الطبيعة والعلوم البيئية > زراعة
حظر الأغذية المعدلة وراثياً... هل نستطيع دفع الثمن؟
سينجمُ عن حظر استخدام الكائنات المعدلة وراثياً في الولايات المتحدة الأمريكية نتائجُ سلبيةٌ أهمها ارتفاعُ أسعار الغذاء وزيادةٌ ملحوظةٌ في انبعاث غازات الاحتباس الحراري نتيجةً لتغيّر استخدام الأراضي، بالإضافة إلى خسارةٍ كبيرةٍ في المراعي والغابات، تبعاً لنتائج دراسةٍ تم إجراؤها في جامعةُ Purdue
أراد القائمون على البحث أن يعرفوا حجم الخسارة في إنتاجية المحاصيل الزراعية في حال تمّ حظرُ المحاصيل المعدلة وراثياً من حقول الولايات المتحدة الأميركية، وكيف سيؤثر مثلُ هذا القرار على الاقتصاد. ولا يركز البحث على الجدل الدائر حول ضرورة متابعة استخدام الكائنات المعدلة وراثياً أو التخلي عناه إنما يحاول الإجابة عن تساؤلٍ بسيط: "ماذا سيحدثُ في حال لم تعدْ تلك الكائنات موجودة؟".
إنتاجٌ ضخم ربما لا نستطيع الاستغناء عنه:
تبين البيانات التي تم جمعها أن 18 مليون مزارعاً في 28 بلداً قاموا بزراعة 181 هكتاراً من المحاصيل المعدلة وراثياً في عام 2014، وأن 40% من هذه المحاصيل تمَّ زراعتها في الولايات المتحدة.
اعتمد الباحثون بعد ذلك على نموذج حاسوبي مخصص لدراسة الآثار الاقتصادية لتغيير استخدامِ الأراضي على الزّراعة والطّاقة والتّجارة والسّياسات البيئيّة GTAP-BIO طورته جامعة Purdue. و أظهرَ النموذج أنه في حال تم التوقفُ عن استخدام الكائنات المعدلة وراثياً في الولايات المتحدة، فإنّ إنتاجية محصول الذرة سوف تتراجع بمقدار 11.2% بالمتوسط، سيتعرّض محصول فول الصويا لخسارةٍ تقدر ب 5.2% من إنتاجيته في حين سيخسر القطن 18.6%.
الأثر البيئي:
لتعويض هذه الخسائر في المحاصيل يتوجب تحويل نحو 102000 هكتار من الغابات والمراعي في الولايات المتحدة، و1.1 مليون هكتاراً على المستوى العالمي إلى أراضٍ زراعية. وستزداد انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري نتيجةً للخسائر الحاصلة في مساحات الغابات والمراعي
وتبعاً للقائمين على البحث فإن هذه المساحات اللازمة لإنتاج الاحتياج الغذائي من المحاصيل المختلفة تفوق التقديرات السابقة لاحتياج برنامج الولايات المتحدة الأميركية للإيثانول "الوقود الحيوي".
وبكلمات أخرى فإن الزيادةَ في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي ستنجم عن حظر استخدام الكائنات المعدلة وراثياً في الولايات المتحدة ستكون أكبرَ من الزيادة في الانبعاثات المرافقة لإنشاء أراضٍ زراعية كافية لتلبية حاجة الولايات المتحدة من الوقود الحيوي. والتي تبلغ حوالي 57 مليار ليتر سنوياً.
يرغب العالم اليوم تقليل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بغرض الحد من الاحترار العالمي إلا أن نتائج هذا البحث تقول بأن ذلك لا يمكن أن يتم مع الاستغناء عن الكائنات المعدلة وراثياً.
الأثر الاقتصادي:
أما من الناحية الاقتصادية فإن الاستغناء عن المحاصيل المعدلة وراثياً سيتسبب بارتفاع أسعار السلع المرتبطة بها، حيث سترتفع أسعار الذرة بمقدار 28%، في حين سترتفع أسعار فول الصويا بمقدار 22%. وعلى المستهلكين أنْ يتوقعوا زيادةً في سعر الغذاء تتراوح ما بين 1% و 2% أو (14-24) مليار دولار في العام.
جدير بالذكر أن الأحياء المعدلة وراثياً في الولايات المتحدة تغطي تقريباً 89% من إنتاج محصول الذرة و 92% من إنتاج فول الصويا و 91% من إنتاج القطن في كل عام.
لقد قامت بعض الدول بالفعل بحظر استخدام الكائنات المعدلة وراثياً في حين تعمل بعض الدول الأخرى على التقليل من الاعتماد عليها وسيستمر القائمون على البحث بدراسة الآثار المترتبة على السياسات الزراعية المتعلقة بالأحياء المعدلة وراثياً ونتائجها المحتملة بيئياً واقتصادياً.
وأنت عزيزي القارئ، ومن خلال الدراسة السابقة هل تؤيدُ حظرَ إنتاج المحاصيل المعدلة وراثياً أم أن لك رأياً آخر؟.
المصدر: