كيف تتمكّن الطيور من الوقوف على الأسلاك الكهربائية دون أن تتكهرب أو تُصعق؟
الهندسة والآليات >>>> اسألوا مهندسي الباحثون السوريون
لكن كيف؟ كيف تقف الطيور بطمأنينة على هذه الخطوط التي يُمكن أن تصعق شخصاً بلحظة؟
في المقال التالي سنعرف الإجابة.
نرى في الأفلام كيف أن إحدى الشخصيات تنتهي بوجهٍ أسودَ وشعرٍ مجعَّد بعد لمسِها سلكاً كهربائياً مكشوفاً. قد يكون ذلك نوعاً من المرح في عالم التسلية لكن في الواقع من المُمكن أن يقتلَك ذلك إلا إذا كنت طيراً. تجيبُنا "Ranbel Sun" المدرِّسة في أكاديمية فيليبس في أندوفر ماساشوستس، أنَّ السبب وراء جلوسِ الطيور بطمأنينةٍ على أحدِ خطوطِ التوتُّر العالي التي نراها في الطرقات لا يتعلق بكونها طيوراً بل إن الأمر يتعلَّق بعملية العزلِ التي تقومُ بها الطيور.
وتُوضح Sun: إن الكهرباء في الأصل عبارةٌ عن حركةِ الإلكترونات ضمن دارةٍ مُغلقة، فمثلاً إن حركة الإلكترونات عبر جهازٍ كهربائي كالتلفاز هي الطاقةُ التي تسمحُ للتلفازِ بعرضِ الصور وإصدار الصوت. وتصف Sun العمليةَ الطويلةَ التي يسلُكها التيار الكهربائي للوصولِ إلى المنزل، حيث أن الإلكترونات تتحرَّك من محطةِ التوليد إلى منزلك عبرَ الأسلاك ثمَّ إلى التلفاز وتعود بعد ذلك إلى محطةِ التحويل التي جاءت منها، وهذا ما يصنع دارةً مُغلقةً تُعتبَر الأساسَ لتدفُّق التيار الكهربائي.
وبالإضافة إلى الدارةِ المُغلقة تحتاج الإلكترونات إلى شيءٍ آخرَ لتتحرك ألا وهو المُحفِّز، أي فرقُ الكمون الكهربائي. تخيَّل أنك تُدحرِج مجموعةً من كرات البولينغ من مرتفَع، فإذا وضعت هذه الكرات في مساراتٍ فإنها ستتدحرج بشكلٍ عفوي من أعلى المرتفع نحو أسفل المرتفع حيث ستمتلك الكراتُ -والتي تمثِّل الإلكترونات- طاقةً كامنةً في أعلى المرتفَع وستتحرَّك إلى الأسفل عبر المسار المتوفِّر لها.
لا شك أنك لم ترَ طيراً يقفُ على سلكين كهربائيين في آن واحد، من المؤكَّد أن هناك سبباً مقنعاً لذلك.
عندما يقف طيرٌ على سلكٍ كهربائي فإن كلتا قدميه تكونان على نفس السِّلك؛ أي أنه لا يوجد فرقٌ في الكمون في جسم الطائر وذلك نتيجةَ عدمِ وجودِ مُحفِّز (فرق كمون) فلا توجد أيُّ حركةٍ للإلكترونات وبالتالي لا يوجد تيارٌ كهربائي، وفي هذه الحالة ستكون الطيور بأمان. أما إذا مدّ العصفور جناحه أو ساقه ولمسَ سلكاً آخر ذو كمونٍ كهربائيٍّ مختلف فإن ذلك سيفتح ممراً للإلكترونات عبر جسد الطائر.
كما أن هناك أخطاراً أخرى تُحيط بالطيور، وهي أن الدِّعامةَ الخشبية التي تحمل الأسلاك الكهربائية مدفونةٌ من الأسفل في الأرض، وبالتالي فإنه سيكون خطراً على الطيور الجلوسُ على هذه الدِّعامات و لمسُ الأسلاكِ في آن معاً (خاصة إذا كانت هذه الدعامات رطبة)، هذه هي المشكلة التي تواجهنا نحن البشر عندما نلمس أسلاكاً كهربائية مكشوفة، حيث أننا غالباً ما نكون متَّصلين بالأرض خاصة أن أجسامنا تُعتبَر ناقلاً جيداً للتيار الكهربائي، وسَيمرُّ التيار الكهربائي عبرَها بكلِّ سعادةٍ من الكمون المرتفع (السلك) إلى الكمون المنخفض (الأرض).
إذاً، كيف يقوم عمَّال الكهرباء بإصلاح الأسلاك التي تسري فيها الكهرباء دون أن يُصعقوا؟
الجواب: إنهم يستخدمون موادَّ عازلةً كالمطاط في مُعدَّاتهم وألبستِهم حيث لا تسمح الموادُّ العازلةُ للتيار الكهربائي بالنَّفاذ عبرها، فبدلاً من مرور الإلكترونات عبر جسمِ فنيِّ الإصلاح فإنها تبقى في الطرف الآخر من القفازات أو المُعدَّات المُغلَّفة بالمطاط. وبالإضافة إلى استخدام المواد العازلة في لباسهم ومُعداتهم قد يلجأ فنيو الكهرباء إلى تقنيةٍ أُخرى، وهي إصلاحُ أسلاك الكهرباء عبر التعلُّق بالمروحيات حيث تكونُ المروحيةُ والفنيُّ معزولين كلياً عن الأرض، حيث تُشابه هذه الحالةُ حالةَ الطيور، وفي هذه الحالة يجب على فني الإصلاح أن يحرِص على ألا يلمس إلا سلكاً واحداً في كلِّ مرة، أي يجب عليه تجنُّبُ لمسِ سلكين كهربائيين في آن واحد. وعلى الرغم من التحسيناتِ المستمرة للسلامة إلا أن العمل في مجالِ الكهرباء لا يزال واحداً من أخطرِ عشرة أعمال في الولايات المتحدة، لذلك يُنصح بعدم الاقتراب من الأسلاك الكهربائية إلا إذا كان لديك الخبرةُ المطلوبة أو إذا كنت طيراً.
شاركنا في رحلة المعرفة، ما هو التساؤل الذي طالما شغلَ تفكيرك دون أن تحصل على جوابٍ علميٍّ دقيق له؟ حان الوقت لتعرف الجواب.
المصدر: هنا