كويكبٌ جديدٌ يزيد من قوة فرضيّة الكوكب التّاسع

تتزايدُ عمليّات رصدِ الكويكباتِ الموجودة على أطرافِ مجموعتنا الشّمسية، والّتي تشيرُ لوجود جرمٍ قابعٍ هناك يتحكّم في مداراتها. آخرها عثورُ فريقٍ بحثيٍّ على كويكبٍ جديدٍ يدعمُ فرضيّةَ وجودِ كوكبٍ تاسعٍ على حدود مجموعتنا الشّمسية كما تفترضُ الدّراسة أن الكوكبَ شبيهٌ بالأرض.

ما الجديد هنا؟

فرضيّةُ الكوكبِ التّاسع ليست جديدةً إطلاقاً، فهناك الكثيرُ من الأدلّةِ الّتي تشيرُ إلى وجوده، وتعتمدُ كلّها أساساً على دراسةِ الكويكباتِ الموجودةِ على حافّة المجموعةِ الشّمسية وغرابةِ مداراتها حول الشّمس، والّتي تستلزمُ تفسيراً يتضمّنُ وجودَ جسمٍ ذي جاذبيّةٍ كبيرة.

يُضيف الكويكبُ المُكتشف حديثاً باسم: "2015 BP519" دليلاً إلى قائمةٍ مُتزايدةٍ من الأدلّةِ، إذ يتأثّرُ مدارُ هذا الكويكبِ بوجودِ جسمٍ كبيرٍ نسبيًّا يغيّر مسارَه ويجعل مدارهُ مشوّهًا بفعل جاذبيّة ذلك الجسم، وُضِّحت تفاصيلُ هذا الاكتشاف في ورقةٍ بحثيّةٍ قُدّمت إلى المجلّة الفلكيّة "The Astronomical Journal"؛ وممّا جاء في تلك الورقة: "لُوحظ الاستقرارُ المداريُّ طويلُ المدى والسّلوك التّطوريّ في إطارِ فرضيّةِ الكوكبِ التّاسع، ووُجدَ أن الكويكبَ "2015 BP519" يضيفُ أدلّةً جديدةً لتلك الفرضيّة".

لقراءة الورقة البحثيّة:  هنا

لا تحظى فرضيّةُ وجودِ كوكبٍ تاسعٍ بتأييدٍ كاملٍ من المُجتمع الفلكيّ، وقد أجرت مجلة كوانتا "Quanta Magazine" استطلاعًا للرّأي شملَ علماءَ الفلكِ المتخصّصين في دراسةِ الكويكباتِ الصّغيرة؛ بمن فيهم مُكتشفو الكويكب "2015 BP519". لم يؤيّدِ الجميعُ فكرةَ أنّ الكوكبَ التّاسعَ هو سببُ عدمِ انتظامِ مدارِ الكويكبِ، إلا أنّ الغالبيّةَ أبدتِ اهتمامًا بشأنِ هذا الاكتشافِ الحديثِ، وأنّه أضاف شيئاً من المصداقيةِ إلى تلك الفكرة.

دراساتٌ سابقة:

يأتي هذا الاكتشاف بعد عدّةِ دراساتٍ سابقة، منها دراسةٌ للباحثَينِ سكوت شيبارد وتشادويك تروجيلو عامَ 2014 قبلَ أن تظهرَ فرضيّةُ الكوكبِ التّاسع رسميًّا؛ إذ لاحظا وجودَ مداراتٍ غيرِ منتظمةٍ لبضعِ أجرامٍ صغيرةٍ خلفَ مدارِ الكوكبِ نبتون، بما فيها الكوكبُ القزمُ سِدْنا "Sedna"؛ وهو كويكبٌ اكتُشفَ حديثًا ويُعرفُ أيضًا باسم "2012 VP113"، إضافةً لعدّة أجرامٍ أخرى من الأجسامِ العابرةِ لمدارِ نبتون* (trans-Neptunian objects).

رصدَ العالمانِ كونستانتين باتيغين ومايك براون من معهد كاليفورنيا للتّكنولوجيا عام 2016 أدلةً أكثرَ حولَ الأجسامِ ذاتِ المداراتِ المبعثرة والعابرةِ لمسار نبتون، فقد رصدا أكثرَ من ستّةِ أجرامٍ ضمن حزامِ كويبّر "Kuiper Belt" كلّ منها ذي مدارٍ بيضويّ الشّكل وجميعُها مائلةٌ بنفس الطّريقة، وكانَ الباحثانِ أوّلُ من أطلقَ اسمَ "الكوكبِ التّاسع" واقترحا أنّ كتلته تساوي 10 أضعافِ كتلةِ كوكبنا ويقعُ على بعدِ 600 وحدةٍ فلكيّةٍ** عن الشّمس، كما يستغرقُ نحو 20 ألفَ سنةٍ ليُكملَ دورته حولَ الشّمس.

توضّحُ الصّورة أعلاه مداراتِ الأجرامِ السّتةِ ومدى تأثِّرها بجاذبيّةِ الكوكبِ التّاسع استناداً إلى فرضيّةِ باتيغين وبراون

توالتِ الدّراسات لرصدِ مداراتِ الأجسامِ العابرةِ لمدارِ نبتون وكيفيّةِ تأثيرِ الكوكبِ التّاسعِ عليها، وقد أكّد علماءُ فلكٍ من جامعةِ مدريد في إسبانيا عام 2017، وجودَ تغيّراتٍ واضحةٍ في مداراتٍ اثنينِ وعشرين جُرماً من الأجسامِ العابرةِ لمدارِ نبتون البعيدة جدًّا. يُمكنُ تفسيرُ تلكَ التّغيّرات بأنّها نتيجةٌ لوجودِ جرمٍ بعيدٍ كبيرِ الحجمِ يؤثّر على الأجرامِ بجاذبيّتهِ الكبيرة.

لكنّ هذا الحماسَ لم يكن لدى جميعِ الباحثين؛ فقد أوضحَ الفريقُ البحثيّ لهيئةِ استقصاءِ أصلِ النّظامِ الشّمسيّ "Outer Solar System Origins Survey" أنّ كثيرًا من عمليّات الرّصدِ قد تكونُ متحيّزةً.

إذاً يقفُ المجتمع الفلكيّ أمامَ عدّةِ أدلّةٍ تُفضي بقوّةٍ لوجودِ كوكبٍ تاسعٍ في مجموعتنا الشمسية، وفي حال رفضِ هذه الفرضيّةِ فإنّنا نقفُ أمامَ عدّةِ ألغازٍ علينا تفسيرها والبحثُ عن حلولٍ لها، وفقاً لرأي الباحثِ باتيغين.

* أجرامٌ  في النّظام الشّمسيّ تقعُ مداراتُها حولَ الشّمس خلفَ مدارِ كوكبِ نبتون، ولا يُمكنها الاقترابُ من الشّمس أكثرَ منه.

** متوسّط المسافةِ بين الشّمس والأرضِ، وتبلغ 150 مليون كيلومتر.

المصادر:

1 - هنا

2 - هنا

روابطٌ من مقالاتنا:

1 - هنا

2 - هنا

3 - هنا

4 - هنا