لغزٌ كيميائيٌ جديدٌ مثيرٌ للجدل في الطبيعة ربما استطاع حلّه علماء جامعة ييل

تقوم بعض أنواع الكائنات الحية التي تتموضع على جذور بعض النباتات بعمليةٍ حيويةٍ تسمى عملية "تثبيت النيتروجين"، هذه العملية تتيح للتربة الحصول على أسمدتها المُخِصّبة المُستخدمة في تغذية النباتاتِ المزروعة فيها، حيث أن الآزوت من العناصرِ الرئيسةِ لنمو النبات وقيامه بوظائفه الحيوية. يسمى الأنزيم المسؤول عن التثبيت الطبيعي للنيتروجين النيتروجينيز Nitrogenase وهو الأنزيم الذي يُحّفز تحويل النيتروجين الموجود في الغلاف الجوي N2 إلى الأمونيا NH3.

قام أستاذ الكيمياء باتريك هولاند Patrick Holland وفريقه في جامعة ييل Yale بإعداد مركبٍ كيمائيٍ جديدٍ يملك خصائص أساسيةً تساعد على فهم عمل هذا الأنزيم (وقد تم نشر تلك الدراسة كاملةً مع النتائج في مجلة Nature). يقول هولاند:"لقد قمنا بتحضير مركبٍ كيمائيٍّ مُعّقد لديه خصائص أنزيم النيتروجينيز، فهو يملك مجموعاتٍ كبيرةً من الجزئيات الحاجبة التي تمنع حدوث التفاعلات غير المرغوبة، أمّا الخاصية الثانية فهي الرابطة الضعيفة بين الحديد والكبريت والتي تنكسر بسهولة. كما أنّه أخذ بعين الاعتبار عند تحضير هذا المركب أنّه من المفترض في هذه العملية الحيوية أن يتحول النيتروجينيز إلى النيتروجين عبر مركبٍ معدنيٍ من الحديد والكبريت، الذي يصعب عادةً تفاعله مع النيتروجين، وهو ما يُعرف عن جميع مركبات الحديد والكبريت".

إن أغلب النيتروجينيز يتحول إلى 2N الجوي عبر العامل المساعد الموليبدينوم الحديدي FeMo الغني بالكبريت، والذي تُكسر أثناء تفاعله الرابطة بين الحديد والكبريت ويضم النيتروجين.

إنّه المُنتج المعقد الأول المصنّع من هذا النوع من الحديد- النيتروجين الذي يرتبط فيه الحديد مع جزيئات الكبريت والنيتروجين والكربون، ليوفر بذلك نموذجاً اصطناعياً جديداً لإنتاج النيتروجين، كما يتم ذلك عادةً بوجود FeMoco، وهو العامل المساعد الرئيس لأنزيم النيتروجينيز. تظهر النتائج أن كسر الرابطة بين الكبريت والحديد هي الآلية الكيميائية التي تؤدي لربط النيتروجين في العامل المساعد للأنزيم نيتروجينيز، الذي يُعد الركيزة التي يتم تثبيت النتروجين عليها بواسطة هذا الأنزيم. وتظهر التفاصيل البنيوية والطيفية الرابطة الضعيفة على موقع الحديد والكبريت التي ساعدت على ذلك.

تمت المصادقة على نجاح هذا التصميم لأن المُركب الصنعي قادرٌ على تثبيت نيتروجين الغلاف الجوي كما يفعل أنزيم النيتروجينيز تماماً.

ومع قليل من التفكّر بقدرة الطبيعة التي عالجت النتروجين بهذه العملية الحيوية يأمل هولاند وفريقه بإعداد مُحفّزاتٍ اصطناعيةٍ قادرةٍ على تحويل النيتروجين إلى أمونيا، وهو السماد الرئيس المنتج في النظام الحيوي. يقول هولاند: "إنّ العمليات الحيوية المُنتِجة للأمونيا عبر الطبيعة أفضل من العمليات الصناعية المُستخدمة لصناعته وإنتاجه والتي تتطلب درجاتِ حرارةٍ وضغطاً مرتفعاً جداً".

وحين يتم تركيب وإعداد الأمونيا بطريقة أفضل سيتم تحضير الأسمدة في المزارع أو غيرها بطريقة أسهل وبكلفة أقل. يختم هولاند:"تُظهر نتائجنا أن المركبات الكيمائية المُعدّة بدقةٍ تساعدنا في اكتشاف الآلية التي تتم عبر الطبيعة في وجود كمياتٍ وفيرةٍ من النيتروجين المتواجد في محيطنا الجوي"

المصادر:

هنا

هنا