الكيمياء والصيدلة > كيمياء
الشمس و الحفّازات الضوئية تقنية جديدة لتنقية المياه
تتم عملية تنقية المياه وفقاً لتقنية جديدة بإضافة كمياتٍ مدروسة من مسحوق - سنتعرف عليه بعد قليل - إلى المياه الملوثة بالفينول والسيللوز، ثم يتم تعريض المياه لأشعة الشمس، وبعد خمس عشرة دقيقة سوف تختفي كل المركبات المؤذية والسامة. يمكن بعد ذلك أن يتم فصل المسحوق بعملية الترشيح ثم إعادة استخدامه مرة أخرى.
ازداد في الفترة الأخيرة تلوث المياه في العديد من المناطق حول العالم بالنفايات وخصوصاً تلك الناتجة عن صناعة الخشب والورق، بما في ذلك السيللوز ومشتقات الفينول. وسيصبح من السهل إزالة هذه العوامل الملوثة من المياه بفضل التقنية السهلة وذات الكلفة المنخفضة التي طورها فريق الدكتور خوان كارلوس كولميناريس Juan Carlos Colmenares من معهد الكيمياء الفيزيائية في أكاديمية العلوم في وارسو بولندا (IPS PAS).
الحفّازات (المحفزات) هي مواد كيميائية تتداخل كوسائط في التفاعلات الكيميائية وتسرّعها، ويمكن استرجاع هذه المركبات تماماً بعد انتهاء التفاعل. في عمليات التحفيز النموذجية يتم تنشيط هذا الحفاز (الوسيط) في درجاتِ حرارةٍ مرتفعةٍ تبلغ عدة مئات، وتحت ضغطٍ مرتفع. لكنّ الحفّازات الضوئية التي تم تصميمها وتصنيعها في IPS PAS لا تتطلب مثل هذه الدرجات من الحرارة والضغط، بل يمكن تنشيطها بالأشعة فوق البنفسجية أو أشعة الشمس. يتم التفاعل بدرجة حرارة حوالي 30 درجة مئوية وتحت الضغط الجوي النظامي، وهذه الشروط من الضغط والحرارة تحدث بشكلٍ طبيعي في مناطق كثيرة على الأرض.
يعتبر أوكسيد التيتانيوم المشوب بمقادير صغيرة من ذرت الحديد أو الكروم المكون الأساسي في هذه الحفّازات الضوئية الجديدة، وجميع هذه المواد متوافرة وزهيدة الثمن. يتم تحميل الحفّازات الضوئية على دعائم من حبيبات من السيليكا أو الزيوليت (سيليكات الألمنيوم) باستخدام معدات مخبرية شائعة، كجهاز التبخير وجهاز الأمواج فوق الصوتية.
إن تعريض المحاليل الحاوية على طلائع التيتانيا والحديد والكروم يولد فقاعاتٍ مكرويةً (صغيرة) ذات ضغطٍ وحرارةٍ عاليين. تُعتبر هذه الشروط سهلة التوفير وبالتالي يمكننا اصطناع مركبات نانوية مستقرة و ثابتة لهذا الغرض.
لنتعرف الآن على طريقة عمل هذه الحفّازات الضوئية الجديدة وكيف تقوم بتنقية المياه.
تستغرق عملية تنقية المياه في شروط المخبر حوالي خمسَ عشرةَ إلى عشرين دقيقة، وتتم عن طريق إضافة مسحوق يحتوي على الحفّازات الضوئية إلى المياه، ثم تعريضها لفترةٍ قصيرةٍ لأشعة الشمس، الأمر الكفيل بإزالة ملوثات المياه من السيللوز ومركبات الفينول.
لقد تبيّن أن السيليكا التي تحمل الحفّازات الضوئية تلعب دوراً فعالاً في إزالة الفينول من المياه الملوثة، عن طريق تفاعل أكسدة للفينول ينتج عنه الماء وثاني أوكسيد الكربون. إن أنظمة التحفيز التي تحتوي الزيوليت كمادةٍ داعمةٍ تحفز تخرّب الغلوكوز بشكل جزئي (الغلوكوز هو سكر أحادي يشكل البنية الأولية التي تشكل سلاسل السيللوز)، وينتج عن ذلك مركبات مثل حمض الغلوكونيك Gluconic acid وحمض الغلوكاريك Glucaric acid، وهي مركبات كربوكسيلية هامة تستخدم في الصناعات الغذائية والدوائية والتجميلية.
يمكننا استعادة الحفّازات الضوئية بشكل كامل بعد انتهاء التفاعل، وتعتبر عملية ترشيح المياه كافية لاستعادة الحفّاز بشكل كامل، وذلك بسبب خاصية المتانة وضخامة الجزيئات (ميكرومترية Micrometric) التي تتمتع بها كل من السيليكا والزيوليت، كما يمكن إعادة استخدام المسحوق ولن يؤثر ذلك على جودة أداء الحفّاز.
تُستخدم هذه الحفّازات في مجالات أخرى من الصناعة، كصناعة لوازم المسابح، حيث أن تعريض مياه المسابح لأشعة الشمس بوجود هذه الحفّازات سيقود إلى عملية تنظيفٍ ذاتيٍّ مستمرٍ لمياه المسبح.
وفي الختام، فإن أهم الميزات التي تتمتع بها هذه الحفّازات هي سهولة التصنيع وكلفته المنخفضة إضافةً إلى إمكانية استخدامها تحت الشروط الطبيعية، كما أنها تثبّط تفاعلاتِ ملوثات المياه المؤكسدة عند مرحلةٍ معينة بحيث يمكن استخدامها في الصناعة، بحسب البروفيسور كولميناريس.
المصدر: