الطب > طب الأطفال
فقر الدم عند الأطفال (الجزء الثاني)
كنا قد استعرضنا في مقالٍ سابق أسبابَ فَقر الدمِ عندَ الأطفال وتحدثنا عنها بشيءٍ من التفصيل. سنتحدث في هذا المقالِ عن أعراضِ فَقر الدم وكيفيةِ التشخيص وسُبُل الوقاية والعلاج، تابعوا معنا:
أعراضُ وعلاماتُ فَقر الدم:
يعدّ الشحوبُ من العلاماتِ الباكرةِ لفَقرِ الدم (شحوبُ الجلدِ والأظافرِ والشفتين)، وقد يكونُ من الصعبِ تمييزُه إذا حدثَ فَقرُ الدمِ بصورةٍ تدريجيةٍ أو كان خفيفاً.
ومن الأعراضِ الأخرى:
• سرعةُ التعب.
• دوخةٌ وصداع.
• تسرُّعٌ في ضرباتِ القلب.
• هياج.
• يُؤثِّر فَقرُ الدم بعَوَز الحديد عندَ الرُّضّعِ والأطفالِ الصغارِ على النموِ والتطورِ والسلوك، فقد يحدثُ لديهِم نزقٌ ونقصٌ بالانتباه والتواصلِ الاجتماعي والنشاطِ الحركي، وقد تستمرُّ هذه الأعراضُ حتى عمرِ المدرسة ما لم يُعالج.
• وفي حالِ نقصِ فيتامين B12 يحدثُ تورمٌ واحمرارٌ في اللسان أو يصبح أملساً مع أعراضٍ عصبية.
• في فقرِ الدم الشديدِ قد يعاني الطفلُ من ضيقِ النَّفَس وتسرّعِ ضرباتِ القلب أو قصورِ القلب.
• في فقرِ الدم الانحلاليِّ قد يُلاحَظُ اللونُ اليرقانيُ (اصطباغُ الجلدِ وصُلبةِ العينِ باللونِ الأصفر) كما قد يتضخمُ الكبدُ أو الطِّحالُ أو كلاهما وقد تتورمُ اليدان والقدمان (في فَقرِ الدمِ المِنجلي).
• اصطباغُ البولِ بالأصبغةِ الصفراويةِ (يصبح البولُ بلونِ الشاي) بسببِ طرحِ البيليروبين في البولِ في فقرِ الدم الانحلالي.
• تغيراتٌ شكليةٌ مميزةٌ لمرضى فَقرِ الدم الانحلالي (المنجلي والتلاسيميا)، وقد يحدث أيضاً انقطاعُ طمثٍ ثانويٍ عند الإناثِ أو تأخرُ البلوغ.
• نلاحظ في الصورةِ التغيراتِ العظمية المُشاهدَة لدى مرضى تلاسيميا بيتا الكبرى.
التشخيص:
يوضعُ التشخيصُ اعتماداً على أخذِ تاريخٍ مرضيٍّ مفصَّلٍ وفحصٍ سريريٍّ شاملٍ يتضمنُ العلاماتِ الحيويةُ (وهي النبضُ ومعدلُ التنفس والضغطُ والحرارة) كما أنّه من الضروري إجراءُ بعضِ الفحوصاتِ المخبرية والتي تَشمل:
• تعدادَ الدمِ الكاملِ Сomplete Blood Count (CBC).
• لطاخةَ الدمِ المحيطي Blood smear examination: يتم مدُّ قطرةً من الدمِ على شريحةٍ زجاجيةٍ ليتم فحصُ الكرياتِ الحمر تحت المجهر.
• معايرةَ حديدِ الدم والفيريتين (وهو بروتينٌ يعطينا فكرةً عن مخزونِ الحديد في الجسم).
• رحلانَ الخضابِ الكَهربائي Hemoglobin electropherosis لتشخيصِ عيوبِ الخضابِ كما في المنجلي والتلاسيميا.
• اختبارَ هشاشةِ الكرياتِ الحمر لتشخيصِ تكوّرِ الكرياتِ الوراثي (هو اختبارٌ يقيس مقاومةَ الكرياتِ الحمر للانْحِلاَل في المحاليلِ الملحية ناقِصة التَّوَتُّر، حيث تُضافُ الكرياتُ الحمرُ إلى محاليلٍ ملحيةٍ ذاتِ تراكيزٍ مختلفة).
• بزلَ وخزعةَ نَقْيِ العظمِ Bone Marrow aspiration and biopsy لمعرفةِ ما اذا كانَ إنتاجُ الكرياتِ الحمرِ من النقي ضمنَ الحدودِ الطبيعية. وهو الطريقةُ الوحيدةُ لتشخيصِ فقرِ الدم اللامصنّع والأمراضِ التي تصيب نقيَ العظامِ كاللوكيميا والمسببةِ لفقر الدم.
