الأسماكُ والحشراتُ تُلْهِم العلماءَ لِتصميمِ عدساتٍ لاصقةٍ مستقبليةٍ
الهندسة والآليات >>>> التكنولوجيا الطبية
على الرّغْمِ مِنْ أنّ العدسات اللاصقة الطبية قد ساعدت عدداً كبيراً ممن يعانون من مشاكل في الرؤية، و في نفس الوقت لا يفضلون ارتداء النظارات الطبية العادية، إلا أن العدسات اللاصقة تسبب بعض المشاكل مثل الحساسية في عيون بعض الأشخاص لمادة العدسات اللاصقة، وجفاف العين لدى البعض الآخر مما يجعل استعمال العدسات اللاصقة أمرا ً شاقا لهم.
لاحظَ علماءُ البيئة بأن هناك نوع من الأسماك يسمى " أنف الفيل" يستطيعُ الرؤية بشكل محيطي للكائنات الحية، التي قد تهدد حياتها بالخطر، و ذلك نتيجة للتصميم الفريد لقزحية عين هذه السمكة.
دَرَسَ مجموعةٌ من الباحثين تركيبَ قزحية العين لهذه السمكة، فوجدوا لديها القدرة على تعديل التركيز، الأمر الذي أَلهَمَهم لتطبيق ذلك على العدسات الطبية.
تَخَيلْ ، عدسة لاصقة يمكنها تعديل التركيز بأجزاء من الثانية، سيصبحُ هذا المنتج مغيراً لحياةِ كثيرين ممن يعانون من طولِ النظرِ (عدم القدرة على رؤية الأشياء القريبة بوضوح) ، هنالك مليار شخص حول العالم مصابون بطول النظر، نصفهم يشتكونَ مِنْ أن عدساتهم اللاصقة أو نظاراتهم الطبية لا تعطي الدقة الصحيحة للإبصار، حسبما وصف قائد البحث الدكتور هونغوري.
على الرغم من أنّ العدسات الطبية و العدسات اللاصقة والعمليات الجراحية للعين تعطي تحسّناً للرؤية عند المريض. إلا أن المصابين لا يستطيعون استرداد القدرة على تمييز التباين في الألوان، و تختلف الحساسية نحو الألوان، بالإضافة الى صعوبة الرؤية ليلاً حتى مع وجود العدسات التصحيحية.
يقولُ جيانغ بأنّ فكرَتَه تَكمنُ في تَمكيّن عين المريضِ من تعديلِ تركيزِ القزحية بما يتناسب مع حساسية القرنية، والقدرة على الرؤية كما لو كان في مقتبل العمر.
لقد حَصَلَ الفريقُ على دَعمِ جمعيةِ العيونِ الوطنيةِ عن هذا البحث عام 2011، إلا أن المشروع لا زال يحتاجُ للمزيد من التطوير؛ نظراً لوجود بعض العقبات الهندسية التي لم تُحَلّ لغاية الآن، مثل التصميم الأمثل للعدسة ، و خوارزمية التحكم في الحساسات، وتصغير الشرائح الالكترونية المستخدمة، وإيجاد طريقة لتزويد المشروع بالطاقة، حيث إنه لا يمكن تعليق بطارية أمام عين المريض بشكل دائم.
في بحثٍ نَشَرَه الفريق البحثي في مجلة أكاديمية العلوم الوطنية، أوضحَ الباحثون من خلاله الخطوات الأولية لاستخدام حساس الصورة، و عَلّقَ الفريقُ على أن الحساسات المستخدمة يجب أن تكون صغيرةً جدًا بشكل نانوي، و بنفس الوقت يجب أن تكون قادرة على التعرف على الصور حتى في الإضاءة المتدنية.
و ما زالَ الباحثون يدرسون التركيب الدقيق لعين سمكة "أنف الفيل" ، حيث أن قزحية العين فيها تتكون من مجموعة من الجدران العاكسة على شكل كؤوس الماء، مما يساعد على تجميع أكبر قدر من الإضاءة المحيطة، وبالتالي تكوين الطول الموجي الملائم لرؤية السمكة. وبمحاكاة دقيقة لهذا المبدأ، قام فريق البحث بعمل جهاز يتألف من ألاف المُجَمّعات الضوئية تشبه النتوءات الميكروية للزجاج، عندما نشاهده تحت المجهر. وتم عمل تجاويف داخل النتوءات وطليها بمادة الألومنيوم العاكس للضوء، وقام الفريق باختبارِ التصميم على عين صناعية موجودة في المختبر.
وفي دراسةٍ أخرى، قام الباحثون بتصميمِ واختبار عدسات لاصقة تم بناؤها بأسلوب مختلف، قاموا بعملِ عدسات سائلة باستخدام زيت السليكون والماء دون أن تندمج، ويتم وضع قطرة الخليط الهلامي على شريحة مرنة ويتم تعريضها لتيار كهربائي يُغير التوتر السطحي على محيط القطرات الهلامية بترتيب مدروس وبتركيز بَصَريّ محسوب. ويمكن لهذه العدسة التركيز على جسم حجمه 20 ميكرومتر (2بال100000 من المتر) أي بعرض مُقَارِب لأصغر شعرة من جسم الإنسان.
وقامَ نفسُ الفريقِ بتطويرِ عدسةٍ أخرى تم استيحائها من الحشرات المفصلية، حيثُ إن عيون الحشرات عبارة عن آلاف العدسات الميكروية التي تشير إلى اتجاهات مختلفة لرؤية جزء من المشهد المحيط، وقام الفريق البحثي بعمل عدسات تتألف من صفوف من العدسات الميكروية التي تم صنعها من خيوط السليكون النانوية. ويقولُ الفريق بأن العدسات الميكروية تعطي دقة أوضح من العدسات الهلامية التي ذكرناها سابقاً. وللتحكم في التركيز يجب تزويدها بمصدر للطاقة، ويحاول الفريق حل مشكلة الطاقة من خلال تصميم خلايا شمسية ميكروية يتم تضمينها في العدسة.
Image: industrytap.com
إن هذه الأبحاث التي لها صلة بحياة الإنسان وعلاج المشاكل الصحية، تلقى ترحيباً لدى الجميع و على مر الأزمنة، وذلك لأن الإنسان لن يتوقف عن الطموح ليبقى دوماً بصحة جيدة، و يعيش حياة خالية من الأمراض، فإذا كانت لديك فكرة اختراع أو بحث طبي فابدأ به الآن لأنه سيلقى الترحيب من الجميع في كل بقاع الكرة الأرضية.
المصدر: هنا