الطب > مقالات طبية
لم يعد البروجسترون حلاً للإجهاضات العفوية المتكررة بعد الآن
منذُ ستين عاماً، سادَ الاعتقاد بأنّه يمكن للبروجسترون أن يُخفِضَ معدلات الإجهاضات العفوية المتكررة، ولكن تبينَ في دراسةٍ جديدةٍ أن المعالجة بالبروجسترون لا تُشكل فارقاً مهماً في زيادةِ معدل الولادات ومنع الإجهاضات المتكررة.
تتحكمُ هرموناتُكِ الجنسية فيزيولوجياً بحياتِكِ بدءاً من دورتكِ الشهريّة، مروراً بالإباضةِ، وحتى التعشيش، واستمرارِ الحمل، وانتهاءً بالولادة، ولسوءِ الحظ تعاني العديدُ من السيدات من الإجهاضاتِ العفويّةِ المتكررةِ دونَ وجودِ سببٍ واضحٍ لذلك.
حيثُ يُعتقَد أنّ المستوياتِ المنخفضةَ من هرمونِ البروجسترون متورطةٌ في ذلك، فالبروجسترون له الدورُ الأساسيُ في تهيئةِ بطانةِ الرحمِ لاستقبالِ البيضةِ الملقحة، وحدوثِ التعشيش، واستمرارِ الحمل. يُفرَزُ البروجسترون من الجسمِ الأصفرِ في المبيضِ ومن المشيمةِ عند الحمل.
بناءً على ما سبق، كان يُعتَقدُ في خمسينياتِ القرن الماضي أنّ تزويدَ الحواملِ بجرعاتٍ داعمةٍ من البروجسترون يمكنُ أن يزيدَ معدلَ الولاداتِ عند النّساءِ اللواتي يعانين من إجهاضاتٍ متكررةٍ مجهولة السبب.
والآن بعد فترةٍ طويلةٍ من المعالجةِ بالبروجسترون، حسمَ الباحثون الأمرَ بالنسبة لدوره في خفضِ معدلات الإجهاضات العفوية، وللأسف جاءت النتائجُ مخيبةً للآمال.
إليكم تفاصيل الدراسة التي أجراها باحثونَ من جامعة Birmingham ونُشرت في مجلة New England Journal of Medicine ، حيث ضمّت الدراسةُ 826 سيدة - بين عمر ال 18 وال 39سنة مع أخذِ عواملِ العمرِ والعِرقِ والسوابق الطبية وسوابقِ الحمل بعين الاعتبار- خضعْنَ على مدى خمسِ سنواتٍ لتجربةٍ تسمى PROMISE )البروجسترون في معالجة الإجهاض).
حيث أُعطيَت المجموعةُ الأولى من السيداتِ البروجسترونَ، والمجموعةُ الأخرى خضعْن للـ placebo)وهو إجراءٌ علاجيٌ مزيفٌ يتضمنُ إعطاءَ مادةٍ غيرِ فعالةٍ لمقارنتِه مع علاجٍ دوائي، ومعرفةِ فعاليتِه لحالةٍ معينة)، وذلك حتى الأسبوعِ الثانيَ عشَرَ من الحملِ (أي ضمن الثلث الأول من الحمل).
وبالنتيجة كان معدلُ الولاداتِ بالنسبةِ للسيدات اللواتي أُعطين البروجسترون 65.8 % بالمقارنة مع 63.3 % بالنسبة للمجموعة الأخرى، حيث يُعتبَر هذا الفارقُ الضئيلُ 2.5 غيرَ مهمٍ إحصائياً.
الجانب المُشرق في هذهِ الدراسة أنّها بينت عدمَ تسبّبِ المعالجةِ بالبروجسترون لأيّ أعراضٍ جانبيةٍ سلبية على الأم أو الجنين، ولهذا أهميةٌ عند السيدات اللواتي يأخذن البروجسترون في إطار معالجاتٍ أخرى كمعالجة الخصوبة وغيرِها...
كذلك كشفت دورَ البروجسترون في منعِ الإجهاضِ عند السيدات اللواتي تعرضنَ للنزفِ خلال فترةٍ باكرةٍ من الحمل.
حسناً إنها ليست نهايةَ الطريق، فعجلةُ العلمِ تتسارعُ باستمرار ولابدَّ أن هذه الدراسات ستقطعُ أشواطاً كبيرةً كمّاً ونوعاً حتى اكتشافِ علاجاتٍ أخرى فعالةٍ في منعِ الإجهاضات العفوية.
المصادر: