الاقتصاد والعلوم الإدارية > اقتصاد
المهارات الشخصية والموارد البشرية
في استبيان تم إجراؤه عام ٢٠١٥ لقياس مدى أهمية المهارات الشخصية لدى الموظفين، تبين أن ٧٧٪ من الموظفين يعتقدون أن المهارات الشخصية لا تقل أهمية عن المهارات الأخرى. حيث أثبتت المهارات الشخصية أهميتها في زيادة نسبة النجاحات الفردية لدى الموظفين، حتى أنه كثيرا ما يقال أن المهارات التخصصية قادرة على جلب مقابلات التوظيف، إلا أن المهارات الشخصية هي التي تحدد فيما إذا كان الشخص مؤهلا للمنصب الوظيفي أم لا. حتى أن كتابة السيرة الذاتية يحتاج إلى مهارات شخصية وذلك لضمان مكان في المقابلات النهائية للتوظيف. تجدر الإشارة إلى أنه لا يمكن تحديد أو قياس المهارات الشخصية بشكل دقيق، فهي مهارات ذاتية، على عكس المهارات الأخرى التي يمكن قياسها وتحديدها بدقة. من الأمثلة على المهارات الشخصية "إدارة الوقت، القدرة على العمل الجماعي وغير ذلك" بينما يمكن التمثيل للمهارات الأخرى بأمثلة عديدة كسرعة الطباعة على الحاسوب، أو الشهادات الجامعية مثلا.
أهمية المهارات الشخصية بالنسبة للعاملين في مجال الموارد البشرية:
ليس مفاجئا أن يعتقد ٩٢٪ من مدراء الموارد البشرية في الصين، الهند والولايات المتحدة بأهمية المهارات الشخصية بالنسبة للعاملين في مجال الموارد البشرية، حيث أن للمهارات الشخصية أهمية كبيرة لدى العاملين في هذا المجال، إذ أن نجاح عملهم يتطلب القدرة على التواصل عاطفيا وعقليا مع الأطراف المختلفة في كافة القطاعات، وذلك من أجل تحفيز الأداء وللحصول على أفضل النتائج.
بالطبع لا يمكن إنكار أهمية المهارات التخصصية للمتخصصين في مجال الموارد البشرية، لكن المهارات الشخصية تلعب دورا أساسيا في إنجاح مهامهم، حيث أنهم يحتاجونها لتحفيز الأداء لدى الموظفين الآخرين. لكن ماهي أهم المهارات الشخصية التي يحتاجها موظفو الموارد البشرية؟
قام المسؤولون عن وحدة التعلم والتطوير في إدارة الموارد البشرية بإدراج قائمة من الصفات الهامة الواجب توافرها لدى موظفي الموارد البشرية بما في ذلك: الذكاء العاطفي، القدرة على التأثير، ومهارات الإقناع، الكفاءة في التعامل والتواصل مع الآخرين، التفكير النقدي، ومهارات الفريق، إضافة إلى القدرة على التعامل مع المشاكل وحلها.
فمن أجل تواصل أفضل مع الآخرين على سبيل المثال، فإنه يتطلب من موظف الموارد البشرية أن يتمتع بمهارات سمعية متميزة إضافة إلى القدرة على طرح أسئلة قوية تتناسب مع ما قاله الطرف الآخر سواء من خلال الكلام، أو حتى من خلال لغة الجسد.
تقول تريزا أونج " Theresa Ong " مديرة قسم التدريب في الشركة الدولية للتدريب التنفيذي: ”إن القدرة على فهم الآخرين واستيعابهم هي من أهم الصفات الواجب توافرها لدى خبراء الموارد البشرية، ففهم آلية عمل الفريق، وطريقة التعامل بين أفراده يساعد المؤسسة كثيرا في الحصول على أفضل النتائج. فقد يكون أحد الموظفين متميزاً، لكن عمله ضمن فريق من الموظفين يجعله أقل نشاطاً، لذا فإن إفساح المجال أمام هذا الموظف ليعمل منفرداً يجعل منه أكثر فعالية“. تضيف أونج ”إن موظفي قسم الموارد البشرية هم كمدربي كرة القدم، حيث أن عليهم أن يستخدموا أفضل الطرق والأساليب لرفع مستوى أداء اللاعبين حتى يعطوا أفضل ما لديهم. هذا يعني أن على جميع الموظفين والعاملين في الشركة أن يؤمنوا بأهداف الشركة واستراتيجياتها وأن يعملوا على تحقيقها. بالطبع إيجاد هذا النوع من التفاعل بين الموظفين ليس بالأمر السهل، لكنه جزء من مهام قسم الموارد البشرية“.
يعتبر التدريب أمرا هاما بالنسبة للعاملين في قسم الموارد البشرية، حيث أنه يتيح لهم فهم الكثير من أساسيات التعامل مع الآخرين، لكن التدريب وحده لايكفي، حيث أنه لا يوجد صيغة ثابتة عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع الآخرين. لهذا فإن فهم الحالة واستخدام الأسلوب المناسب للتعامل معها مع إضافة جرعة من التعاطف تعتبر أفضل طريقة للتعامل مع أغلب المواقف، لكن الأمر غير ثابت، حيث أن الناس في حالة تغير مستمرة.
