تناولُ حبة من الأسبرين يومياً لتَجنُّبِ الجلطات والسكتات، متى ينبغي تطبيقُ هذه النصيحة؟
الكيمياء والصيدلة >>>> صيدلة
و لكنْ على الرغمِ من أهميةِ الٲسبرين في منعِ النوباتِ القلبيةِ أو السكتاتِ الدماغيةِ المتكررةِ (ما يُدعى بالوقايةِ الثانوية)، ٳلا ٲنّ دورَه في منع حدوثِ النوبات والسكتات للمرةِ الأولى ما يزال موضِعَ جَدَل (وهذه تُدعى بالوقايةِ الأولية).
لاستخدامِ الٲسبرين في حالاتِ الوقايةِ الأوّليةِ يجب على الطبيبِ أن يقيّمَ خطرَ إمكانيةِ حدوثِ النوبةِ القلبيةِ أو السكتةِ الدماغيةِ الأولى عند مريضٍ ما، ويُحدِّدَ بناءً عليه إن كانت فوائدُ تناولِ الٲسبرين تفُوْقُ مخاطرَه. لكنّ ظهورَ مُسَوَّدَةِ دلائلَ إرشاديّةٍ جديدةٍ عن استخدامِ الأسبرين، قد أثار الارتباكَ بشأنِ الأشخاصِ الذين يجب تحديداً أن يتناولوا الٲسبرينَ بغرضِ الوقاية.
علامَ تنصّ توجيهاتُ المسوَّدَةِ الجديدةِ حيالَ الٲسبرين؟
توصي مُسَوَّدةُ الدلائلِ الإرشاديّةِ للخدمات الوقائيةِ في الولايات المتحدةِ بأن يتناولَ البالغون في الأعمار 50- 59 سنةً الأسبرينَ إذا كان لديهم احتمالُ حصولِ حادثٍ وعائيٍّ (بمعنى الإصابةِ بجلطةٍ أو سكتةٍ) لديهم خلال السنواتِ العشرِ القادمةِ يساوي 10% أو أكثر.
لكنّ فوائدَ تناولِ الأسبرينِ من قبل الٲشخاصِ في الفئةِ العمريةِ 60- 69 تكون أقلَّ من فوائدِه للفئة السابقةِ، وبرغم ذلك فما زال بإمكانهِم تناولُه بغرض الوقايةِ من الحوادثِ الوعائيةِ، طالما كان خطرُ إصابتِهم بالنزفِ (كتأثيرٍ جانبيٍّ للأسبرين) منخفضاً.
ٲما فيما يتعلق بالأشخاصِ الأصغرِ من 50 سنةً والٲكبرِ من 70 سنةً، فلم يَجِدِ الفريقُ دلائلَ كافيةً لضرورة استخدامِ الأسبرين. وهذا ما يشكّل خروجاً كبيراً عن توصيةِ عام 2009 التي كانت قد اقترحت استخدامَ الأسبرين لجميع البالغين الذين تتراوح أعمارُهم بين 45 و 79 سنة ويرتفع خطرُ إصابتِهم بنوبةٍ قلبيةٍ أو سكتةٍ دماغية.
ففي الوقت الحاليِّ لا توجد تجاربٌ عشوائيةٌ لمقارنة الٲسبرينِ بالدواءِ الوهميِّ أو الغُفْلِ (placebo) على البالغين الأصغرِ من 50 والأكبرِ من 70 سنة. وبدون دليلٍ لا يمكن الحصولُ على توجيهاتٍ مستنِدةٍ إلى أدلّة.
إنّ من المنطقيِّ اعتمادُ الإرشاداتِ القائمةِ على الدليلِ، ولكنّ التجاربَ السريريةَ نادراً ما تصل إلى الكمال. لذا وجَبَ إعطاءُ توصياتٍ عمليةٍ واضحةٍ للأطباء بشأنِ كيفيةِ استخدامِ الأدويةِ من قِبل مرضاهم، تجنباً للارتباكِ أو سوءِ الفهم.
ماذا تقول المعطياتُ حول استخدامِ الأسبرينِ للوقايةِ الأولية؟
وُجِد في تجارب سابقةٍ عولج فيها المرضى عند إصابتِهم بنوبةٍ قلبيةٍ أو سكتةٍ دماغيةٍ بالأسبرين، بٲن ذلك ساعد في إنقاذِ حياتهم. كذلك وُجد أنّ استمرارَ المريضِ باستخدام الأسبرين بعد الحادثِ الوعائيِّ بشهورٍ أو سنواتٍ قد خفض احتمالَ التعرّضِ للنوباتِ القلبيةِ والسكتاتِ الدماغيةِ المستقبلية.
لكلِّ 100 مريضٍ ممّن تعرضوا لنوبةٍ قلبيةٍ أو سكتةٍ دماغيةٍ وداوموا على أخذِ حبةٍ ٲسبرين يومياً، تمّت وقايتُهم من تكرارِ التعرّضِ لـ 5 حوادثَ مشابهةٍ (نوباتٍ أو سكتاتٍ) في العام الذي يليه. وفي الوقتِ الذي يكون خطرُ التعرّضِ لنزفٍ (في المعدةِ أو الدماغ) ناتجٍ عن تناولِ الأسبرينَ هو أقلُّ من 1% لدى المرضى، يقرُّ الجميعُ بأن فوائدَ الأسبرين تفوق مخاطرَه في حالةِ الأشخاصِ الذين تعرضوا سابقاً للسكتاتِ الدماغيةِ أو النوباتِ القلبية.
أما عند من لم يسبق لهُم التعرّضُ لمثل هذه الحوادثِ الوعائيةِ فيختلف الوضعُ، إذ إنّ احتمالَ حدوثِ نزفٍ حادٍّ يتساوى مع احتمالِ الوقايةِ من نوبةٍ أو سكتةٍ، وذلك عند الأشخاصِ الكهولِ وكبارِ السن. ووفقاً للحساباتِ الجديدةِ للدلائل الإرشادية: إذا أخذنا 100 شخصٍ بأعمارِ 55-60 سنةً، متوسطُ خطرِ إصابتِهم بنوبةٍ قلبيةٍ أو سكتةٍ للمرةِ الأولى هو 1% في كلَّ سنةٍ، يكون للبَدءِ في تناولِ الأسبرين يومياً تأثيرٌ على مدى الحياةِ في منعِ نوبتين قلبيتين وسكتةٍ دماغيةٍ واحدةٍ بين 100 الرجل أولئك. غير أنّ اتباعَ نظامٍ كهذا يتوقّع أن يسبّبَ ثلاثَ حالاتِ نزيفٍ خطيرٍ في المعدةٍ وحوالي سكتةٍ دماغيةٍ نزفيةٍ واحدة.
ماذا تعني التوجيهاتُ الجديدةُ لك؟
ربما كانت توجيهاتُ المسوَّدَةِ الصادرةِ عن الفريقِ الوقائيِّ غيرَ واضحةٍ جداً بخصوص من يجب ومن لا يجب أن يتناولَ الٲسبرين للوقايةِ الأوّلية. وقد اختلفت عن توجيهاتِ الفرقِ الأخرى.
تؤيّد كلٌّ من جمعيةِ القلبِ الأمريكيةِ والكلّيةِ الأمريكيةِ لأمراضِ القلبِ والجمعيةِ الأمريكيةِ للداءِ السكريِّ استخدامَ الأسبرين للوقاية الأوليةِ من قبل المرضى ذوي الخطورةِ المرتفعة. غير أنّ الجمعيةَ الأوروبيةَ لأمراض القلبِ لا تؤيّدُ الاستخدامَ الوقائيَّ للأسبرين لأيِّ مريضٍ كان، حتى أولئك ذوي الخطورةِ المرتفعةِ للإصابةِ بالحوادثِ الوعائيةِ (جلطات أو سكتات).
و مع ٳمكانيةِ حصولِ المرضى على الدواء دون وصفةٍ طبيةٍ فسيعود خيارُ ٲخذِ الدواءِ أو عدمِ ٲخذِه إلى المرضى أنفسِهم. و في دراسةٍ استقصائيةٍ تم نشرُها في عام 2015 أوضحتْ أنّ ما يقارب نصفَ البالغين في الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيةِ الذين لا يعانون من أمراضٍ قلبيةٍ وعائيةٍ يتناولون الأسبرينَ بانتظامٍ بغرضِ الوقاية.
إذن ما الذي يجب على المرضى القيامُ به؟
ٳذا كان عمرُك يتجاوز الـ 40 وليس لديك تاريخٌ مع الأمراضِ القلبيةِ الوعائيةِ، وَجب عليك استشارةُ طبيبِك وإجراءُ الفحوصِ اللازمةِ لتقديرِ احتمالِ إصابتِك بأمراضٍ قلبيةٍ وعائيةٍ في السنواتِ العشرِ القادمةِ، فإذا كان الخطرُ أكبرَ من 10% فلْتناقِشْ مع طبيبِك إمكانيةَ تناولِك للأسبرين على سبيل الوقاية.
فيما يتعلق بالمرضى غيرِ المعرّضين لخطرِ النزفِ يمكن أن يكون العلاجُ الوقائيُّ بالأسبرين فكرةً جيدةً، ولكنْ عليهم الأخذُ بعين الاعتبارِ أنّ فرصَ حدوثِ نزفٍ خطيرٍ نتيجةَ ذلك تعادل تقريباً فرصَ الوقايةِ من نوبةٍ قلبيةٍ أو سكتةٍ دماغية. والعديدُ من المرضى لا يرغبون بهذه المجازفة!
أما بخصوصِ المرضى الذين تقلُّ أعمارُهم عن 70 سنةً ممّن يقلُّ خطرُ ٳصابتِهم بمرضٍ قلبيٍّ وعائيٍّ عن 10%، فيجب عليهم أن يمتنعوا بوجهٍ عامٍّ عن العلاجِ بالأسبرين.
ختاماً نقول أنّ التطبيقَ العمليَّ لما ورد في هذه الدلائلِ الإرشاديةِ في الولاياتِ المتحدةِ يبقى متعلقاً بالتزام مقدّمي الرعايةِ الأوليةِ بقراءتِها والموافقةِ عليها، ومن ثَمَّ تحويلِها إلى الممارسةِ السريرية.
المصدر:
هنا