• تعدادَ الشبكيات Corrected Reticulocyte Index (هي الشكلُ الفتيُّ من الكريات الحمراء)، لتقييمِ إنتاجِ النقيِ للكرياتِ الحمر.
الوقاية والعلاج:
يعتمدُ علاجُ فقر الدمِ على علاجِ السبب.
1- فقرُ الدم بعوز الحديد:
يُعطى الطفلُ جرعاتٍ علاجيةً من الحديدِ بحسبِ العمرِ والوزن، تؤخذ لمدة ثلاثةِ أشهرٍ مع مراقبةِ مستوياتِ الحديد في الدم والفيريتين وهيموغلوبين الدم، بالإضافة لإدخال حليبٍ أو أطعمةٍ مدعّمةٍ بالحديد بحسبِ العمر.
ويجبُ عدمُ إعطاءِ الطفل حليبِ البقرِ خلال السنةِ الأولى من العمر، حيث أنّه يسبب نزوفاً شعريةً في الجهازِ الهضمي ممّا يسبب خسارةً مزمنةً في الدم ونقصاً في الحديد.
كما يجبُ الابتعادُ عمَّا يقللُ من امتصاصِ الحديد من الجهازِ الهضمي كشربِ القهوة والشاي مع الوجبات، وتناولُ فيتامين C الذي يسهّلُ امتصاص الحديدِ من الأمعاء.
وكما أشرنا في بداية المقال بأنّ غزارةَ الطمثِ قد تؤدي لخسارةٍ في الحديدِ فإنه قد تحتاج بعضُ الفتياتِ لأخذ علاجٍ هرمونيّ لتنظيمِ الدورةِ الشهرية وتخفيفِ النزف.
2- فيتامين B12: يُعطى للطفلِ في فقرِ الدم بعوزِ فيتامين B12، والطريقةُ الأكثرُ فعاليةً هي عن طريقِ الحَقن، بالإضافةِ لتناولِ الأطعمةِ الغنية به.
3- تعطى الأمُ الحاملُ فيتامينَ B9 (حمض الفوليك) أثناءَ حملِها لضمانِ تطوُّر وسلامةِ الجهازِ العصبي للجنين خاصةً إذا كانت تتناولُ أدويةً مضادةً للاختلاجات كحمض الفالبرويك، ويجب تجنّبُ حليبَ الماعز في تغذيةِ الطفل.
4- علاجُ الإنتانات والأمراضِ المزمنة المسببةِ لفقر الدم، بالاضافة لإيقافِ أو استبدالِ الأدوية المسببة لفقرِ الدم إن أمكن.
5- في الحالاتِ الشديدةِ والمزمنةِ قد يكون نقل الدم ضرورياً.
6- استئصالُ الطِحالِ لمنعِ انحلالِ الدم التالي لتخربِ الكريات الحمرِ السريع.
7- تحريضُ نَقيِ العظامِ لإنتاجِ خلايا الدم بشكلٍ كافٍ.
8- زرعُ النقيِ يكون شافياً في علاجِ فقر الدم المنجي والتلاسيميا وفقر الدم اللامصنّع حيث تُؤخذ خلايا نقويّةٌ من متبرعٍ سليمٍ ويتمّ حقنها عبرَ الوريد للطفلِ المصاب والتي تبدأ بدورِها بإنتاج خلايا دموية جديدة).
9- إعطاءُ مسكِّناتِ الألم والإكثارُ من السوائل عند مرضى الداءِ المنجلي للتخفيف من النوبِ الألميةِ الناجمةِ عن الاحتشاءاتِ العظمية.
العناية بالطفل المصاب بفقر الدم:
تتحددُ الحاجةُ للعنايةِ والمتابعة بحسبب السببِ وشدّةِ فقر الدم، وبشكلٍ عام يتحمَّلُ الأطفال فقرَ الدم بشكلٍ أفضلَ من البالغين.
- تحديدُ النشاطِ الفيزيائي لأن الطفلَ المصابَ بفقر الدم يتعبُ بشكلٍ أسرعَ من غيره، بالإضافة إلى تجنبِ الرياضاتِ واللعبِ عند الأطفال الذين لديهم تضخُّمٌ في الطِحال خوفاً من تمزُّقه وحدوثِ نزيفٍ خطير.
- حميةٌ غذائية متوازنةٌ غنيةٌ بالمعادن والفيتامينات.
المصادر:
Nelsons Text book of Pediatrics 19th edition