البيولوجيا والتطوّر > منوعات بيولوجية
ما هي وظيفة الشارب لدى الفأر؟
يعمل الشاربُ الطويلُ عند الفئران، مثل عيوننا وأصابعنا، فنحن علينا أن نتحرك في بيئتنا المحيطة لكي نستشعر الأشياء من حولنا وذلك من خلال أعضاء الحس المختلفة الموجودة لدينا، ولكن حول ما إذا كان الشارب أحد هذه الأعضاء عند الفأر، فقد أُجريت عدة أبحاثٍ على مرِّ أكثر من عَقدٍ من الزمن لدراسة الدور الذي من الممكن يقوم به، وذلك من خلال تطبيق تجربة تحريك الشارب عند الفأر المخدر، مكَّنت هذه التجربة الباحثين من دراسة ما يسمى الإحساس النشط، وهذه التجربة لا يمكن أن تقدم محاكاةٌ لشعور الفأر المستيقظ من خلال هذه الحركة المحدودة للشارب في التجربة السابقة.
في هذه الدراسة الجديدة التي تمت في معهد Weizmann ، تم تجميع كل طرق الدراسات السابقة في طريقة طوَّرها الدكتور Avner Wallach مع مجموعةٍ من زملائه وقد سُمِّيت هذه الطريقة "نظام الحلقة المغلقة" حيث تمَّ دمج أجهزة الكمبيوتر في الأنظمة الحيوية للفأر وبالتالي شكَّل الكمبيوتر والفأر هجيناً قادراً على إعادة تنظيم حركة الشارب تماماً كما في حال كان الفأر مستيقظاً وحرَّ الحركة، حيث يمكن للكمبيوتر في هذه الطريقة أن يسجِّل حركة الشارب لفأرٍ نشيطٍ وأن يعيد تجسيد هذه الحركة لفأرٍ مخدر.
وجاء الاكتشاف مفاجئاً للباحثين حيث وُجِد أنه في نهاية شعرات الشارب توجد كتلٌ من النهايات العصبية تسمَّى mechanoreceptors (المستقبلات الميكانيكية) عند قاعدة كل شعرة تعمل كآلاتٍ حاسبة صغيرة، و تمَّ حساب الفارق الزمني الفعليّ بين حركة الشارب ونقل التنبيه، عن طريق الكمبيوتر وبشكلٍ مباشر، إن هذه المعرفة للفارق الزمني سوف تعني القدرة على التنبؤ حول كيفية تطور الحركة عند الفأر وبالتالي ردة فعله وسرعتها، وكان الافتراض الأولي في ذلك بأن الدوائر العصبية المتخصصة(أي الاتصالات بين الخلايا العصبية) هي التي سوف تنجز هذه الحسابات مستخدمةً كلاً من المعلومات الأولية القادمة من المستقبلات الحسية ودوائر تخطيط الحركة(الخلايا العصبية الحركية المتصلة مع بعضها) في الدماغ. ولكن الاقتراح الثاني والذي كان أكثر منطقيةً، يقتضي بأن يكون العمل مقسماً، وهنا يجب النظر إلى هذه المستقبلات على أنها ليست مجرد محولاتٍ للإشارة، بل على العكس هي واجهات اتصالٍ واسعةٍ وشاملةٍ بين الكائنات الحية، والبيئة التي تعيش بها، وهي تزود الدماغ بكل شيءٍ يحتاجه لتحويل هذه الإشارات القادمة إليه إلى إشاراتٍ ذات معنى، وبهذا تكون قد تقاسمت العمل مع دوائر الدماغ الحسية الحركية.
الخطوة التالية التي يرغب الباحثون بمعرفتها هي: كيف ستقوم الأعضاء الحسية بالرد فيزيائياً على هذه المعلومات التنبؤية، أي كيف ستتحول هذه الإشارات إلى حركاتٍ يقوم بها الفأر. ولهذا الغرض قد يكون من المفيد مستقبلاً استخدام الطريقة المركبة سابقاً لاكتشاف خوارزميات حلقة حسية مغلقة في الدماغ من خلال فحص الاستشعار بواسطة آلة الدماغ، يقول أحد الباحثين: كان بمقدورنا وضع نوعٍ من المشعرات الداخلية للتعرف على الاتصال بين الشارب والدماغ، وكان بإمكاننا نقل هذا المشعر الداخلي من مكان إلى آخر لاستكشاف الدوائر الحسية الحركية الكامنة وراء هذه الاتصالات التي تمت ملاحظتها، وختم قائلاً: أنه كلما زادت دراسة أعضاء الحس كلما زادت معرفتنا بمدى تعقيدها وتطورها، الذي على ما يبدو يُعتبرُ عاملاً أساسياً في تطور الإدراك عند الكائنات الحية. وبهذا يكون السؤال عن دور الشارب قد تمت الإجابة عليه، فالشارب وبناءً على هذه الدراسة ليس عامل استقبالٍ للإشاراتِ فقط بل يقوم أيضاً بنقل وتحليل التنبيه جزئياً ليساعد الدماغ على اتخاذ القرار السريع في تنفيذ الحركات، ولكن السؤالَ المطروحَ حالياً، هو كيف ينقل الشارب تنبيهاتٍ تتنوع استجابة الجسم الفيزيائية لها وما هي العوامل التي تلعب دوراً في ذلك، وربما تحمل لنا أبحاثٌ قريبةٌ الإجابة الشافية لذلك، والآن عندما ترى فأراً يحرك شاربه عليك أن تعرف أنه ينقل اشاراتٍ حسيةٍ تماماً كالعيون ويمكنه أن يفاجئك بردة فعلٍ لا تتوقع سرعتها.
المصادر:
البحث الأصلي: هنا