللقاح في مزيدٍ من البلدان. ومن المتوقع أن يقوم خبراء منظمة الصحة العالمية في شهر نيسان من العام الجاري باختبار اللقاح وتقديم توصياتٍ جديدة حول استخدامه.
حقائق عن حمّى الضنك من منظمة الصحة العالمية:
للاطّلاع على مزيدٍ من المعلومات فيما يخصّ لقاح Dengvaxia :
المصادر: