الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض
تأثير الشاي الأخضر على متلازمة مقاومة الإنسولين
مصطلح متلازمة مقاومة الإنسولين Insulin Resistance هو مصطلحٌ شائعٌ يتم تداوله كثيراً في الآونة الأخيرة لكن ما لا يعلمه الكثيرون هو أن هذه المتلازمة تؤهب لكثير من أمراض العصر كالداء السكري من النمط الثاني بالمرتبة الأولى، إضافةً للأمراض القلبية.
ماذا يقصد بمتلازمة مقاومة الإنسولين؟
متلازمة مقاومة الإنسولين هي ببساطة نقصٌ في قدرة الخلايا للاستجابة إلى عمل الإنسولين (الهرمون الذي يتم إفرازه من البانكرياس والمسؤول عن تنظيم دخول سكر الدم "الغلوكوز" إلى خلايا وأنسجة الجسم). في الحالات الطبيعية يطرق الإنسولين على باب العضلة التي تفتح له الباب وتسمح للغلوكوز بالدخول. لكن في حالة الإصابة بمتلازمة مقاومة الإنسولين فإن العضلات لا تستطيع سماع هذا النداء بمعنىً آخر "العضلات تقاوم الإنسولين" بالتالي سيقوم البانكرياس بإنتاج المزيد والمزيد من الإنسولين الأمر الذي يرفع نسبة الإنسولين في الدم لإحداث تنبيهٍ أقوى "طرقةٍ أعلى" على جدار العضلة لكن العضلات تستمر بالمقاومة ولا تستحيب.
طالما أن البانكرياس يستطيع إنتاج المزيد من الإنسولين فإن مستوى غلوكوز الدم يبقى طبيعياً، لكن المشكلة تحدث عندما لا يعود البانكرياس قادراً على إنتاج المزيد، عندها يبدأ مستوى غلوكوز الدم بالإرتفاع بدايةً بعد الوجبات وثم يرتفع بعد ذلك في مرحلة الصيام وعندها تحدث الإصابة بالداء السكري من النمط الثاني.
ماالذي يساعد على الإصابة بمتلازمة مقاومة الإنسولين؟
ترتبط مقاومة الإنسولين بشكلٍ وثيقٍ مع الالتهابات، وهي محاولة الجسم على شفاء نفسه، ويعتقد أنه في مرحلة ما قبل السكري وداء السكري من النوع 2 فإن نظام المناعة في الجسم يطلق مادة كيميائية تسمى السيتوكينات cytokines تتداخل مع عمل الإنسولين وتثبطه، مما يسبب انخفاض الحساسية للإنسولين وزيادة مقاومته.
كما تم الربط بين السمنة والإصابة بهذه المتلازمة إضافةً إلى عوامل أخرى تزيد من خطر الإصابة، بعضها يمكن تعديله (كنمط الحياة life style أو نقص فيتامين "د" ومتلازمة تكيّس المبيض)، وبعضها الآخر يصعب تعديله كالعوامل الجينية أو الكيميائية الحيوية.
من ناحيةٍ أخرى تتأثر حساسية الإنسولين بارتفاع نسبة شحوم الدم hypertriglyceridemia والأحماض الدسمة الحرة FFAs إضافةً الى العديد من الهرمونات.
تاريخياً كشفت الكثير من مخطوطات ورق البردي التي تعود إلى 1500 عام قبل الميلاد دور النباتات الطبية في علاج الكثير من المشاكل الصحية، منها ما أثبت العلم فعاليتها ومنها ما نفته الدراسات، وسنستعرض في هذا المقال دور الشاي الأخضر وآلية تأثيره على هذه المتلازمة حسب الدراسات.
الشاي الأخضر:
وجد العلماء أن البولي فينولات الموجودة في الشاي الأخضر والتي تسمى بالـ"كاتشينات catechins" تمتلك العديد من الفوائد الصحية بما في ذلك دورها في علاج فرط شحوم الدم والداء السكري، لكن الآلية الجزيئية لهذا التأثير لا تزال غير معروفة.
أجريت دراسة نشرت في مجلة Medicinal & Aromatic Plants للتحقق من أثر مستخلص الشاي الأخضر الغني بالكاتشينات على توازن الغلوكوز والدهون في الدم وفك شيفرة آلية عملها باستخدام فئران الهامستر السورية الذهبية golden Syrian hamsters التي تم إخضاعها لحمية عالية الفركتوز وأصيبت بهذه المتلازمة إضافة إلى فرط شحوم الدم.
نموذج التجربة هذا قد يكون مناسباً نظراً للتشابه بين الهامستر والإنسان في ظل المؤشرات الرئيسية من استقلاب للشحوم وتصلب الشرايين.
الحيوانات التي تمت تغذيتها بحمية عالية الفركتوز لمدة أسبوعين أظهرت ارتفاعاً في نسبة الشحوم إضافةً إلى ارتفاع نسبة الإنسولين في الدم بينما بقيت مستويات الغلوكوز في حدودها الطبيعية دون تغيير؛ إضافةً إلى ذلك انخفصت مستويات هرمون الأديبونيكتين Adiponectin بعد سبعة أسابيع من حمية الفركتوز؛(الأديبونيكتين هرمون أساسي في بلازما الدم يعتقد أنه يرتبط بتحسين حالة الداء السكري من النمط الثاني حيث أنه ينظم مستوى غلوكوز الدم عن طريق تحطيم الأحماض الدهنية إضافة إلى التخفيف من السمنة).
ثم أظهرت النتائج أن إعطاء مكملات الشاي الأخضر لمدة أربعة أسابيع أدى إلى عكس التأثيرات على المحددات المذكورة سابقاً وجعلها قريبةً من قيم الضبط الأساسية، حيث أن قيم الشحوم الثلاثية انخفضت تبعاً للجرعة بينما مستويات الكولسترول لم تتغير. وعلاوةً على ذلك فإن مستويات الإنسولين، الأديبونيكتين و الـ apo B –وهو بروتين Apolipoprotein B يدل ارتقاع مستواه على أمراض القلب والأوعية الدموية- انعكست كذلك إلى مستوياتٍ قريبةٍ من مجموعة القيم الأساسية.
مستويات سكر البلازما أيضاً خلال اختبار GTT "اختبار تحمل الغلوكوز" انخفضت إلى مستوياتٍ مماثلةٍ للموجودة عند مجموعة المراقبة.
وهذا يؤكد ما توصلت إليه دراساتُ مقارنةٍ أخرى حول تأثير مستخلصات عدة أنواعٍ من الشاي على ذكور فئران تجارب تعاني من ارتفاع نسبة الشحوم نتيجة اخضاعها لحمية عالية السكروز.
هنالك دليلٌ قويٌ يدعم حقيقة أن الدهون تتحول من الأنسجة الدهنية إلى غير الدهنية، مثل الكبد والعضلات غير القادرة على تخزين الدهون الثلاثية TG مما يؤدي إلى الإصابة بمتلازمة مقاومة الإنسولين والداء السكري من النوع 2.
توصف هذه الحالة السريرية بمرض سمية الدهون lipotoxic disease، وعندما تتراكم الدهون الثلاثية TG في الأنسجة غير الدهنية، تدخل الأحماض الدسمة في مساراتٍ غير مؤكسدةٍ ضارةٍ، تؤدي إلى إنتاج السيراميد ceramid ومادة ثنائي أسيل الغليسيرول diacylglycerol، والتي تؤثر سلباً على الوظيفة الخلوية.
وأظهرت الدراسة أن إعطاء الشاي الأخضر بشكل مستخلصات تكميلية أدى إلى خفض محتوى الدهون الثلاثية TG في كل من الكبد وعضلة القلب، ولكن لم تنخفض نسبته في العضلات الهيكلية أو الأنسجة الدهنية، في نماذج حيوانية مختلفة مقاومة للأنسولين.
هذه النتيجة تعطي تفسيراً معقولاً، كيف أن الشاي الأخضر من الممكن أن يحسن مقاومة الإنسولين إضافة إلى دوره في خفض الوزن، وهذا ما كشفته دراسةٌ أخرى أشارت إلى أن كاتشينات الشاي تكبح التمايز الشحمي في الخلايا من نمط 3T3-L1 وتُسبب انخفاضاً في زيادة وزن الجسم لدى فئران التجربة. وهكذا نجد أن الشاي الأخضر يخفض من مقاومة متلازمة الإنسولين بعدة آليات في ظل الدراسات على فئران التجارب، وبما أن القليل من الأبحاث تدعم فرضية التأثير على متلازمة مقاومة الإنسولين عند الانسان لذا فإن هنالك حاجةٌ لإجراء دراساتٍ مكثفةٍ لبحث سلامة الاستخدام على المدى الطويل واختبار الآثار الجانبية على الإنسان.
المصادر:
1. هنا
2. هنا
3. هنا
4. هنا
الدراسة الأصلية:
Eddouks M, Hebi M, Zeggwagh N, El Bouhali B, Hajji LH (2015) Effect of Momordica charantia, Camellia sinensis and Cinnamon Species on Insulin Resistance. Med Aromat Plants 4:182. doi: 10.4172/2167-0412.1000182 هنا