سد النقص في المهارات الشخصية:
أفاد مسح إحصائي قام به مجلس الموارد البشرية في ولاية واشنطن الأمريكية عام ٢٠١٤، فيما يخص وجهات نظر أرباب العمل فيما يتعلق بالمهارات الشخصية، أن حوالي (١٩٪) من المسؤولين عن وحدة الموارد البشرية يجدون صعوبة بالغة في إيجاد الأشخاص الذين يتمتعون بالمهارات الشخصية اللازمة، بينما (٥٢٪) منهم يعتقدون أن إيجاد هؤلاء الأشخاص يعتبر أمراً صعباً إلى حد ما. تقترح ليندا ليم مديرة المبيعات في شركة بيرسون السنغافورية الماليزيا أن يتم الاعتماد على البرامج التدريبية المتوافرة في السوق، وذلك لحل معضلة نقص الموظفين ذوي المهارات الشخصية. تقول ليندا: ”هناك طريقتين لاكتساب المهارات الشخصية اللازمة، الأولى من خلال الحصول على مؤهل علمي في إحدى برامج إدارة الأعمال أو العلوم التكنولوجية، حيث أن البرنامج الدراسي يتضمن جزءا عمليا يستلزم من الطالب إبراز قدراته الشخصية كالعمل مع الفريق، وروح القيادة وقدرات العرض. أما الطريقة الثانية فهي من خلال المشاركة في الدورات التدريبية المتخصصة في صقل المهارات الشخصية، والتي تركز على نقاط الضعف لدى الموظف سعيا نحو تحسين أدائه“.
لكن هل المهارات الشخصية أمر قابل للاكتساب؟
ترتبط المهارات الشخصية مع سمات الفرد وشخصيته، وقد يتشكك البعض في إمكانية اكتسابها وتعلمها من خلال البرامج التدريبية المتخصصة. لا يمكن إنكار دور العوامل الوراثية في تشكيل الشخصية وتحديد ملامحها، لكن الوصول إلى مستوى قدرات شخصية أفضل من خلال التدريب والتعلم أمر لا يمكن إنكاره. إذ أن هناك العديد من النماذج التي أثبتت إمكانية اكتساب المهارات الشخصية من خلال التعلم، أحد هذه النماذج هو ما ذكرته أونج عن أحد عملائها الذي كان يعمل في الخدمات المدنية، والذي كان يعاني من عدم قدرته على التحدث بثقة أمام عامة الناس نظرا لحالة الخوف التي ترتابه، تقول أونج ”من خلال التدريب بدأ العميل يدرك قدراته على التعبير عن نفسه والتواصل بشكل أفضل مع زملائه في العمل، إضافة إلى قدرته على الحديث أمام العامة بثقة أكبر“. يضيف هو واصفا المهارات الشخصية على أنها علم وفن على حد سواء ”بينما تلعب العائلة والبيئة الاجتماعية دورا كبيرا في صقل شخصية الفرد وطريقة تعامله مع الغير، إلا أن طبيعته النفسية والجسدية متغيرة بشكل متواصل نظرا لقدرته على التكيف مع المحفزات الخارجية، مع هذا فإنه لا يمكن إنكار أن التغيير يحتاج إلى بعض الوقت، إذ أنه يتم على مراحل مختلفة، كما أنه يحتاج آليات معينة لتحقيقه“.
ماهي المرحلة التي يحتاج فيها موظف الموارد البشرية بشدة للمهارات الشخصية؟
من المهم جدا اكتساب المهارات الشخصية منذ بداية دخول الفرد إلى قطاع الإنتاج والعمل، حيث أنها تساعده بشكل كبير في الحصول على المنصب الذي يطمح له، لذا فإنه يتوجب على الموظفين الاهتمام بتدريب وصقل مهاراتهم الشخصية. تم اجراء استبيان من قبل غرفة تجارة بريطانيا تحت عنوان تطوير مواهب الجيل القادم، وقد أظهرت نتائج الاستبيان أن ٥٧٪ من أرباب العمل يعتقدون أن نقص المهارات الشخصية لدى الأجيال الشابة هي أحد أهم الأسباب التي تجعلهم غير مستعدين بشكل كاف عند دخول قطاع العمل. رغم أهمية اكتساب المهارات الشخصية لجميع الموظفين إلا أن العاملين في قطاع الموارد البشرية بحاجة أكبر لهذه المهارات نظرا لطبيعة عملهم الذي يتطلب التعامل مع مختلف شرائح المجتمع.
ختاما، إن للمهارات الشخصية أثر متعدٍ، فهي لا تساعد على نجاح الأفراد وحسب، وإنما يمتد أثرها ليشمل نجاح منظومة العمل بأكملها على المدى البعيد. إن تطوير المهارات الشخصية لدى موظفي الموارد البشرية تساعدهم بشكل أكبر على اختيار الكفاءات المناسبة لشغل المناصب الشاغرة، كما أنها تساعدهم على تحفيز الموظفين الآخرين على التحول من مجرد أفراد عاملين في إلى عناصرة فاعلة ومؤثرة.
و في النهاية نذكر قائمة بأكثر 10 مهارات شخصية تبحث عنها الشركات في الموظفين :
• حس عالي باخلاقيات العمل ( 73 % )
• الإعتمادية ( 73 % )
• التحفيز الذاتي ( 66 % )
• التوجه بفريق العمل ( 60 % )
• مهارات المنظمة ، و القدرة على ادارة الأولويات في العمل ( 57 % )
• القدرة على العمل تحت الضغط ( 56 % )
• المرونة ( 51 % )
• الثقة ( 49 % )
المصادر